أعلن رئيس هيئة قناة السويس المصرية، أسامة ربيع، السبت 10 أبريل/نيسان 2021، أن السفينة "إيفرغيفن" التي عطّلت سابقاً حركة المرور بالقناة لن تغادر البلاد، وسيظلون متحفظين عليها لحين انتهاء جميع التحقيقات في أسباب جنوحها، ومراجعة صلاحيتها الفنية، ودفع التعويضات التي قال إنها يجب عليها دفعها أولاً، مرجحاً أن يستمر التحقيق الذي تجريه لجنة خبراء لنحو أسبوع.
كانت السفينة إيفرغيفن، البالغ طولها 400 متر، قد جنحت بعرض القناة في الجزء الجنوبي من الممر المائي، وسط رياح قوية، يوم 23 مارس/آذار المنصرم. وظلت السفينة عالقة ستة أيام فمنعت مئات السفن من العبور، وأضرت كثيراً بحركة التجارة العالمية.
بعد تعويمها، نُقلت السفينة إلى منطقة بحيرات الإسماعيلية، التي تفصل بين قطاعي القناة، حيث تجري هيئة قناة السويس تحقيقات فيما حدث.
ماذا لو رفض أصحاب "إيفرغيفن" دفع التعويضات؟
المسؤول المصري أشار في تصريحات إعلامية إلى أنه في حال رفض أصحاب السفينة "إيفرغيفن" دفع التعويضات ودياً، فسيذهبون إلى القضاء للفصل بينهما في هذه الأزمة، وفقاً لقانون البحار، مشدّداً على أن "السفينة ستبقى في القناة حتى يجري دفع التعويضات (…)، خاصة أن جنوح السفينة وصمة عار في تاريخ أي قبطان".
سبق أن أوردت صحيفة "الشروق" (خاصة)، عن ربيع قوله قبل أيام، إن هيئة قناة السويس جاهزة لجميع السيناريوهات، وتسعى حالياً لحل الموضوع بشكل سلمي، والحصول على التعويض دون اللجوء للقضاء الذي قال إنه "لن يؤثر على هيئة قناة السويس، بل على الشركة المالكة، على اعتبار أن السفينة خرجت من التعويم من دون أية تلفيات، وبالتالي فإن التأخير في الوصول إلى حل سلمي سيلحق بها خسائر".
خسائر تُقدر بمليار دولار
كان أسامة ربيع، رئيس هيئة القناة، قال الشهر الماضي، إن الخسائر والأضرار الناجمة عن جنوح السفينة "إيفرغيفن" قد تصل إلى حوالي مليار دولار، لكن الرقم الدقيق سيتضح بعد التحقيقات، التي من غير الواضح متى تكتمل.
لم يتسن الحصول على تعليق فوري من الشركة اليابانية المالكة للسفينة "شوي كيسن كيه كيه"، أو الشركة التايوانية المشغلة لها "إيفرغرين" رداً على التصريحات التي قالها رئيس هيئة قناة السويس.
الشركة المالكة لم تتلق مطالبات رسمية بالتعويض
لكن الشركة المالكة سبق أن قالت، في تصريحات سابقة، إنها لم تتلقَّ حتى الآن أي مطالبات رسمية بالتعويض عن الأضرار التي سببها الإغلاق، مؤكدةً أنها لا تعرف أساساً لـ"المليار دولار" التي طالب بها رئيس هيئة قناة السويس.
فيما أرجع ربيع، الذي شغل سابقاً منصب قائد القوات البحرية في الجيش المصري، الأسباب التي أدت إلى جنوح تلك السفينة إلى أنها قد تعود لخطأ بشري، وإن كان مستبعداً، أو لخطأ فني في استجابتها لأمر القبطان، مضيفاً: "لم نسأل مرشدي السفينة عن ملابسات الحادث حتى لا نؤثر على شهادتهما".
كما لفت رئيس هيئة قناة السويس إلى أنه جارٍ التفكير في تقديم بعض التعويضات للسفن التي كانت في الانتظار وقت جنوح "إيفرغيفن"، مشدّداً على أن قناة السويس آمنة تماماً، والقوات المسلحة تقوم على تأمينها بشكل كامل.
يذكر أن السفينة "إيفرغيفن" مملوكة لشركة "شوي كيسن" اليابانية، ومسجلة في بنما، وتستأجرها شركة "إيفرغرين" التايوانية، ومؤمن عليها في نادي التأمين في لندن.
شركات إعادة التأمين تتحمل معظم تكاليف الأزمة
إلى ذلك، قالت مصادر بقطاع التأمين، في 8 أبريل/نيسان 2021، إن شركات إعادة التأمين ستتحمل معظم تكاليف أزمة سفينة "إيفرغيفن"، وبمدفوعات من المتوقع أن تصل إلى مئات الملايين من الدولارات.
حيث قال آلان ماكينون، مدير المطالبات لدى نادي الحماية والتعويض البريطاني، الجهة المؤمنة على إيفرغيفن، إن النادي يتوقع مطالبات بحق مالك السفينة من هيئة القناة عن الأضرار المحتملة وفقد الإيرادات، فضلاً عن مطالبات من بعض مالكي السفن التي تعطلت رحلاتها، متوقعاً تلقي مطالبة من السلطات المصرية قريباً، وأن تتوالى مطالبات مالكي السفن الأخرى على مدار الأشهر المقبلة.
حسب وكالة رويترز، سيغطي النادي البريطاني أول عشرة ملايين دولار من خسائر الحماية والتعويض. وما يزيد على ذلك ستغطيه محفظة أوسع من نوادي الحماية والتعويض، بما يصل إلى 100 مليون دولار، ثم يحل دور شركات إعادة التأمين مثل لويدز لندن بما يصل إلى 2.1 مليار دولار. وتساهم نوادي الحماية والتعويض ضمن جزء إضافي قدره مليار دولار من الغطاء التأميني.
فيما أجاب ماكينون عندما سُئل إن كانت المطالبات قد تصل إلى المستويات العليا من الغطاء التأميني بين 2.1 و3.1 مليار دولار بالقول: "نحن على ثقة من أننا لسنا في ذلك النطاق على الإطلاق"، متابعاً: "ليست تلك لحظة حياة أو موت لقطاع الحماية والتعويض. قد تكون مطالبة ضخمة، لكن هيكلنا يسمح لنا بالتعامل مع المطالبات الضخمة".
فضلاً عن ذلك، أكد محللون لدى دي.بي.آر.إس مورننجستار أن إجمالي الخسائر المؤمن عليها "سيظل في المتناول في ضوء أن إغلاق القناة كان لفترة قصيرة نسبياً".
"خسارة كبيرة" لسوق التأمين
كانت شركة لويدز لندن قالت الأسبوع الماضي إن الحادث سيسفر على الأرجح عن "خسارة كبيرة" لسوق التأمين، وإعادة التأمين التجاري لن تقل عن 100 مليون دولار.
بينما قال يومي شينوهارا، نائب مدير قسم إدارة الأسطول في شركة شوي كايسن، مالكة السفينة إيفرغيفن، إن الشركة لم تتسلم أي مطالبات تعويض حتى الآن.
بدوره، لفت مصدر تأميني في طوكيو، طلب عدم نشر اسمه، إلى أن الشركات اليابانية الثلاث المؤمنة على جسم السفينة ومعداتها ستتحمل تكاليف الإنقاذ وأي رسوم إصلاح لجسم السفينة.
في حين أحجمت ميتسوي سوميتومو للتأمين، المؤمن الياباني الرئيسي على جسم السفينة، عن التعليق.
تأمين حماية وتعويض للسفن
كانت سلاسل الإمداد العالمية قد أصيبت بحالة من الارتباك عندما جنحت السفينة إيفرغيفن، لتستغرق فرق الإنقاذ المتخصصة نحو أسبوع لإعادة تعويمها.
أثر إغلاق القناة على نحو 400 سفينة، واضطر البعض إلى الدوران حول إفريقيا من أجل توصيل الإمدادات إلى الأسواق العالمية.
جدير بالذكر أنه غالباً ما يكون لدى السفن تأمين حماية وتعويض، يغطي مطالبات الأطراف الثالثة في مسائل مثل الإضرار بالبيئة والإصابات البشرية. وتغطي خطط تأمين منفصلة الأضرار المادية التي قد تلحق بجسم السفينة أو معداتها.
تجدر الإشارة إلى أن قناة السويس تدرس وتخطط لاحتمال توسعة القطاع الجنوبي من القناة، وهو الجزء الذي جنحت فيه السفينة إيفرغيفن.
إذ قال ربيع: "بنخطط حتى عملية التوسيع، لو هنعمل توسيع في قناة السويس في الجزء اللي هو الجنوبي دا، لو في حتة (مكان) 250 متراً محتاجين نعملها 400 متر".