قالت صحيفة The Washington Post الأمريكية إن التحقيق في كيف علقت سفينة "إيفر غيفن" في قناة السويس، سيشمل أيضاً أداء مرشدَي القناة المصريين على متن السفينة وعلاقتهما بقبطانها.
الصحيفة الأمريكية أشارت في تقريرها الإثنين 29 مارس/آذار 2021، إلى أنه مع تحرير سفينة "إيفر غيفن" وانطلاقها في طريقها، من المحتمل أن تنتقل دائرة الضوء الآن إلى التحقيق في كيف عَلقَت السفينة في قناة السويس، وما نتج عنها من خسائر عالمية بملايين الدولارات.
كما أوضحت أنه بينما يعتبر الكثيرون أنَّ الرياح القوية المصاحبة للعاصفة الترابية عاملٌ رئيسي، صرَّح الفريق بحري أسامة ربيع، من هيئة قناة السويس، للصحفيين بأنَّ التحقيق لن يركز فقط على الطقس، وأنه لا يمكن استبعاد الأخطاء البشرية والفنية.
التحقيق سيطال أيضاً المرشدَين المصريين
هل كانت هناك أية مشكلات في التواصل؟ ما مدى خبرة المرشدَين والقبطان في توجيه السفن المارة بالقناة؟ وما هي التحديات التي واجهوها في تحريك سفينة بهذا الحجم الضخم – بحجم مبنى إمباير ستيت وقرب الحجم الأقصى المسموح به في القناة- على طول شريان أحادي المسار في الممر المائي؟
قال مرشد سفن رفيع المستوى يعمل بهيئة قناة السويس إنَّ المرشدَين اللذين صعدا إلى متن سفينة "إيفر غيفن" من كبار المرشدين ويتمتعان بخبرة تزيد عن 30 عاماً. وأضاف: "لديهما الخبرة والمؤهلات لتوجيه هذه السفينة".
كما أشار المرشد رفيع المستوى إلى أنَّ مهمة إبحار السفن عبر القنوات أصبحت أكثر مشقة في السنوات الأخيرة؛ بعدما أصبحت السفن أكبر حجماً بكثير وتحمل حمولة أكثر من تلك التي كانت تعبر القناة في التسعينيات. واسترجع واقعة مماثلة من تلك الفترة حين أغلقت ناقلة نفط القناة، لكن تمكن زورق قاطِر واحد من سحبها وإخلاء المجرى المائي.
تابع المرشد: "السفن اليوم أكبر مما كانت عليه من قبل. هذا شيء جديد، لم نره من قبل".
فيما قال المرشد رفيع المستوى -الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتعليق لوسائل الإعلام- إنَّ الرياح القوية كان يمكن أن تدفع بسهولة "إيفر غيفن" نحو الضفة، تاركة القناة مسدودة، مضيفاً: "هذا شيء يحدث لسفن ضخمة من هذا النوع. يمكن أن تنحرف عندما تتجاوز سرعة الرياح 30 أو 40 عقدة".
كما أوضح أنَّ مرشدي القناة وجهوا سفينة "إيفر غيفن" عبر القناة من قبل. واستطرد: "لقد عبرت السفينة قناة السويس مرات سابقة، لكن ليس في ظل مثل هذه الظروف الجوية".
رغم أن دورهم استشاري فقط
على عكس ألقابهم، فإنَّ المرشدين لا يوجهون السفن فعلياً في قناة السويس، بل يعملون أكثر بصفتهم مستشارين، مستخدمين خبراتهم ومعرفتهم العملية بالقناة لتقديم المشورة، على سبيل المثال كيفية المناورة بالسفينة أو المسار الذي يجب طرقه.
إذ يجب أن يكون القبطان حاضراً في جميع الأوقات داخل كابينة القيادة، ويعطي الأوامر للدفة والمحركات والقاطرات، مع مراعاة توجيهات المرشد، وفقاً للقانون البحري الدولي.
ينص القانون على التزام القبطان بإطلاع المرشد أولاً بأول على أية مشكلات تتعلق بالتعامل مع السفينة "حتى يكون المرشد في وضع يسمح له بتقديم النصيحة الأمثل للتحكم في الملاحة وحركة السفينة". لكن في نهاية المطاف، تقع "المسؤولية بالكامل" على عاتق القبطان.
فيما علَّق المرشد الكبير: "القبطان هو المسؤول الوحيد عن توجيه السفينة. يمكن للمرشدين تقديم توجيهات وآراء، لكن يحق للقبطان رفضها".
انتقادات لدور طاقم قناة السويس
من جانبها، قالت روز جورج، مؤلفة كتاب "Deep Sea and Foreign Going – أعماق البحار والرحلات الأجنبية"، الذي يروي رحلة استغرقت خمسة أسابيع على متن سفينة حاويات من بريطانيا إلى سنغافورة، إنها عندما سافرت عبر القناة في عام 2010، لم يكن من الواضح ما هو الغرض من عمل طاقم قناة السويس.
كما صرحت، في حديث لبرنامج BBC News Hour يوم الأحد، 28 مارس/آذار: "صعد إلى متن سفينتنا طاقم عمل من قناة السويس، وهذا إلزام. أنت تدفع ثروة للمرور عبر قناة السويس، نحو 100000 دولار إلى 300000 دولار، لكن عليك السماح بصعود مرشد من قناة السويس".
أضافت روز: "تقول هيئة القناة إنَّ عليك أخذ هذا الطاقم على متن السفينة. وعليك أن تأخذ كهربائياً خاصاً لتشغيل ما يسمونه جهاز عرض قناة السويس، وهو مصباح أمامي ضخم يُلصَق على مقدمة سطح السفينة، وذلك في حالة حدوث أي شيء. وهناك أيضاً عدد قليل من الطاقم ممن لديهم على ما يبدو مهارات خاصة في استخدام الحبال".
تابعت أنَّ القبطان الذي سيَّر سفينة الحاويات متوسطة الحجم التي كانت على متنها عَمِل في البحر لمدة 42 عاماً، وعبر القناة مرات أكثر مما يستطيع إحصاؤها. وتروي روز أنه قال إنه "لم يرَ قط هذا الطاقم يفعل أي شيء باستثناء الجلوس في كابينة القيادة الخاصة بهم".