حمّل تحقيق داخلي أجرته جهات إنفاذ القانون الأمريكية في الأحداث التي وقعت يوم السادس من يناير/كانون الثاني الماضي وشهدت اقتحام مبنى الكونغرس (الكابيتول)، قسمَ الشرطة المسؤول عن تأمين المجمع جزءاً من المسؤولية حول التطورات التي عرفها "الكابيتول" وذلك بعد أن كشف عن وجود "أوجه قصور بالغة".
حسب وكالة "رويترز" للأنباء، التي اطلعت على ملخصات تحقيق شرطة الكابيتول، فإن التحقيق خلص إلى وجود أوجه قصور بالغة في قسم الشرطة المسؤول عن تأمين المجمع، كما أصدر التحقيق عشرات التوصيات لتجنب تكرار أعمال عنف مماثلة.
سوء تنسيق وتدريب
إذ ركز تحقيق المفتش العام لشرطة الكابيتول، في تقريرين قدمهما للكونغرس الشهر الماضي، على "أوجه القصور" داخل وحدة قسم الشرطة التي تتعامل مع الاضطرابات المدنية وعلى سوء التنسيق والتدريب داخل عملياتها المخابراتية.
وخلص المفتش العام بعد التحقيق إلى أن وحدة مواجهة الاضطرابات المدنية في الشرطة كانت تعمل يوم الاقتحام "بمستوى منخفض من الجاهزية".
وقال إن الوحدة كان عليها أن تقوم بعمل أفضل فيما يتعلق بتوزيع الذخيرة والأسلحة ودروع مواجهة الشغب على الضباط.
جدير ذكره، أنه من المقرر أن تعقد لجنة الإدارة في مجلس النواب جلسة علنية غداً الخميس سيدلي فيها المفتش العام لشرطة الكابيتول ميشيل بولتون بشهادته.
فشل أمني كارثي
هو الوصف الذي استعملته صحيفة The Washington Post الأمريكية، في تقرير سابق لها يعود للسادس من يناير/كانون الثاني 2021، بعد أن تمكن عشرات المؤيدين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب من اقتحام لمبنى الكابيتول.
وتساءلت الصحيفة، في التقرير نفسه: كيف يمكن أن يتمكن أناس لا يحملون إلا الأعلام والدروع والعصي من اقتحام مبنى يملك وحده قسم شرطة يضم ألفي ضابط، في مدينة ترتفع فيها درجة الاستنفار.
كما استنكرت الصحيفة الأمريكية كيف أن وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية والحرس الوطني الأمريكي ظلت بعيدة عن الأنظار في شوارع واشنطن، مستحضرة في ذاكرتها كيف كان حضورهم قوياً على نحو مخيف أثناء الاحتجاجات التي أعقبت وفاة جورج فلويد الصيف الماضي.
أما في الكابيتول نفسه أثناء عملية اقتحام الكونغرس، فقد وضعت الشرطة حواجز ضعيفة، وارتدى أغلب الضباط الزي الاعتيادي وليس زي مكافحة الشغب. فيما قال مسؤولو إنفاذ القانون إن كل شيء كان معداً لقمع مظاهرة، ليس لردع هجوم.
سلوك يثير الريبة
حتى إن خبراء إنفاذ القانون ذُهلوا من الأساليب التي استخدمتها الشرطة بعد أن صارت الحشود داخل الكابيتول وتمت عملية اقتحام الكونغرس.
تقول الصحيفة الأمريكية: "لم يبدُ أن الشرطة تحاول اعتقال المشاغبين المتورطين في اقتحام الكونغرس، بل سمحت لهم بالمغادرة دون الوقوف في طريقهم، بل إن واحداً منهم مدّ يده لامرأة يساعدها على تسلق سلم الكابيتول".
بعد وقت وجيز من إطلاق النار، تولّت شرطة العاصمة عملية إخلاء الحشود من مناطق الكابيتول. وقالت العمدة موريل بوزر (الديمقراطية) إن شرطة الكابيتول طلبت الدعم من ضباط شرطة العاصمة، للمساعدة في "استعادة النظام داخل الكابيتول".
ولكن الواقع أن هذا لم يكن فشلاً أمنياً لحظياً، بل إنه نتاج ضعف باد للنظام السياسي الأمريكي أمام الاستقواء الجمهوري اليميني وضعف ردود فعل الديمقراطيين.
فبصرف النظر عن الأخطاء الأمنية الإجرائية، فإن رد فعل الشرطة الأمريكية والنظام السياسي الأمريكي برمته الضعيف أمام انتهاكات اليمين مقارنة بالصرامة النسبية أمام اليسار مسألة اجتماعية وسياسية بالأساس، تعود جذورها إلى نشأة أمريكا نفسها وطبيعة الحزبين الحاكمين في البلاد.