تجري استعدادات المراسم المصممة بعناية لتوديع دوق أدنبرة الوداع الأخير على قدم وساق، بينما لم يتبقَّ من الزمن سوى خمسة أيام حتى تتجمع العائلة المالكة لحضور جنازة فيليب الملكية، في كنيسة سانت جورج وقلعة وندسور، وتعمل الأسرة المالكة والجيش على مدار الساعة لضمان تجهيز كل شيء من أجل هذه المناسبة التاريخية.
صحيفة Telegraph البريطانية قالت إن مكتب كبير أمناء البلاط الملكي، كُلف بقيادة المراقب المالي للملكة، مايكل فيرنون، بالجانب العملي من اليوم، إذ سيصدر المكتب -الذي يدار عادةً من قصر باكنغهام ويعد مقراً ملكياً- دعوات إلى 30 ضيفاً مختاراً، كما سيتولى طباعة برنامج فعاليات اليوم وتنظيم جميع الترتيبات على نحو سليم.
كواليس جنازة الأمير فيليب
ويجري التخطيط لكل شيء بأدق التفاصيل، بدءاً من توقيت وصول أفراد العائلة المالكة بالضبط وصولاً إلى مواقع جلوسهم داخل الكنيسة وتحركاتهم في أنحائها، ويواجه المسؤولون عن المراسم تعقيداً إضافياً يتمثل في تنفيذ اللوائح الحكومية المتعلقة بجائحة كوفيد-19، لاسيما التباعد الجسدي لمسافة مترين، والالتزام بارتداء الكمامات داخل أماكن العبادة، قبل الجنازة وأثناءها وبعدها.
أما عن كنيسة سانت جورج القوطية، التي تعود للقرن الخامس عشر، فستخضع لعمليات تنظيف لا تشوبها شائبة استعداداً لبث مراسم الجنازة في جميع أنحاء العالم، وفي الوقت نفسه ستختبر هيئة الإذاعة البريطانية كاميراتها ومعداتها التقنية لضمان إتمام البث التلفزيوني بسلاسة.
وشوهد عمال يحملون لفائف السجاد عبر بوابة هنري الثامن بالقلعة، بعدما وصلت شاحنة توصيل من ويتروز إلى المقر الملكي في بيركشاير، كما يستعد كل من رئيس أساقفة كانتربري وكبير كهنة وندسور لأداء أدوارهما، بينما يمارس الجيش مهامه الرئيسية لتكريم خدمات فيليب الحربية وعلاقاته الوثيقة بالقوات المسلحة.
ومن ضمن العناصر التي ستشارك في الجنازة في وندسور حراس غرينادير (فوج المشاة في الجيش البريطاني)، إضافة إلى مشاة البحرية الملكية، وسلاح الفرسان الأسري، أما سيارة لاند روفر المعدلة -التي ساعد فيليب في تصميمها- وتستخدم لنقل نعش الدوق، فستخضع للصيانة، والاختبار، والتلميع، ولا شك أن السائق يتدرب على السير في موكب بطيء مدته ثماني دقائق يقوده تشارلز، أمير ويلز، وأفراد العائلة المالكة الآخرون سيراً على الأقدام إلى الباب الغربي للكنيسة.
وستُعِد أنجيلا كيلي، كبيرة مصففي شعر الملكة ومساعدتها الشخصية المقربة، أزياء الحداد السوداء للملكة وباقي أفراد الأسرة الملكية، فضلاً عن الكمامات السوداء الضرورية، كما يتولى رعاية الملكة فريق محدود من الموظفين يبلغ عددهم بحد أقصى 22 موظفاً، وهي المجموعة التي كلفت بالعناية بها خلال الجائحة في وندسور.
أما نائب الأدميرال السير أنتوني جونستون-بيرت، فيتولى بشكل عام مهمة جميع ترتيبات الضيافة، والطعام، وأعمال الخدمة المقدمة لجميع المقيمين في المقار الملكية.
وتوكل إليه كذلك مهمة التأكد من انضباط كافة الإجراءات الخاصة بالملكة، بينما يعتريها الحزن إثر وفاة الدوق، وسيكون مسؤولاً كذلك عن أي ضيوف يزورونها، كما سيتعين على الملكة أيضاً أن تقرر ما إذا كانت ستبث رسالة متلفزة تكريماً لزوجها الحبيب.
عندما توفيت الملكة الأم عن عمر يناهز 101 عام في عام 2002، تحدثت الملكة إلى الأمة عشية جنازتها لشكر البلاد على دعمها و"الحب والتكريم" الذي أبدته لأمها، وقالت الملكة بينما ترتدي ثوب الحداد: "أنا أعتبر نفسي محظوظة لأن أمي عاشت حياة طويلة وسعيدة، كان لديها شغف ملهم للحياة، وبقي هذا معها حتى النهاية".
وفاة الأمير فيليب
وأعلن قصر بكنغهام في بريطانيا وفاة الأمير فيليب، زوج الملكة إليزابيث، الأسبوع الماضي، عن عمر ناهز 99 عاماً، إذ عانى الأمير فيليب خلال السنوات الأخيرة من مشاكل صحية، ودخل في أكثر من مناسبة للمستشفى، كان آخرها خلال شهر فبراير/شباط الماضي، عندما دخل دوق أدنبرة مستشفى الملك إدوارد السابع الخاص، بعد أن شعر بتوعك نتيجة الإصابة بعدوى لم يتم تحديدها.
وأعلنت الملكة إليزابيث الثانية، التي تعتلي عرش بريطانيا، الحداد ثمانية أيام عقب وفاة زوجها "الحبيب" الأمير فيليب، الذي توفي في نومه يوم الجمعة 9 أبريل/نيسان الجاري، عن عمر 99 عاماً، وذلك قبل شهرين فقط من عيد ميلاده المئة. خلال هذه الفترة لن تحصل القوانين على الموافقة الملكية، كما ستُعلق شؤون الدولة في بادرة تنم عن الاحترام.
كما ستستمر فترة الحداد الملكي بعد ذلك لمدة 30 يوماً آخر، وبعدها ستتمكن الملكة من العودة للحياة العامة وممارسة واجباتها.
صحيفة Mirror البريطانية لفتت، في تقرير نشرته يوم الجمعة 9 أبريل/نيسان 2021، إلى أنه على الرغم من حق الأمير فيليب في أن تُقام له جنازة مهيبة على مستوى الدولة، فإنه أعرب قبل موته عن رغبته في تأبينٍ أبسط بكثير من ذلك، حيث إنه كان قد شارك بنفسه عن كثب في الترتيبات التي نسقها مكتب اللورد تشامبرلين في قصر باكنغهام.
فيما يُعتقد أن جثة دوق أدنبرة ستظهر في قصر سانت جيمس، حيث مكثت جثة الأميرة ديانا لأيام قبل جنازتها عام 1997، وذلك بدلاً من أن يُسجى في نعشٍ مكشوف داخل كاتدرائية وستمينستر آبي المهيبة بلندن.
جدير بالذكر أنه لن يُسمح للعامة برؤية جثة الدوق الذي تُوفي في قلعة ويندسور، وذلك بسبب القيود المفروضة بسبب مرض كوفيد-19.
إذ قالت كلية الأسلحة البريطانية، إن جنازة الأمير فيليب لن تكون رسمية، وإن جثمانه لن يُسجى ليتسنى للجمهور إلقاء النظرة الأخيرة عليه قبل الجنازة، مشيرة إلى أنه تم تعديل المراسم، في ضوء القيود المفروضة لمكافحة وباء كورونا.