بعد أن انقطعت بهم كل السبل للتغيير في بلدهم والتعبير عن غضبهم ورفضهم لما تقوم به السلطات الحاكمة لم يجد اللبنانيون سوى الرسومات الحائطية (الغرافيتي) ليعبروا بها عن سخطهم في وقت تعيش فيه لبنان أزمة اقتصادية وسياسية خانقة زادتها جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت الذي لا يزال اللبنانيون يعانون من تبعاته.
المواطنون في لبنان بعد احتجاجات استمرت لأشهر دون أن تثمر أية نتائج اتجهوا لجدران بيروت القريبة من المرفأ وكتبوا عليها شعارات تتهم المسؤولين بالوضع الكارثي في لبنان بما فيه انفجار مرفأ بيروت، حيث ملأ ناشطون جدران بيروت بعبارات جاء فيها: "دولتي من فعلت هذا"، والذي تحول إلى رمز في تويتر ولاقى رواجاً كبيراً داخل لبنان وخارجه.
وبعد أشهر من الحادثة تفاجأ اللبنانيون، صباح اليوم الجمعة 9 أبريل/نيسان 2021، باختفاء رسومات الغرافيتي من قبالة مرفأ بيروت، في محاولة لإزالة آثار الجريمة عبر دهن الحائط بالطلاء البيضاء، وفقاً لما تداولته وسائل إعلام محلية.
"دولتي فعلت هذا" من جديد على حائط بيروت
الحادثة التي قام بها مجهولون تسببت في غضب وسخط كبيرين من جديد لدى اللبنانيين على عبر المواقع التواصل الاجتماعي، إذ لاقت الخطوة استنكار الناشطين، الذي حولوا الوسم من "#دولتي_فعلت_هذا" إلى "ما فيكن تمحوا إجرامكن.. #دولتي_فعلت_هذا".
وأعاد الناشطون في لبنان تداول الجملة على مواقع التواصل الاجتماعي وتصدر الوسم تويتر من جديد؛ إذ نشر الناشط اللبناني فيديو على تويتر وهو يعيد كتابة الجملة قائلاً: "البويا ما بتمحي الجريمة.. #دولتي_فعلت_هذا".
فيما قالت المغردة اللبنانية راما قائلة: "بعد طلاء الشعارات بالقرب من مرفأ بيروت… ساعات وعادت مجدداً: ما فيكن تمحوا إجرامكن.. دولتي فعلت هذا".
أما المغردة نداء فعلقت قائلة: "فجرتوا مدينة بأكملها، مات 200 شخص وتشرد الآلاف وانتو همكم الحيط، آه رح نضل نذكركم إجرامكم، وقد ما عملتوا رح تتحاسبوا #لن_ننسى 4 آب، تاريخ محفور بذهننا حتى بعد ما تتعلق مشانقكم..
أزمات خانقة في لبنان
ويأتي هذا في خضم أزمات مضاعفة يعيشها لبنان مع تفشي فيروس كورونا، تراجع المحتجون إلى منازلهم، ولكن مع استمرار الأزمة الاقتصادية اللبنانية جراء تدهور العملة المحلية أخرج الجوع المواطنين مجدداً رغم الخوف من كورونا، حسبما قال مصدر مطلع على الأوضاع اللبنانية لـ"عربي بوست".
إذ يتحدى المتظاهرون في أنحاء البلد حظر التجوال وإجراءات التباعد الاجتماعي التي يفرضها فيروس كورونا، وخرجوا إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم من أسوأ أزمة مالية يشهدها لبنان منذ الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1970 إلى 1990.
وتوقع البنك الدولي بالفعل أن يصبح 40% من اللبنانيين تحت خط الفقر بنهاية 2020، لكن وزير الاقتصاد اللبناني يرى أن النسبة الفعلية في الوقت الحالي تقترب من 50%.
وقال وزير الشؤون الاجتماعية في لبنان لشبكة CNN الأمريكية إن ثلاثة أرباع البلد تعتمد الآن على المساعدات.
وليس لبنان في وضع يؤهله لمساعدة فقرائه فقد فشل مرة أخرى في مارس/آذار الماضي في سداد الديون الخارجية، وأُعلن عن حزم مساعدات للمواطنين الأفقر، لكنها لم تُنفذ حتى الآن.
في محاولة لإعادة إنعاش احتياطات العملة الأجنبية، وربما تقليل الفجوة في الميزانية العمومية للبنوك، سرعان ما فرض المصرف المركزي قيوداً صارمة على حسابات المواطنين بالعملة المحلية والأجنبية، وأصدر مجموعة من التعميمات الغامضة والمتناقضة في بعض الأحيان، ليتسبب بذلك فقط في زيادة إثارة غضب العامة وحالة الذعر.
كما أدى انفجار مرفأ بيروت إلى تأجيج غضب الشارع الناقم على الطبقة السياسية بكاملها والذي يتهمها بالفساد والإهمال، وبات يحملها أيضاً مسؤولية الكارثة. ورفض لبنان إجراء تحقيق دولي في الانفجار، إلا أن فريق محققين فرنسيين ومن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي شارك فيه.
فيما تبيّن بعد الانفجار أن الأجهزة الأمنية ومسؤولين سابقين وحاليين من الجمارك وإدارة المرفأ والحكومة كانوا على علم بمخاطر تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في المرفأ.