ساهم عقار ديكساميثازون زهيد التكلفة، حتى الآن، في إنقاذ حياة ما يقدر بمليون شخص على مستوى العالم من المرض الناجم عن فيروس كورونا، منهم 22 ألف شخص في بريطانيا، ليتحول إلى علاج فعال ضد الفيروس، بفضل برنامج اختبار أدوية ضخم ابتكره علماء بريطانيون.
تجربة واسعة لعقار ديكساميثازون
كان هذا البرنامج، الذي أُطلق عليه Recovery، أكبر تجربة على مستوى العالم لعقاقير اختيرت عشوائياً لعلاج كوفيد-19، وانطلق في مارس/آذار عام 2020 لتقييم مدى نجاح مجموعة من الأدوية المختلفة في مساعدة المصابين بالفيروس الذين يُعالجون بالمستشفيات.
أجرى هذه الدراسة آلاف الأطباء والممرضات على عشرات الآلاف من المرضى في المستشفيات في بريطانيا، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 23 مارس/آذار 2021.
تشير الصحيفة إلى أنه مع ظهور جائحة كورونا أواخر عام 2019، بدأ بيتر هوربي، خبير الأمراض المعدية في جامعة أكسفورد، بتجارب على عقاقير كوفيد في ووهان.
لكن الدراسات تأجلت بعد انتهاء الإصابات في الصين، بفضل قيود الإغلاق المشددة في الوقت الذي بدأت تظهر فيه حالات في أوروبا.
بعد ذلك تعاون هوربي مع زميله في جامعة أكسفورد مارتن لاندراي، أستاذ الطب وعلم الأوبئة، لإطلاق برنامج Recovery، وتطلب الأمر منهما تسعة أيام فقط لصياغة أول بروتوكول لتسجيل المريض الأول، وهي عملية تستغرق عادةً تسعة أشهر.
بعد أقل من مئة يوم من بدء البرنامج، توصل القائمون على التجارب إلى نتيجة مذهلة: أول دواء يزيد من فرص النجاة من فيروس كورونا بشكل واضح.
تبين أن عقار ديكساميثازون، وهو ستيرويد متوفر على نطاق واسع وبأسعار معقولة، يقلل من خطر الوفاة بمقدار الثلث لدى مرضى كورونا الذين يستخدمون أجهزة التنفس الصناعي، وبمقدار الخمس تقريباً لمن يتلقون العلاج بالأوكسجين.
وقال هوربي: "كان من الصعب معرفة عدد الأرواح التي قد ينقذها هذا العقار، لأننا لم نكن نعرف مسار الجائحة، أو مدى قبول هذه النتائج".
تفاؤل بالنتائج
حظيت النتائج بإشادات وقبولاً عالمياً، ورغم أن بريطانيا تعرضت لانتقادات بسبب استجابتها البطيئة الأولية للجائحة وبرامج الفحوصات الفاشلة، فقد انهالت الإشادات على علماء برنامج Recovery لجهودهم الرائعة في مكافحة المرض.
هوربي قال أيضاً إنه من الواضح أن "الديكساميثازون كان له تأثير كبير. مليون رقم كبير… وهو تقدير قد يكون أقل أو أعلى من ذلك. لا نعرف".
كانت منظمة الصحة العالمية قد أشادت في يونيو/حزيران 2020، في تحقيق ما وصفته بـ"اختراق علمي"، وذلك في تعليقها على عقار ديكساميثازون، وفقاً لوكالة رويترز.
أيضاً كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد تناول العقار أيضاً عندما أُصيب بكورونا، ويستخدم ديكساميثازون لعلاج حالات خلل الجهاز المناعي والالتهابات ومشاكل التنفس وغيرها من الحالات عن طريق خفض الاستجابة الدفاعية الطبيعية للجسم، والتي يمكن أن ترد بشكل مبالغ فيه، مما يسبب حدوث مشاكل إضافية.
من المقرر كذلك، نشر التقديرات التي أشارت لها دائرة الصحة الوطنية في إنجلترا يوم الثلاثاء 23 مارس/آذار، وقد استندت إلى دراسة نُشرت في مجلة Nature Communications الشهر الماضي.
قدّرت الدراسة أن العقار ساهم في إنقاذ حياة حوالي 12 ألف شخص في المملكة المتحدة بين يوليو/تموز وديسمبر/كانون الأول عام 2020، وكتب الباحثون أن هذا يعني حوالي 650 ألف شخص على مستوى العالم خلال الفترة نفسها.
لكن القائمين على الدراسة لفتوا إلى أن الأبحاث السريرية في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل التي لا تتمتع بقدرة كبيرة على الوصول إلى الأوكسجين و/أو أجهزة التنفس الصناعي هي المفتاح للحصول على تقدير أكثر دقة لعدد الأرواح التي يساهم في إنقاذها استخدام الديكساميثازون.
يقول هوربي: "أعتقد أن الورقة البحثية تقول بوضوح إنه توجد الكثير من الافتراضات، وتوجد حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتوضيح كيف تُترجم هذه الفوائد في بيئات مختلفة".