ذكر تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية، الخميس 15 أبريل/نيسان 2021، أن وزارة الدفاع (البنتاغون) ووكالات التجسس الأمريكية والحلفاء الغربيين يعكفون على دراسة خُطط لنشر قوة "عن بُعد" لكنها فعَّالة، في أفغانستان من أجل منع البلاد من التحول مرة أخرى لقاعدة إرهابية، وذلك بالتزامن مع إعلان واشنطن سحب القوات الأمريكية بالبلاد، في موعدٍ أقصاه 11 سبتمبر/أيلول.
وفق التقرير نفسه، فإن القرار يأتي اعتماداً على الدروس الصعبة المستفادة من قرار الرئيس باراك أوباما قبل عقد من الزمن، سحب القوات الأمريكية من العراق، وهي الخطوة التي أفسحت الطريق لظهور تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
تفاصيل الخطة
بعد ثلاث سنوات، يناقش البنتاغون مع الحلفاء مكان إعادة تمركز القوات، ربما في طاجيكستان وكازاخستان وأوزبكستان المجاورة، وذلك حسبما أفاد مسؤولون في الولايات المتحدة.
إذ بإمكان الطائرات الهجومية على متن حاملات الطائرات والقاذفات بعيدة المدى التي تُحلِّق من قواعد برية على طول الخليج العربي والمحيط الهندي، وحتى من الولايات المتحدة، أن تقصف المقاتلين المتمردين الذين ترصدهم طائرات المراقبة المُسلَّحة بدون طيار.
مع ذلك، هناك مخاطر، فقد تتفكك قوات الكوماندوز الأفغانية التي قدمت الجزء الأكبر من المعلومات الاستخباراتية حول تهديدات المتمردين، بعد انسحاب الولايات المتحدة؛ مما يترك فجوة كبيرة يتعيَّن سدُّها.
ومع ذلك، لفت مسؤولون إلى أنَّ تركيا، التي لطالما ارتبطت بعلاقة مباشرة مع أفغانستان إضافة إلى دورها في مهمة حلف شمال الأطلسي هناك، تترك وراءها القوات التي يمكن أن تساعد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في جمع معلومات استخباراتية عن خلايا تنظيم القاعدة.
قوة "غير مرئية"
كان الرئيس جو بايدن قد قال، في خطاب متلفز من البيت الأبيض: "لن نشيح بنظرنا عن التهديد الإرهابي، بل سنعيد تنظيم قدراتنا في مكافحة الإرهاب والأصول الكبيرة بالمنطقة؛ لمنع عودة ظهور الإرهاب الذي يهدد وطننا".
من جانبه، قال ويليام أركين، محلل أمني قديم ومؤلف الكتاب الحديث "The Generals Have No Clothes: The Untold Story of Our Endless Wars- جنرالات دون ملابس: القصة غير المروَّية لحروبنا التي لا نهاية لها": "نحن ننخرط بنشاط في مكافحة الإرهاب، حيث يُبذَل كل جهد ممكن لتقليل الأحذية (القوات) الموجودة على الأرض، وإحلال قوة غير مرئية يمكنها تحقيق القدر نفسه محلها".
أما مارك بوليمروبولوس، وهو موظف سابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، قضى معظم حياته المهنية في العمل على عمليات مكافحة الإرهاب، وضمن ذلك أفغانستان، فيعلق على الأمر قائلاً: "ما نتحدث عنه حقاً هو كيفية جمع المعلومات الاستخباراتية ثم العمل ضد أهداف إرهابية دون وجود أية بنية تحتية أو أفراد في البلاد بخلاف السفارة في كابول".
فيما صرَّح ويليام ماكرافين، أميرال البحرية المتقاعد الذي قاد الغارة التي قتلت أسامة بن لادن، في مقابلة، يوم الأربعاء 14 أبريل/نيسان: "إذا سمح الرئيس بذلك، فسنظل قادرين على تقديم مستوى معين من الدعم العسكري لقوات الأمن الوطني الأفغانية بعد مغادرة البلاد".
تدخُّل عن بُعد
وبالنسبة للبنتاغون ووكالات الاستخبارات المركزية، يتمثل السؤال الرئيسي الآن في مدى السهولة التي يمكن بها تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب من خارج أفغانستان، ولدى مثل هذه العمليات سجل تاريخي مختلف بالتأكيد؛ فقد حققت ضربات صواريخ كروز التي أُطلِقَت من سفن بعيدة ضد أهداف إرهابية في أفغانستان معدل نجاح منخفضاً.
وتحتفظ الولايات المتحدة بسلسلة من القواعد الجوية بمنطقة الخليج العربي، وكذلك في الأردن، ويدير البنتاغون مقراً جوياً إقليمياً رئيسياً بقطر. لكن كلما توجَّب على قوات العمليات الخاصة السفر إلى أبعد من ذلك لضرب هدف، زاد احتمال فشل العمليات، إما بسبب خطأ في تحديد الهدف وإما نتيجة فشل ذريع يمكن أن يقتل أفراد الخدمة الأمريكية أو المدنيين على الأرض، وفقاً للمسؤولين الذين درسوا سجلات العمليات المماثلة.
لكن من جانبه، استشهد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في اجتماعه مع حلفاء منظمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل يوم الأربعاء 14 أبريل/نيسان، بقدرة الجيش على ضرب أهداف إرهابية في المناطق الساخنة البعيدة "بإفريقيا وأماكن أخرى" حيث يتمركز عدد قليل من القوات الأمريكية، أو لا توجد على الإطلاق، في إشارة -على ما يبدو- إلى ضربات الطائرات بدون طيار وغارات الكوماندوز بالصومال واليمن وليبيا في السنوات الأخيرة.
وقال أوستن للصحفيين: "لا أظن أنَّ هناك رقعة على سطح الأرض لا تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها الوصول إليها".