هدّدت كوريا الشمالية بمواصلة التصعيد العسكريّ السبت 27 مارس/آذار 2021، في رد فعل على تنديد جو بايدن بإطلاقها صاروخين في إطار تجاربها العسكرية، في أول استفزاز من الدولة المعزولة منذ تولي الرئيس الأمريكي منصبه.
وكالة الأنباء الفرنسية أشارت في تقريرها، السبت، إلى أن لدى كوريا الشمالية المسلحة نووياً تاريخاً طويلاً من استخدام اختبارات الأسلحة لإثارة التوترات، في عملية تديرها بعناية شديدة سعيًا لتحقيق أهدافها.
كانت بيونغ يانغ تتحيّن اللحظة المناسبة لاختبار الإدارة الجديدة في واشنطن، التي لم تعترف رسمياً بوجودها حتى الأسبوع الماضي. لكنها أطلقت الخميس 25 مارس/آذار، من سواحلها الشرقية صاروخين باتجاه بحر اليابان الذي يعرف في كوريا باسم بحر الشرق.
تعليقات بايدن "تستفز" كوريا الشمالية
رداً على ذلك قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنّ الصاروخين "ينتهكان" قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وحذّر من أنّه "ستكون هناك ردود فعل إذا اختاروا التصعيد".
فيما قال المسؤول الكبير ري بيونغ شول الذي أشرف على عملية إطلاق الصاروخين في بيان نقلته وكالة الأنباء الكورية الشمالية السبت: إن "تعليقات كهذه من قبل الرئيس الأمريكي تعتبر تعدياً واضحاً على حق دولتنا في الدفاع عن النفس واستفزازاً لها".
كما أعلنت كوريا الشمالية الجمعة أنّ ما أطلقته في بحر اليابان الخميس كان "مقذوفاً تكتيكياً موجَّهاً" جديداً.
قال ري في بيانه إن بيونغ يانغ تعتبر أن الرئيس الأمريكي "أخطأ" بانتقاده التجارب الصاروخية التي تجرى بشكل منتظم ووصفها بأنها انتهاك لقرار الأمم المتحدة، وقال: "إنها ممارسة لحق بلادنا في الدفاع عن النفس".
مستعدة لتعزيز قوتها العسكرية
بينما أسِف المسؤول الكوري لكشف بايدن عن "عدائيته الدفينة"، معرباً عن ظنه بأن "الإدارة الأمريكية خطت بوضوح خطوتها الأولى بشكل خاطئ".
أضاف "إذا واصلت الولايات المتحدة تعليقاتها المتهورة بدون التفكير في النتائج، فيمكن عندها مواجهتها بشيء غير حسن"، محذراً أن كوريا الشمالية على أُهبة الاستعداد لمواصلة تعزيز قوتها العسكرية.
تأتي هذه التصريحات فيما واشنطن في المراحل الأخيرة من مراجعة سياستها بشأن كوريا الشمالية، مع وجود إشارات على تبني نبرة حازمة بشأن نزع السلاح النووي والعقوبات وحقوق الإنسان.
قال ليف إريك إيزلي الأستاذ في جامعة إيوا في سيول إنّ تصريحات ري "تشكل في الأساس تهديداً بأن كوريا الشمالية سترد على مراجعة السياسة الأمريكية بمزيد من الاختبارات" العسكرية.
أضاف أنّ "بيونغ يانغ تنفذ استراتيجية متعمدة لتعزيز القدرات العسكرية وإثارة التوترات".
توقع "رد أمريكي صارم"
حققت بيونغ يانغ تقدماً سريعاً في قدراتها تحت قيادة الزعيم كيم جونغ أون عبر اختبار صواريخ قادرة على الوصول إلى جميع أراضي الولايات المتحدة في 2017.
بينما اعتبر رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا أن الصاروخين اللذين أطلقا من الساحل الشرقي لكوريا الشمالية هما "باليستيان"، وهي نوعية صواريخ يحظر على بيونغ يانغ تطويرها بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي.
كما طلبت لجنة عقوبات تابعة للأمم المتحدة بخصوص كوريا الشمالية من خبرائها التحقيق في التجربة، فيما طلب أعضاء أوروبيون في مجلس الأمن عقد اجتماع عاجل لمناقشة مسألة كوريا الشمالية.
إذ تخضع بيونغ يانغ بالفعل لعدد من العقوبات الدولية على خلفية تجاربها النووية والصاروخية المحظورة.
فيما انهارت قمة عقدت في هانوي بين كيم جونغ أون والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في عام 2019 حول تخلي كوريا الشمالية عن السلاح النووي مقابل تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها.
كما أفاد تشيونغ سيونغ تشانغ مدير مركز الدراسات الكورية الشمالية في معهد سيجونغ في سيول وكالة فرانس برس أنّ إدارة بايدن قد تسعى لفرض "عقوبات إضافية على بيونغ يانغ" إذا استمرت كوريا الشمالية في استفزازاتها العسكرية.
أضاف "من الآن فصاعداً، يمكن توقع المزيد من تجارب الأسلحة من كوريا الشمالية وردود فعل صارمة للغاية من الولايات المتحدة".
إصرار أمريكي على نزع أسلحة كوريا النووية
يأتي إطلاق هذين الصاروخين بعد أيام من تجربة بيونغ يانغ صاروخين غير باليستيين قصيري المدى، وبعد زيارة إلى المنطقة قام بها وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيان أنتوني بلينكين ولويد أوستن.
خلال زيارتهما إلى سيول وطوكيو، ناقش المسؤولان الأمريكيان الكبيران قضايا التحالف والأمن في المنطقة، ولا سيما قدرات كوريا الشمالية في مجال السلاح النووي والصواريخ طويلة المدى.
كما أكدا أهمية نزع أسلحة كوريا الشمالية النووية ودعا بكين، الحليف الرئيسي لبيونغ يانغ، على إقناعها بالتخلي عن ترسانتها النووية.
يمثل نهج بايدن حتى الآن تغييراً في اللهجة عن سلفه دونالد ترامب الذي دخل في علاقة غير مسبوقة مع كيم جونغ أون وقلل العام الماضي مراراً من تجارب إطلاق مماثلة.
وقال مسؤولون في إدارة بايدن إنّهم حاولوا التواصل مع بيونغ يانغ عبر عدة قنوات لكنهم لم يتلقوا أي رد.
فيما صرّح الخبير إيزلي أنّ "كيم جونغ أون يسعى لاستخدام الاستفزازات لطلب تنازلات لكن قد ينتهي به المطاف وقد زاد من التصميم الدولي على نزع أسلحة كوريا الشمالية النووية".