وجَّهت دول غربية، من بينها أمريكا، الجمعة 12 مارس/آذار 2021، انتقاداً نادراً لمصر، حيث دعتها في بيان موحَّد إلى وضع نهاية لملاحقة النشطاء والصحفيين والمعارضين السياسيين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، كما حثتها على الإفراج عن المعتقلين منهم دون قيد أو شرط.
البيان المشترك الذي اعتبرته وكالة رويترز للأنباء الأول من نوعه اتجاه مصر منذ استلام الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في البلاد عام 2014، يأتي بعد أن وقعت عليه 31 دولة، بينها الولايات المتحدة الأمريكية، وتلته فنلندا أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف.
حيث طالبت 31 دولة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مصر بالتوقف عن اللجوء إلى قوانين مكافحة الإرهاب لتكميم أفواه المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين وإبقاء المنتقدين في الحبس الاحتياطي إلى أجل غير مسمى.
من جانبها، قالت سفيرة فنلندا كيرستي كاوبي، التي تلت البيان نيابةً عن الموقعين، إن الدول المشاركة تحث مصر على أن " تتيح المجال للمجتمع المدني، بما في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان، للعمل دون خوف من الترهيب أو المضايقة أو الاعتقال أو الاحتجاز أو أي شكل آخر من أشكال الانتقام".
وأوضحت كاوبي أن ذلك "يشمل رفع حظر السفر وتجميد الأصول عن المدافعين عن حقوق الإنسان بمن فيهم موظفو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، في إشارة إلى ثلاثة نشطاء من المبادرة اعتقلوا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد اجتماعهم مع دبلوماسيين كبار في القاهرة.
أما كيفن ويلان، ممثل منظمة العفو الدولية لدى الأمم المتحدة في جنيف، فقال: "لقد مرت سبع سنوات منذ أن كان هناك أي نوع من التحرك الجماعي بشأن مصر في مجلس حقوق الإنسان، هذه خطوة في غاية الأهمية".
وأضاف: "نحن في المرحلة التي أصبح فيها بقاء حركة حقوق الإنسان في مصر على المحك".
يشار إلى أن معظم الدول الموقّعة على البيان أوروبية، وانضمت إليها أستراليا وكندا ونيوزيلندا. ولم تؤيد البيان أي دولة من إفريقيا أو الشرق الأوسط.
أمريكا توجه خطاباً لاذعاً لمصر
يأتي هذا البيان المشترك بعد يوم واحد من تصريح للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، عبَّر فيه عن قلق واشنطن حيال "أوضاع حقوق الإنسان وقمع حرية التعبير والمجتمع المدني بمصر".
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية قال في الإفادة الصحفية اليومية للوزارة، إن واشنطن "تشعر بقلق بالغ حيال أوضاع حقوق الإنسان في مصر وقمع حرية التعبير والمجتمع المدني"، منوهاً بأن الإدارة الأمريكية "ستثير هذه القضايا ضمناً وعلناً مع المسؤولين المصريين".
برايس لفت إلى أن "انتهاكات حقوق الإنسان وقمع المجتمع المدني يقوضان ديناميكية واستقرار القاهرة" كشريك لبلاده، واصفاً مصر بأنها دولة "ذات مكانة مهمة ورائدة في مسيرة السلام بالشرق الأوسط".
مصر تحاول الضغط على واشنطن من الداخل
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه لهجة الخطاب الأمريكي تجاه مصر، كشف موقع Al-Monitor الأمريكي، الخميس، أن القاهرة تسعى إلى تشكيل لوبي داخل الولايات المتحدة لتقديم صورة إيجابية عن البلاد والحكومة أمام إدارة بايدن.
بحسب الموقع، فقد ناقش الاتحاد العام للمصريين في الخارج (مؤيد لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي)، خلال اجتماعٍ افتراضي عُقد عبر الإنترنت في 22 فبراير/شباط 2021، احتمالية تشكيل لوبي مصري يهدف إلى الدفع بمنظمات المجتمع المدني للضغط على الرأي العام الأمريكي، وتقديم وجهة النظر المصرية أمام القيادة الأمريكية الجديدة.
كانت وزيرة الهجرة المصرية، نبيلة مكرم، قد أعلنت في 31 يناير/كانون الثاني الماضي، تأسيس أول لوبي من الأكاديميين الشباب؛ للدفاع عن مصر في العديد من الدول، خاصةً الولايات المتحدة، عبر اتحاد الطلاب المصريين في الخارج، ليكون مسؤولاً عن تنظيم اجتماعات وزيارات الشباب المصري للولايات والدول الأخرى، بهدف الترويج لدور الحكومة المصرية.
موقع Al-Monitor الأمريكي لفت إلى أنه منذ تولّي بايدن الرئاسة، بدأت الولايات المتحدة فرض ضغوط على مصر فيما يتعلق بوضع حقوق الإنسان داخل البلاد، منوهاً بأن الحكومة المصرية بدأت في المقابل حشد المصريين داخل أمريكا، من أجل تشكيل لوبي للضغط على إدارة بايدن.
إذ أعلن عضوان بالكونغرس الأمريكي، وهما دون باير وتوم مالينوفسكي، في 25 من يناير/كانون الثاني الماضي، تشكيل "لجنة لمتابعة حقوق الإنسان في مصر". وقال العضوان إنهما سيحشدان الدعم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري؛ في محاولةٍ للضغط على الحكومة المصرية فيما يتعلق بسجل حقوق الإنسان.
كما أعرب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في أول مكالمة هاتفية مع نظيره المصري، سامح شكري، خلال نهاية الشهر الماضي، عن المخاوف الأمريكية إزاء وضع حقوق الإنسان في مصر، مؤكّداً أن هذه القضية محورية في العلاقات الأمريكية-المصرية.