عكس ما وعد به إبان حملته الانتخابية، وقَّع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الجمعة 16 أبريل/نيسان 2021، أمراً بتقييد سقف قبول اللاجئين في بلاده ليصل إلى 15 ألف شخص فقط كل عام، وهو الأمر الذي انتقده نشطاء وحقوقيون وخيّب آمال بعض الديمقراطيين، خاصةً أن هذا هو العدد الأدنى على الإطلاق في برنامج قبول اللاجئين بالولايات المتحدة.
حيث قالت إدارة بايدن إنها ستُبقي الحد الأقصى عند 15 ألف لاجئٍ هذا العام، وهو رقمٌ كان الرئيس السابق، دونالد ترامب، قد وضعه حين كان في البيت الأبيض، إلا أنها جراء "عاصفة" الغضب تعهدت بمراجعة أعداد اللاجئين.
خطة بايدن الأولية
حسب خطة بايدن الأولية، سيُخصص 15 ألف مكانٍ لأجزاء مختلفة من العالم، منها 7000 لإفريقيا، و1000 لشرق آسيا، و1500 لأوروبا وآسيا الوسطى، و3000 لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، و1500 للشرق الأدنى وجنوب آسيا، و1000 للاحتياطي غير المخصص.
لكن لجنة الإنقاذ الدولية عبّرت عن شعورها بخيبة أمل شديدة، من جرّاء قرار بايدن "الأولي"، داعيةً الولايات المتحدة إلى العودة إلى "القيادة العالمية" فيما يتعلق باللاجئين.
موقف إدارة بايدن أرجعته إلى ما وصفته بالحالة الطارئة للاجئين وغير المتوقعة، بسبب "العنف السياسي الجديد إلى جانب القمع والأزمات الإنسانية في عدة دول، من بينها سوريا، فضلاً عن الظروف المتغيرة بسبب جائحة كورونا".
انتقادات لاذعة
عقب الإعلان عن هذا القرار ظهرت انتقادات لاذعة له، الأمر الذي جعل البيت الأبيض يصدر بياناً في اليوم ذاته، قائلاً إن بايدن سيضع "سقفاً نهائياً متزايداً للاجئين للفترة المتبقية من هذه السنة المالية بحلول 15 مايو/أيار المقبل"، مشيراً إلى أن الإعلان الأصلي أو البيان الأول كان "موضع ارتباك".
البيت الأبيض سعى لاحتواء الغضب، بالقول إن "الطموح لا يزال قائماً في زيادة الأعداد".
إذ أشار جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، إلى أن أمريكا بحاجة إلى إعادة بناء برنامج اللاجئين لديها، مضيفاً: "سنستخدم الـ15 ألف فرصة لجوءٍ جميعها في إطار التصميم الجديد، ونعمل مع الكونغرس على زيادة القبول والبناء على ما لدينا وصولاً للأرقام التي التزمنا بها".
كان بايدن، البالغ من العمر 78 عاماً، قد اقترح خطةً لرفع عدد الحاصلين على ضمانة دخولٍ للولايات المتحدة إلى 62500 لاجئ، لكن ذلك الاقتراح جاء في خضم مخاوف من قبول مزيدٍ من المهاجرين فيما تتزايد أعداد المهاجرين عبر الحدود الأمريكية المكسيكية.
بينما لفت مسؤول كبير بإدارة بايدن إلى أنه بموجب قرار رئاسي طارئ وقَّعه بايدن، الجمعة 16 أبريل/نيسان الجاري، فإن الولايات المتحدة ستوفر حق اللجوء السياسي لنطاقٍ أوسع من دول العالم مما سمح به ترامب.
"أمر خاطئ تماماً"
من جهتها، قالت ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، عضوة مجلس النواب الأمريكي، إن "هذا الأمر غير مقبولٍ بالمرَّة، لقد وعد بايدن باستقبال المهاجرين وانتخبه الناس على أساس ذلك الوعد. إن التمسك بكراهية الأجانب والسياسات العنصرية لإدارة ترامب، وضمن ذلك الحدُ الأقصى لعدد اللاجئين الذي يُعد الأقل تاريخياً، أمر خاطئ تماماً".
بدوره، وصف علي نوراني، المدير التنفيذي لمُنتدى الهجرة الوطني، لصحيفة The Washington Post الأمريكية، قرار بايدن بـ"المُحبط للغاية"، متسائلاً: "ألم يكن أفضل للولايات المتحدة، وهي أقوى دولة في العالم، أن تفعل أفضل من ذلك؟".
كما نشر بوب منديز، السيناتور الديمقراطي الذي يرأس لجنة العلاقات الأجنبية، رسالةً كان قد كتبها لبايدن في فبراير/شباط الماضي. ولفت في تلك الرسالة، إلى أنه كان يُقنع بايدن برفع الحد الأقصى للمهاجرين وينتقد تأخُّر الإدارة في اتخاذ قرارٍ بذلك الصدد، مضيفاً: "لم يحدّ ذلك القرار فقط من أعداد اللاجئين المقبولين في أمريكا، ولكنه كذلك منع وزارة الخارجية من الاعتراف باللاجئين الذين فُحصوا بالفعل وينتظرون، لأن النظام لا يجد لهم تصنيفاً ضمن الفئات شديدة الضيق التي وضعتها إدارة ترامب".
أدنى المستويات التاريخية في عهد ترامب
جدير بالذكر أن قبول اللاجئين كان قد وصل إلى أدنى مستوياته التاريخية في عهد ترامب، الذي صوَّر اللاجئين على أنهم تهديد أمني، وجعل الحد من عدد المهاجرين المسموح لهم بدخول الولايات المتحدة سمة مميزة لولايته.
يشار إلى أنه منذ بدء السنة المالية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أُعيد توطين ما يزيد قليلاً على 2000 لاجئ في الولايات المتحدة.
فيما كان قد أعيد توطين نحو 85 ألفاً في العام الأخير من رئاسة الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما.
في حين تُظهر أرقام الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 80 مليون لاجئ بجميع أنحاء العالم، 85% منهم في الدول النامية.
نهج مخالف لترامب
هذا القرار "الأوَّلي" بخصوص برنامج قبول اللاجئين قد يتناقض مع توجه بايدن، الذي اتخذ منذ دخوله البيت الأبيض، في 20 يناير/كانون الثاني 2021، سلسلة قرارات تخص السياسة الخارجية، أنهى بها سياسات تبناها سلفه ترامب (2017-2021)، وأثارت انتقادات واسعة داخل وخارج الولايات المتحدة.
شملت قرارات بايدن ملفات متنوعة، منها إحلال السلام والاستقرار، واحترام الحريات وحقوق الإنسان، ومكافحة التمييز على أساس الدين والعرق، ومحاربة التغير المناخي، ودعم منظمات الأمم المتحدة.
بينما ركز بعضها على العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ودول أخرى، فإن البعض الآخر ذو تأثير أشمل، إذ يستهدف الإسهام في تحسين أوضاع العالم.