أبرمت تركيا وليبيا، الإثنين 12 أبريل/نيسان 2021، 5 اتفاقيات بمجالات مختلفة، في مراسم حضرها الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة، اللذين أكدا التزام الجانبين باتفاق ترسيم الحدود البحرية بشرق المتوسط الذي أُبرم في العام 2019.
جرت مراسم التوقيع، في مؤتمر صحفي مشترك عُقد بأنقرة، بحضور أردوغان والدبيبة، وعدد كبير من الوزراء ومسؤولين معنيين من كلا البلدين، عقب اجتماع ثنائي وآخر موسع على مستوى الوفود.
حيث وقّع مسؤولون من الجانبين الاتفاقيات وهي: "بروتوكول حول إنشاء محطة كهربائية في ليبيا"، و"مذكرة تفاهم لتأسيس 3 محطات كهرباء في ليبيا"، و"مذكرة تفاهم حول بناء محطة ركاب جديدة في مطار طرابلس الدولي"، و"مذكرة تفاهم لبناء مركز تسوق في طرابلس"، و"مذكرة تفاهم حول التعاون الاستراتيجي في مجال الإعلام".
كما وقّع الرئيس أردوغان والدبيبة على البيان المشترك للاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين تركيا وليبيا.
في وقت سابق من يوم الإثنين، وصل وفد حكومي ليبي برئاسة الدبيبة يضم 14 وزيراً، ورئيس الأركان محمد الحداد، إلى أنقرة؛ للمشاركة في الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي.
هذه أول زيارة يجريها الدبيبة لتركيا، عقب تسلم مهامه في 16 مارس/آذار الماضي، لقيادة ليبيا إلى انتخابات عامة خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2021.
أردوغان يطالب المجتمع الدولي بدعم انتخابات ليبيا
من جهته، دعا أردوغان المجتمع الدولي لتقديم "دعم صادق" إلى ليبيا لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر نهاية العام الجاري، مضيفاً: "دعمنا لليبيا حال دون سقوط طرابلس، ومنع ارتكاب مجازر جديدة، وضمِن وقف إطلاق النار، بينما الذين وقفوا إلى جانب الانقلاب والانقلابيين في ليبيا عوضاً عن الحق والعدالة والشرعية شركاء في المجازر".
أردوغان أشار إلى أن هدفهم الرئيسي يتمثل بـ"الحفاظ على سيادة ليبيا ووحدتها السياسية وسلامة أراضيها ورفاه شعبها"، مشدّداً على أن تركيا ستواصل دعم حكومة الوحدة الوطنية الليبية، كما فعلت مع الحكومات الشرعية السابقة
فيما مضى قائلاً: "أولويتنا من الآن فصاعداً أن تعم صلاحية وسيادة حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا سائر أنحاء البلاد"، متمنياً أن "تنتهي مرحلة استغلال الصراع لتحقيق مكاسب تتعارض مع مصالح الليبيين عبر مساندة أطراف غير شرعية".
من ناحية أخرى، لفت الرئيس أردوغان إلى أن تركيا ستسلم ليبيا 150 ألف جرعة من لقاح كورونا اعتباراً من الثلاثاء 13 أبريل/نيسان الجاري.
علاقات على مستوى نموذجي
بدوره، قال الدبيبة إن بلاده ترغب في "الوصول بعلاقاتنا مع أشقائنا الأتراك إلى مستوى نموذجي"، منوهاً إلى أن "ليبيا ستستضيف العديد من المشاريع الإعمارية، ونرغب في تنفيذها من قبل الشركات التركية، كما نرغب بتعزيز التعاون في مجال الطاقة"، متطلعاً إلى التعاون في "المجال الأمني مع الدولة التركية وفق متطلبات الدولة الليبية".
فيما أكد أن الاجتماع (مع الرئيس التركي) كان مهماً جداً، "ونحن نبحث عن علاقات استراتيجية مع تركيا وكل الدول الشقيقة والجارة"، لافتاً إلى "أهمية حماية سيادة ليبيا ووحدتها الاقتصادية، وأن احترام السيادة منطلق لعلاقاتنا مع الدول الشقيقة والصديقة"، وأضاف: "الاتفاقات بين البلدين، وضمن ذلك اتفاق ترسيم الحدود البحرية، تستند إلى إطار سليم".
رئيس الوزراء الليبي كشف أنهم توصلوا إلى تفاهمات (مع الجانب التركي) بشأن استئناف الرحلات الجوية التركية إلى بلاده، دون مزيد من التفاصيل.
كما توجه الدبيبة بالشكر لتركيا على دعمها وقف إطلاق النار الدائم في ليبيا.
كان سريان وقف إطلاق النار قد بدأ في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويسود ليبيا منذ ذلك التاريخ هدوء نسبي حذر.
قبل ذلك وعلى مدار سنوات، عانت ليبيا من صراع مسلح، وبدعم من دول عربية وغربية ومرتزقة ومقاتلين أجانب، قاتلت ميليشيا اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، الحكومة السابقة، المعترف بها دولياً.
"الرئاسي الليبي" يتمسك بالمحافظة على المصالح المشتركة مع تركيا
سبق تلك التطورات، تأكيد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، السبت 10 أبريل/نيسان 2021، عزم بلاده المحافظة على المصالح المشتركة التي تجمعها مع تركيا، مؤكداً "عمق العلاقات الليبية التركية والروابط الأخوية، وأواصر الصداقة والتعاون بين البلدين"، وذلك في رد ضمني على مطالبات بإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود مع تركيا.
جاء ذلك في بيان نشره المكتب الإعلامي لرئيس المجلس، على "فيسبوك"، عقب تسلم المنفي أوراق اعتماد السفير التركي الجديد لدى ليبيا، كنان يلماز، بمقر المجلس في العاصمة طرابلس.
حيث رحّب المنفي بالسفير التركي الجديد، لافتاً إلى أهمية عودة الشركات التركية لاستكمال أعمالها المتوقفة في البلاد، والمساهمة في مشاريع إعادة الإعمار، مشدّداً على أنه "ستتم المحافظة على المصالح المشتركة التي تجمع البلدين (تركيا وليبيا) خلال فترة عمل المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية".
اليونان تستأنف العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا
في المقابل، كان رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، قد أعلن، الثلاثاء 6 أبريل/نيسان 2021، أن ليبيا أبدت استعدادها للدخول في مفاوضات مباشرة مع اليونان حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، لافتاً إلى أنه أبلغ المسؤولين الليبيين، خلال زيارته للعاصمة الليبية طرابلس، أن الاتفاق التركي-الليبي لترسيم الحدود البحرية غير شرعي، حسب قوله، مطالباً بإلغائه، لأنه ينتهك ما وصفه بالحقوق السيادية لليونان.
خلال تلك الزيارة، أعاد رئيس الوزراء اليوناني فتح سفارة بلاده في ليبيا، داعياً إلى بداية جديدة في العلاقات التي توترت بسبب اتفاق الحدود البحرية الذي وقعته حكومة الوفاق الوطني عام 2019 مع تركيا في البحر المتوسط.
جدير بالذكر أن الجانبين التركي والليبي وقَّعا، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، مذكرتي تفاهم تتعلقان بالتعاون الأمني والعسكري، وتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي.
كانت اليونان ومصر قد وقعتا في عام 2020، اتفاقية لتعيين منطقة اقتصادية خالصة في شرق البحر المتوسط، وأكدت تركيا أن المنطقة تتعدى على جرفها القاري وتتداخل مع المناطق البحرية التي اتفقت بشأنها مع ليبيا.
من المقرر أن يزور وزير الخارجية اليوناني، نيكوس دندياس، أنقرة خلال أيام لإجراء محادثات. من ناحية أخرى، التقى وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، نائب رئيس الوزراء الليبي حسين عطية عبدالحفيظ القطراني في بنغازي، مضيفاً أن البرلمان الليبي لم يصدق على الاتفاق الذي تزعم اليونان أنه بلا سند قانوني.