أعلن رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري، اليوم الخميس 18 مارس/آذار 2021، الاتفاق مع رئيس البلاد ميشال عون على عقد اجتماع ثنائي بينهما، الإثنين المقبل، لبحث إمكانية الوصول لحكومة جديدة بأسرع وقت ممكن، وذلك من أجل العمل على وقف الانهيار الاقتصادي، واستئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي، واستعادة ثقة المجتمع الدولي.
جاء ذلك في كلمة للحريري، خلال مؤتمر صحفي، عقب لقائه عون في قصر الرئاسة شرقي بيروت، غداة ما وُصف بالصدام بين رئاسة الدولة، ورئاسة الحكومة في لبنان.
الحريري أضاف أنه "يوجد تغيير الآن، وستكون هناك أجوبة حول إمكانية سرعة وصولنا إلى تشكيل الحكومة"، مضيفاً: "سأبقى صريحاً. الآن هناك فرصة (لتشكيل الحكومة) يجب الاستفادة منها"، دون أن يذكر تفاصيل أكثر حول هذه الفرصة.
كما ذكر أن اجتماعه اليوم مع الرئيس عون جاء "للتخفيف من الصدام الذي ظهر أمس الأربعاء، ولتهدئة الأمور"، مشيراً إلى أنه "استمع إلى ملاحظات رئيس البلاد، وتحدث معه حول تطلعاته لتشكيل حكومة اختصاصيين تضم 18 وزيراً، وتخرج الدولة من أزمتها الاقتصادية الحالية".
ارتفاع سعر الليرة اللبنانية
فيما أرجع الحريري سبب ارتفاع سعر الليرة اللبنانية أمام الدولار إلى غياب الأفق عند المواطنين، منوهاً إلى أن "الهدف الأساسي من الحكومة المُشَكَّلة في أقرب وقت هو وقف الانهيار بالليرة اللبنانية".
يشار إلى أن الأسعار في لبنان ارتفعت بنسبة 144%، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي. وبات أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر، وخسر عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم.
على إثر ذلك، يشهد لبنان منذ فترة احتجاجات منددة بتردي الأوضاع المعيشية وتدهور سعر الصرف، إذ تخطى الدولار الواحد 12 ألف ليرة في السوق الموازية (السوداء)، مقابل 1510 ليرات رسمياً.
صدام بين الرئاسة والحكومة
يأتي اجتماع الخميس بعدما دعا الرئيس عون رئيس الوزراء المكلف، أمس الأربعاء، إلى تشكيل حكومة جديدة على الفور أو إفساح الطريق لآخر يستطيع ذلك.
بينما رد الحريري بالقول إنه سيجتمع مع عون مُجدداً لبحث الأسماء التي قدمها "قبل أسابيع" للحكومة، لكن إذا لم يكن بمقدور عون الموافقة عليها فإنه عندئذ سيدعو لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
جدير بالذكر أن رئاسة عون تنتهي عام 2022، وتم انتخابه في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2016، ضمن صفقة سياسية أوصلت أيضاً الحريري لرئاسة الحكومة.
كانت الرئاسة اللبنانية قد أفادت بأن الرئيس عون حدّد موعداً للمكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم الخميس لزيارة قصر بعبدا.
في وقت سابق من يوم الخميس، قالت المديرية العامة للرئاسة، عبر حسابها على موقع "تويتر"، إن رئاسة الجمهورية تعوّل على الحسّ بالمسؤولية الوطنية لدى الحريري فيأتي حاملاً تصوراً لتشكيل حكومة تراعي مقتضيات التوازن والميثاقية والاختصاص، مستخلصاً بذلك أشهر التكليف الخمسة.
كان قد تم تكليف الحريري في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2020 بتشكيل حكومة جديدة تخلف حكومة حسان دياب الذي قدم استقالة حكومته في 10 أغسطس/آب الماضي، على خلفية انفجار مرفأ بيروت.
عقب شهرين من تكليفه، أعلن الحريري أنه قدم إلى عون "تشكيلة حكومية تضم 18 وزيراً من الاختصاصيين غير الحزبيين".
لكن عون (مسيحي ماروني) أعلن آنذاك اعتراضه على ما سماه "تفرد الحريري بتسمية الوزراء، خصوصاً المسيحيين، دون الاتفاق مع الرئاسة".
أسوأ أزمة سياسية واقتصادية
ويمر لبنان بأزمة سياسية واقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، وسط تعثر تشكيل حكومة جديدة، منذ استقالة حكومة حسان دياب في 10 أغسطس/آب الماضي.
فيما تمثل الأزمة الاقتصادية في لبنان أكبر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990.
وفي مؤشر آخر على انهيار اقتصاد لبنان، قامت وزارة الاقتصاد اللبنانية برفع سعر كيس الخبز بنسبة 20%، الأمر الذي ساهم أيضاً بتأجيج الشارع.
يُذكر أن وزارة المال والبنك الدولي وقّعا اتفاقاً على تقديم مساعدة طارئة للبنان قدرها 246 مليون دولار على شكل تحويلات مالية وخدمات اجتماعية لنحو 786 ألف لبناني يعيشون تحت خط الفقر.
كان وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، قد صرّح مؤخراً بأن الوقت ينفد لمنع انهيار لبنان، ولا يرى أي مؤشر على أن السياسيين اللبنانيين يبذلون ما في وسعهم لإنقاذ بلادهم، مضيفاً: "أميل إلى تصنيف السياسيين اللبنانيين على أنهم مسؤولون عن عدم مساعدة بلادهم وهي في خطر. لقد التزموا جميعاً بالعمل على تشكيل حكومة شاملة وتنفيذ إصلاحات لا غنى عنها. كان ذلك قبل 7 أشهر ولا شيء يتحرك".