قالت شانا سوان، عالمة الأوبئة البيئية والتناسلية في كلية طب ماونت سيناي بمدينة نيويورك الأمريكية، إن معظم الأزواج قد يضطرون إلى استخدام وسائل المساعدة على الإنجاب بحلول العام 2045 على حد وصفها.
سوان أشارت إلى احتمالية انتهاء الجنس البشري قريباً، مستندة إلى أن المواد الكيميائية المُسببة لاضطراب الهرمونات التي تقضي على الخصوبة تزيد بمعدل يُنذر بالخطر في جميع أنحاء العالم، على حد قولها.
إذ تؤكد، في مقابلة أجرتها مع صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 28 مارس/آذار 2021، أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين ضعف الخصوبة أو مشاكل الإنجاب، وبين البيئة، وقالت: "أريد أن يدرك الناس أن سبب تلك المشكلة يمكن أن يكون المواد الكيميائية. أنا لا أقول إن العوامل الأخرى ليست سبباً في تلك المشكلة، لكني أقول إن المواد الكيميائية تلعب دوراً سببياً رئيسياً".
أضافت سوان أنها فوجئت حينما علمت من خلال دراساتها بأن النساء الأصغر سناً قد يعانين من ضعف الخصوبة بنسبة أكبر من الفئات العمرية الأكبر سناً. وهذا يشير إلى أن شيئاً ما إلى جانب الشيخوخة وتأخر الإنجاب يؤثر على الخصوبة. علاوة على ذلك، هناك أدلة دامغة على أن خطر الإجهاض آخذ في الارتفاع بين النساء من جميع الأعمار.
يشار إلى أنه في العام 2017، وثقت سوان، في دراسة اتجاهات الخصوبة، في كتابها الجديد Count Down (العد التنازلي)، كيف انخفض متوسط عدد الحيوانات المنوية بين الرجال الغربيين بأكثر من النصف خلال الأربعين عاماً الماضية.
فقد أمضت سوان، وهي أستاذة الطب البيئي والصحة العامة، أكثر من 20 عاماً في دراسة آثار المواد الكيميائية المعطلة لإنتاج الهرمونات على الصحة الإنجابية.
المواد الكيميائية الأكثر إثارة للقلق
رداً على سؤال بشأن ماهية المواد الكيميائية الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للصحة الإنجابية، أجابت: "تتمثل المواد الكيميائية المؤثرة على الخصوبة في المواد التي يمكن أن تتداخل مع الهرمونات الجنسية للجسم أو تحاكيها -مثل التستوستيرون والإستروجين وبيسفينول- لأنها تجعل التكاثر ممكناً. هذه المواد يمكن أن تجعل الجسم يعتقد أنه يحتوي على ما يكفي من هرمون معين ولا يحتاج إلى إنتاج المزيد، وبالتالي ينخفض إنتاج الهرمونات".
كما تعتبر أملاح الفثالات، المستخدمة في جعل البلاستيك طرياً ومرناً، ذات أهمية قصوى، فهي موجودة في جميع أجسامنا، لأننا نتعرض لها بشكل أساسي من خلال الطعام بسبب استخدام البلاستيك اللين في تصنيع الأغذية ومعالجتها وتعبئتها. هذه الفثالات تقلل من هرمون التستوستيرون، وبالتالي يكون لها أقوى التأثيرات على الجانب الذكوري، وخاصة تناقص عدد الحيوانات المنوية، فضلاً عن أنها تقلل الرغبة الجنسية للنساء، وتزيد من خطر البلوغ المبكر، وفشل المبيض المبكر، والإجهاض والولادة المبكرة.
المسافة الشرجية التناسلية
فيما توضح عالمة الأوبئة البيئية والتناسلية أن المسافة الشرجية التناسلية هي المسافة من فتحة الشرج إلى الأعضاء التناسلية، وعادة ما تكون أطول بكثير عند الذكور منها عند الإناث، وهي مؤشر على كمية الهرمونات الجنسية الذكورية التي تعرض لها الرضيع أثناء المراحل الأولى من الحمل. وتعد تلك المسافة علامة مهمة على الصحة الإنجابية واضطراب الغدد الصماء، فإذا قمنا بقياسها لكل طفل، فسنعرف شيئاً عن خصوبته في المستقبل. إذ تشير المسافة الشرجية الأقصر عند الذكور والأطول في الإناث إلى نجاح تناسلي أقل".
وتشير عالمة الأوبئة البيئية والتناسلية إلى خطورة الأزمة الإنجابية؛ فقد سبق أن صرّحت بأن العالم في طريقه إلى العقم البشري بحلول العام 2045، في ظل ما وصفته بالتدهور الخطير للخصوبة والحيوانات المنوية، مضيفة: "الأمر بالفعل خطير، إذا اتبعت المنحنى من التحليل التلوي لانخفاض الحيوانات المنوية لعام 2017، فإنه يتوقع أنه بحلول عام 2045 سيكون لدينا متوسط عدد الحيوانات المنوية صفر. هذا يعني أن معظم الأزواج قد يضطرون إلى استخدام المساعدة على الإنجاب".
مواد كيميائية غير نشطة هرمونياً
إلا أنها دعت إلى ضرورة أن "تبدأ الصناعة الكيميائية في إنتاج مواد كيميائية يمكن استخدامها في المنتجات اليومية غير تلك المواد النشطة هرمونياً. ويجب إيقاف ظاهرة الاستبدال المؤسف، والتي يجري فيها استبدال مادة كيميائية ضارة بأخرى لم تخضع للاختبار، والتي يتبين بعد ذلك أن لها نفس المخاطر".
حسب سوان، "يجب أن يدرك الأشخاص في سن الإنجاب، وخاصة أولئك الذين يخططون للحمل أو أثناء الحمل، أن كل شيء يحضرونه إلى منازلهم لديه القدرة على احتواء هذه المواد الكيميائية (الخطرة). كذلك يجب تناول الأطعمة غير المصنعة المطبوخة في المنزل، لأن هذا من شأنه أن يقلل من التعرض للبلاستيك. أيضاً عند الطهي، يجب عدم استخدام التفلون أو أي شيء مطلي، ويجب عدم استخدام الميكروويف في البلاستيك".
حيث يشير كتاب "العد التنازلي" إلى أن ما وصفه بـ"نهاية الجنس البشري" باتت أقرب مما نعتقد، لأن عدد الحيوانات المنوية قد شهد انخفاضاً حاداً بنسبة 60% تقريباً منذ عام 1973. وبعد المسار الذي نسير فيه، تشير أبحاث سوان إلى إمكانية انخفاض الحيوانات المنوية إلى الصفر بحلول عام 2045.