دعت الولايات المتحدة الأمريكية مجدداً، الأربعاء 24 مارس/آذار 2021، تركيا للتخلي عن منظومة الدفاع الجوي الروسية إس-400، كما عبرت عن قلقها بشأن انسحاب أنقرة من "اتفاقية إسطنبول، بينما ردت تركيا بأن الصواريخ الدفاعية الروسية "صفقة منتهية" بالنسبة لها.
إذ شكلت قضية منظمة الصواريخ الروسية إس-400 أزمة بين واشنطن وأنقرة منذ سنوات، بعد أن قررت تركيا العضو في حلف الشمال الأطلسي إتمام الصفقة على الرغم من معارضة واشنطن وبعض دول الحلف، على اعتبار أنها لا تتماشى مع مبادئ الناتو.
صفقة الصواريخ الروسية تُقلق واشنطن
إذ قالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن حث أنقرة خلال اجتماع مع نظيره التركي مولود تشاويش أوغلو، الأربعاء، على عدم الاحتفاظ بمنظومة الدفاع الجوي الروسية إس-400.
أضاف البيان أن بلينكن عبر أيضاً عن قلقه بشأن انسحاب تركيا من اتفاقية إسطنبول لحماية المرأة من العنف ومكافحة العنف الأسري.
كما قال البيان أيضاً إن الجانبين ناقشا المصالح المشتركة في سوريا وأفغانستان والمحادثات الاستكشافية بين تركيا واليونان والديمقراطية وحقوق الإنسان.
من جانبه قال وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو إنه أبلغ نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن بأن شراء أنقرة منظومة الدفاع الصاروخي الروسية إس-400 "صفقة منتهية"، أي أنها تمت بالفعل وباقية، وأضاف أن أعضاء حلف شمال الأطلسي يحتاجون لخارطة طريق لحل خلافاتهم.
كما أضاف تشاويش أوغلو أن محادثاته مع بلينكن جرت في مناخ بناء، وأنهما اتفقا على عقد المزيد من الاجتماعات الموسعة، سواء في تركيا أو الولايات المتحدة.
لكن هناك توافقات في ملفات أخرى
كما أعرب وزير الخارجية الأمريكي عن تطلع بلاده إلى مواصلة التعاون مع تركيا فيما يخص مكافحة الإرهاب. جاء ذلك في تغريدة على حسابه في تويتر، الأربعاء، أشار فيها إلى لقائه مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو في بروكسل.
قال بلينكن: "أتطلع إلى استمرار التعاون مع تركيا حليفتنا في الناتو بشأن مكافحة الإرهاب". وأكد دعمه للمحادثات الاستشارية بين تركيا واليونان.
في وقت سابق الأربعاء، أكد وزيرا الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو، والأمريكي أنتوني بلينكن، على أهمية علاقات التحالف بين البلدين.
إذ بدأ الثلاثاء 22 مارس/آذار، وزراء خارجية الدول الأعضاء في "الناتو"، اجتماعهم المباشر الأول بمقر الحلف في بروكسل. ويعتبر هذا الاجتماع الأول وجهاً لوجه لوزراء خارجية الحلف بعد نحو عام من اللقاءات عبر "الفيديو كونفرنس"، بسبب جائحة كورونا.
لماذا يقلق الأمريكيون من صواريخ إس 400؟
لفهم طبيعة الأزمة الناتجة عن امتلاك تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400، وتأثير ذلك على علاقاتها بحلف الناتو، يجب وضع الجانب التقني في الحسبان.
تقول مجلة The National Interest الأمريكية "من وجهة نظر عسكرية، تأتي مشتريات تركيا لنظام الدفاع الجوي S-400 بمشكلات تقنية هائلة تمنع تشغيل العتاد العسكري الموالي لحلف الناتو، مثل المقاتلات الجوية إف-35 (F-35 Joint Strike Fighter) في المجال الجوي التركي.
لا تشترك تركيا في الوقت الحالي، ولن تشترك في المستقبل القريب، في أعمال الصيانة الأولية للنظام الروسي، لعدم وجود أي اتفاقيات تتعلق بالتبادل التقني لخوارزميات أو تصميم نظام S-400.
بمعنى آخر، في ظل غياب المعرفة التقنية الشاملة أو المشاركة في الإنتاج، لن يعرف القائمون على الدفاع التركي ما يفعله نظام SAM الروسي الاستراتيجي بشكل كامل، وإذا ما كان للنظام أي أبواب خلفية إلكترونية تسمح بنقل بيانات العتاد العسكري الخاص بحلف شمال الأطلسي سراً إلى موسكو.
أي لا يمكن استبعاد خطر قيام نظام S-400 بدراسة وإبلاغ موسكو بخصائص ومواصفات مقاتلات F-35، الأمر الذي من شأنه تعريض الأسطول العالمي المتحالف مع الولايات المتحدة، من أوروبا الغربية إلى شرق آسيا، للخطر.
مما يزيد من هذا القلق، اختبرت تركيا في نوفمبر/تشرين الثاني مستشعرات نظامS-400 على مقاتلات F-16 وF-4 الأمريكية، التي تمثل العمود الفقري للقوات الجوية التركية. وأدت تلك الخطوة الجريئة إلى توتر المزاج داخل المجتمع العسكري الأمريكي.
بينما دعت أنقرة عدة مرات إلى إنشاء لجنة مشتركة لضمان حماية بيانات مقاتلات F-35، فإن المفارقة أن روسيا هي الوحيدة التي يمكنها تقديم تلك الضمانات.
تقول المجلة الأمريكية "لا ينبغي أن تتفاجأ تركيا من تردد حلف شمال الأطلسي في نشر مقاتلات F-35، أو إجراء تدريبات مشتركة في المجال الجوي التركي، بعد نشرها نظام الدفاع الجوي S-400، خشية تسريب بيانات الأصول العسكرية الثمينة لحلف شمال الأطلسي عبر نظام الدفاع الجوي الروسي.