تسعى بعض المؤسسات الخيرية الإسلامية في بريطانيا إلى جمع تبرعات تفوق قيمتها 8 ملايين دولار خلال شهر رمضان، سيخصصها مسلمو بريطانيا بالكامل لليمن، وذلك رداً على قرار الحكومة البريطانية تقليص المساعدات المقدمة لليمن، الذي يعاني سكانه من أزمة خانقة بسبب الحرب، ويوشك على الوقوع في براثن الفقر.
في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 15 أبريل/نيسان 2021، ذكرت منظمة اليونيسف، أن 80% من سكان اليمن- أي أكثر من 24 مليون شخص، بينهم أكثر من 12 مليون طفل- في حاجة للمساعدات الإنسانية. وسيعاني نحو 2.3 مليون طفل تحت سن الخامسة، من سوء التغذية الحاد في عام 2021.
تقليص المساعدات البريطانية كان "صادماً"
تأمل مؤسسة أيادي المسلمين Muslim Hands البريطانية أن تساعد تلك الفترة المقدسة لدى المسلمين في جمع 6 ملايين جنيه إسترليني (ما يعادل 8.27 مليون دولار أمريكي)، على أن تُنفق التبرعات في اليمن هذا العام.
في عام 2020، جمعت المؤسسة الخيرية 32 مليون جنيه إسترليني (نحو 44 مليون دولار أمريكي)، منها 13.8 مليون دولار خلال شهر رمضان. ووُجِّه نحو 1.5 مليون دولار أمريكي من تلك المساعدات إلى اليمن.
يقول عبدالرحمن حسين، مدير برامج مؤسسة أيادي المسلمين في اليمن، إن تقليص المساعدات على يد الحكومة البريطانية كان "صادماً"، وسيؤثر تأثيراً هائلاً. تخيل أن طفلاً دون الخامسة يموت في اليمن كل 10 دقائق. إنهم في حاجة إلى زيادة التمويل، لا تقليصه. وبعد ست سنوات من الحرب، يتحول الوضع من سيئ إلى أسوأ".
عبدالرحمن أوضح أنه خلال إحدى الرحلات إلى البلاد، رأى أطفالاً في السادسة من العمر يتعرضون للإغماء في المدارس بسبب الجوع.
في أحد مراكز المساعدات، طلبت منه إحدى الأسر أن يأخذ أطفالها، لأنها لم تعد تجد قوتاً لهم. ويتذكر عبدالرحمن تلك الواقعة قائلاً: "قالوا لي: لا يمكننا إطعامهم، هل يمكنك رجاءً أن تأخذهم".
اليمنيون لا يعرفون متى سيتناولون وجبتهم
تقدّم مؤسسة "أيادي المسلمين" حقائب أغذية تكفي أسرة من سبعة أفراد لمدة شهر، وتضم المستلزمات الأساسية، من طحين، وأرز، وزيت، وفول.
قال حسين: "مجرد حقيبة غذاء تمثل الفارق بين الحياة والموت. إن ملايين اليمنيين لا يعرفون متى سيتناولون وجبتهم التالية".
فقد أسست الجمعية الخيرية ثلاثة مصانع لإنتاج الخبز في مدينتين. وبتكلفة 360 جنيهاً إسترلينياً (ما يعادل نحو 497 دولاراً أمريكياً) في اليوم الواحد، يمكن إطعام 5000 شخص، بتقديم رغيفي خبز يحصل عليهما كل شخص من كل تلك المصانع. وتأمل المؤسسة زيادة عدد المصانع إلى خمسة.
كما قال عبدالرحمن: "إذا لم نقدم لهم تلك الأرغفة، فإنهم ببساطة لن يأكلوا، وإذا لم نقدم حقائب الطعام هذه، فلن يأكل الناس شيئاً".
فيما تدير المؤسسة أيضاً برامج لتغذية الطلاب في المدارس ومركزاً طبياً بمحافظة أَبْيَن الواقعة جنوب شرقي العاصمة صنعاء. ويعالج المركز الطبي نحو 90 شخصاً يومياً، أغلبهم من الأطفال. ويقدم كذلك خدمات الرعاية الطارئة، والتغذية، والتلقيح، فضلاً عن خدمات الصحة الإنجابية ورعاية الأمهات. وتكلف إدارة هذا المركز كل يوم 350 جنيهاً إسترلينياً (ما يعادل 482 دولاراً أمريكياً).
يقول عبدالرحمن، وهو يمني يعيش في المملكة المتحدة منذ 23 عاماً، إنه اعتاد السفر إلى وطنه كل عام تقريباً. وأضاف: "لقد صار اليمن بلداً لم أعد أعرفه. لم يسبق قط أن رأيت وضعاً كهذا في حياتي بأسرها".
مسلمو بريطانيا يتبرعون لليمن
حسب الصحيفة البريطانية فإن رمضان هو أبرز مواسم جمع التبرعات بالنسبة لمؤسسة الإغاثة الإسلامية، وهي أكبر مؤسسة خيرية إسلامية في المملكة المتحدة. وخلال العام الماضي، شكلت التبرعات التي جمعتها المؤسسة خلال شهر رمضان المبارك، أكثر من 40% من إجمالي دخلها السنوي من التبرعات. وقالت المؤسسة، إن عدداً كبيراً من المسلمين يختار شهر رمضان لأداء فريضة الزكاة.
قالت مؤسسة الإغاثة الإسلامية إنها جمعت أكثر من 3.5 مليون جنيه إسترليني (ما يعادل 4.83 مليون دولار أمريكي)، من أجل اليمن خلال العام الماضي، وهي زيادة تقدّر بـ80% مقارنة بعام 2019. وواصلت التبرعات المقدمة لصالح اليمن الزيادة خلال الأشهر الـ12 الماضية.
كما أنه لدى المنظمة الخيرية مشاريع في 17 محافظة من إجمالي محافظات اليمن البالغ عددها 22 محافظة. وتدعم برامج التغذية في 155 مركزاً صحياً، كما تعمل على تأسيس محطات المياه والصرف الصحي وإصلاحها.
يقول محمد ذو القرنين عباس، مدير برامج مؤسسة الإغاثة الإسلامية باليمن: "في كل شهر، ندعم وصول 2.3 مليون شخص إلى الغذاء".
عباس أوضح أن كثيراً من الأسر الصائمة باليمن لا يمكنها الحصول على طعام لائق في وجبتي السحور والإفطار. وأضاف: "هذا يجعل حياتهم مأساوية حقاً. وأحياناً، شهدنا بأعيننا في مناطق مختلفة، الناس وهم مجبرون على الإفطار بعد صيامهم، على قليل من الماء، وحتى الماء ليس نظيفاً".
كما قال عباس، إنّ وضع جائحة كوفيد-19 في اليمن حرج. "فإذا ذهبت إلى المقابر لحضور جنازة شخصٍ ما، فستجد ثلاث أو أربع جثث أخرى جُلبت للدفن".