قالت صحيفة The Times البريطانية، السبت 10 أبريل/نيسان 2021، إن معلومات واردة من ميانمار تشير إلى أن جثث المتظاهرين البورميين، تُركت "مكدسةً في أكوام" يوم الجمعة الماضي داخل معبد بوذي احتلته قوات الأمن، عقب اقتحامٍ هو الأشد دموية حتى الآن منذ انقلاب فبراير/شباط.
الصحيفة أشارت إلى أن قوات المجلس العسكري في ميانمار استعانت بقاذفات صواريخ، ومدافع رشاشة، ورمانات بنادق، لاقتحام معسكر الاحتجاج الواقع في مدينة باغو القديمة.
بدأت هذه التفاصيل تتوارد تباعاً لكن ببطء بسبب انقطاع الإنترنت، غير أن السكان المحليين يقولون إن 60 شخصاً على الأقل قُتلوا في المذبحة.
يأتي ذلك بعدما أقام الجنود قاعدةً لهم في مجمّع "زيار موني"، الذي يشمل معبداً بوذياً ومدرسة، وسحبوا جثث القتلى والجرحى إلى هناك، وفقاً لشهود عيان، قالوا أيضاً إن قوات الأمن حرصت على انتشال جثث الضحايا خلال الاحتجاجات، في محاولةٍ على ما يبدو لمنع إحصاء عدد الضحايا.
تزامن ذلك، مع قيام قوات تابعة للسلطة بعمليات تفتيش من منزلٍ إلى منزل بحثاً عن منظّمي الاحتجاجات المشتبه بهم وأطلقوا النار على المارة، ما أعاق أي جهود لإحصاء عدد القتلى مع دخول أعمال العنف يومها الثالث، في المدينة الواقعة على بعد 80 كيلومتراً شمال شرق يانغون.
من جانبه، أورد موقع Myanmar Now الإخباري الإلكتروني، أن "يي هتوت"، أحد قادة الاحتجاجات المختبئين، نقل إليهم روايات لشهود عيان، تتحدث عن وجود ما لا يقل عن 57 جثة في المعبد وأكثر منها في مشارح أخرى في المنطقة.
كما تحدثت "جمعية مساعدة السجناء السياسيين" (AAPP)، وهي منظمة حقوقية مقرها تايلاند، عن مقتل 80 شخصاً على الأقل.
وفي وقت لاحق من اليوم، ذهب رهبان بوذيون إلى المجمّع وطلبوا اصطحاب الجرحى لتلقي العلاج الطبي، لكن قوات الأمن رفضت طلبهم، حسبما قال أحد السكان لموقع Myanmar Now.
اتجاه نحو صراع شامل
على إثر تصاعد العنف، قتلت ثلاث مجموعات عرقية مسلحة، تُعارض حملة المجلس العسكري الحاكم على الاحتجاجات، ما يزيد على 14 شرطياً كانوا قد خرجوا خارج قاعدتهم الواقعة في ولاية "شان" شمال ميانمار، لترد قوات الأمن على ذلك بمهاجمة القرى.
في غضون ذلك، تبدو البلاد، التي لطالما شهدت حركات تمرد منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1948، وكأنها تتجه نحو صراع شامل، لا سيما وقد أدانت فصائل عرقية عدة انقلاب الجيش على الحكومة المنتخبة.
في السياق نفسه، هاجمَ مسلحون تابعون لولاية كاشين وكارين قوات النظام في الاشتباكات الأخيرة، وفي الوقت نفسه يتفاوض سياسيون من حزب "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" الذي تتزعمه رئيسة وزراء ميانمار المعزولة، أونغ سان سو تشي، مع زعماء لفصائل عرقية لتشكيل جبهة موحدة ضد المجلس العسكري.
من جانبه، قال الدكتور ساسا، وهو متحدث باسم حكومة الظل، لصحيفة The Sunday Times إن المعارضة ستُعلن عن حكومة وحدة وطنية جديدة "في الأيام المقبلة".
من جهة أخرى، جاءت أعمال المقاومة الجاري تنظيمها وعمليات القتل الأخيرة للمتظاهرين، مكذِّبةً لمزاعم المتحدث باسم المجلس العسكري، والتي صرّح بها في وقت لاحق من يوم الجمعة 9 أبريل/نيسان، وقال فيها إن "الحياة الطبيعية" قد عادت إلى مختلف المناطق.
في تصريحاته، أصرَّ العميد "زاو مين تون" على أن أعداد المتظاهرين لا تنفك تتضاءل وأن البلاد "تريد العودة إلى السلام" تحت قيادة الجيش، بحسب ما أوردته وكالة رويترز.
واقع الأمر أن أعداد الحشود في ميانمار انخفضت بالفعل في الشوارع، لكن هذا فقط لأن قوات الأمن ما فتئت تشن حملة قمع وحشية، وتنشر قناصين معهم تفويض وأموار بإطلاق النار مباشرة بهدف القتل.
على الناحية الأخرى، فإن حركة العصيان المدني (CDM) لا تزال قوية، كما أن إضرابات واسعة النطاق قيّدت الأعمال الحكومية وأوقفت قطاعات من الاقتصاد.
وبحسب بيان لجمعية مساعدة السجناء السياسيين، اليوم الأحد، ارتفع عدد القتلى بين المتظاهرين المعارضين للانقلاب في ميانمار إلى 701 منذ مطلع فبراير/شباط الماضي، وفقاً لما نقلته وكالة الأناضول.