في غياب لافت لجمهورية مصر العربية، شهدت قبرص الرومية، الجمعة 16 أبريل/نيسان 2021، لقاءً رباعياً ضم وزير خارجيتها نيكوس خريستوذوليديس، ونظيريه اليوناني نيكوس ديندياس، والإسرائيلي غابي أشكنازي، والمستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش.
جاء ذلك في مدينة بافوس (الواقعة بشرق البحر المتوسط) في قبرص الرومية، بحسب بيان لوزارة الخارجية الإسرائيلية.
فيما أشار الحضور، إلى أن الاجتماع الأول الذي جمع أربعتهم، يبعث برسالة، مفادها أن "مرحلة جديدة دخلتها المنطقة تقودها المصالح المشتركة، لتكون منطقة ازدهار وسلام"، مضيفين أن الطريق مفتوح للدول الراغبة في الانضمام إليهم، بناء على ما وصفوه بـ"قاعدة احترام القانون الدولي".
كما تناول المشاركون في الاجتماع كيفية مواجهة جائحة كورونا، وتعزيز التعاون في المجالات التكنولوجية لمكافحة الوباء، والبحث الطبي، واللقاحات، فضلاً عن التعاون في العديد من المجالات الأخرى، مثل "الطاقة والحماية المدنية والدواء والطب والتواصل بين الشعوب".
يشار إلى أنه خلال شهر سبتمبر/أيلول 2020، تم تدشين "منتدى غاز شرق المتوسط" رسمياً، بعد مصادقة حكومات كل من مصر والأردن وإسرائيل وقبرص (الرومية) واليونان وإيطاليا وفلسطين، كأعضاء مؤسسين انضمت إليهم لاحقاً فرنسا.
دول ذات "عقلية واحدة"
خلال مؤتمر صحفي عقب انتهاء الاجتماع، صرّح وزير الخارجية القبرصي بأن اجتماعهم اليوم "له أهمية رمزية، وليس موجهاً ضد أي دولة؛ فالطريق مفتوح لكل دول المنطقة للانضمام إلينا"، مشيراً إلى أن هذا الاجتماع بين دول لديها "عقلية واحدة، وأجندة إيجابية، ويأتي بعد الاتفاق التاريخي (التطبيع) بين الإمارات وإسرائيل، وهذه الخطوة التاريخية تفتح فصلاً جديداً في المنطقة".
كما أضاف خريستوذوليديس أن اجتماعهم، الذي يأتي في ظل ما يُوصف بالصراع في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، يؤكد تعزيز ما يصفه بالعمل المشترك والتفاهم، و"التعاون بين هذه الدول يبرز أكثر فأكثر بمنطقتنا، ويخلق خطاباً جديداً. ويعزز خطابنا الخيّر، كي لا تكون هناك نزاعات وأزمات في المنطقة؛ التعاون الإقليمي يحقق منافع مشتركة في شتى المجالات"، على حد قوله.
احترام "حقوق الجيران"
من خلال التعاون تسعى الدول الأربع إلى أن يكون هناك منتدى إقليمي للأمن، مبني على أجندة وبرنامج إيجابي، حسب وزير الخارجية القبرصي، الذي قال إن "الطريق مفتوح لكل دول المنطقة للانضمام إلينا، وهذا ما نتطلع إليه"، مشدداً على أن "الشرط الوحيد للانضمام، هو احترام (الجيران)، وعدم التدخل بشؤون الدول الأخرى، واحترام سيادتها، واحترام القانون الدولي، والحل السلمي للنزاعات"، حسبما قال.
رؤى "مشتركة" وأجندة "إيجابية"
من جهته، ذكر المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أنور قرقاش، أن الاجتماع "كان فرصة لتبادل الرؤى بشأن التعاون على أعلى المستويات بين دولنا، وتحقيق الاستقرار الإقليمي وضمان الأمن وتطور الاقتصاد في كل المنطقة"، متابعاً أنهم تحدثوا عن رؤاهم "المشتركة" عن التعاون، وفهمهم للقضايا بالمنطقة مثل الطاقة ومكافحة جائحة كورونا.
قرقاش لفت إلى أن بلاده تريد تحقيق ما وصفها بـ"الأجندة الإيجابية جداً"، مؤكداً أن اتفاق التطبيع مع إسرائيل يضع استراتيجية مهمة تسعى لتحقيق الاستقرار وتكوين الفرص، مضيفاً: "بمشاركتها في الاجتماع، تريد دولة الإمارات أن تنضم للجهود لدعم الاستقرار بالمنطقة، وأن تؤكد أن الحلول السياسية هي السبيل لإنهاء الأزمات بالمنطقة"كما قال.
شراكة تمتد من الخليج إلى شواطئ البحر المتوسط
بدورها، علقت وزارة الخارجية الإسرائيلية على الاجتماع بالقول، في بيان، إن "إيران وحزب الله (اللبناني) يقوضان استقرار الشرق الأوسط وإمكانية تحقيق السلام الإقليمي"، مؤكدةً أن طهران "عبر نفوذها من خلال وكلائها في المنطقة، تجلب معها الدمار وعدم الاستقرار في سوريا ولبنان والعراق واليمن، خاصةً أنها تعمل على امتلاك أسلحة نووية وتواصل تطوير صواريخ بعيدة المدى ستشكل تهديداً خطيراً لإسرائيل وجيرانها".
بينما لم يوضح البيان الإسرائيلي مزيداً من التفاصيل عن اللقاء وأبعاد ما جرى فيه.
في السياق ذاته، قال أشكنازي، خلال المؤتمر الصحفي، إن "تل أبيب تعمل مع حلفائها من أجل التنفيذ السريع لاتفاقيات أبراهام (اتفاقيات التطبيع)"، لافتاً إلى أن الدول الأربع "قريبة من بعضها جغرافياً وتتقاسم المستقبل".
تغيير وجه الشرق الأوسط
المسؤول الإسرائيلي قال أيضاً: "هذا أحد نتائج تغييرات الشرق الأوسط العام الماضي؛ فبفضل القرار الشجاع من الزعماء صنعنا التاريخ ووقعنا الاتفاق الإبراهيمي، التي تغير وجه الشرق الأوسط (..) هذا الاتفاق يؤكد أن الطريق للسلام يتطلب مفاوضات"، مشدّداً على أن هناك شراكة تمتد من الخليج العربي إلى شواطئ البحر المتوسط، لبناء "مستقبل أفضل يخدم كل المنطقة، ونجد مصلحة مشتركة لمواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة".
فيما استطرد أشكنازي قائلاً: "بدأنا اليوم طريقاً جديداً للتعاون الإقليمي، وإسرائيل ملتزمة بهذا المسار، وأدعوكم لأن تأتوا لإسرائيل في أسرع وقت. معاً نحقق رؤانا بالتعاون لخدمة شعوبنا"، على حد قوله.
أيضاً قال أشكنازي، وهو يقف على منصة المؤتمر بجوار قرقاش أمام خلفية لشرق البحر المتوسط، إن اتفاقات التطبيع خلقت "فرصة حقيقية" لتغيير وجه الشرق الأوسط، متابعاً: "إذا كنتم لا تصدقون ذلك، فاسألوا أنفسكم عما إذا كان بإمكانكم رؤية هذه الصورة قبل عام واحد فحسب".
تعزيز المصالح بين البلدان الأربعة
كانت الخارجية الإسرائيلية قد أشارت، في بيان آخر، الخميس، إلى أن اللقاء الرباعي يبحث تعزيز المصالح الاستراتيجية الإقليمية بين البلدان الأربعة، ويناقش القضايا الإقليمية والتعاون المحتمل بينها، مع التركيز على القضايا الاقتصادية والسياحية والأمنية، والحرب المشتركة ضد فيروس كورونا.
يذكر أن عام 2020، شهد توقيع الإمارات والبحرين والمغرب اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، فيما لحقهم السودان بتوقيع اتفاق مماثل في يناير/كانون الثاني 2021.
بذلك، تنضم هذه الدول الأربع إلى بلدين عربيين أبرما اتفاقيتي سلام مع إسرائيل، وهما الأردن (1994)، ومصر (1979).