كشفت دراسة تحليلية جديدة أصدرها باحثون صينيون وأمريكيون، عن علاقة محتملة بين مرض حمى الخنازير القاتل وانتشار فيروس كورونا، حيث تُرجح أن تكون الأولى قد ساهمت فعلاً في تفشي "كوفيد-19" بالصين ثم العالم، إذ تسبَّبَت حمى الخنازير الإفريقية، التي اجتاحت الصين لأول مرةٍ عام 2018، في تعطيل إمدادات لحوم الخنازير، مما زاد احتمالية تعرُّض البشر للفيروس مع سعي الناس للحصول على لحومٍ بديلة، وذلك وفق ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير لها الأربعاء 10 مارس/آذار 2021.
وتُعَدُّ الخنازير المصدرَ الرئيسي للحوم في النظام الصيني، وتنتج الدولة نصف إنتاج الخنازير في العالم (ما يقرب من 55 مليون طن سنوياً)، مما يشكِّل صناعةً تبلغ قيمتها أكثر من 128 مليار دولار، كما تفشَّت حمى الخنازير الإفريقية في معظم أنحاء الصين بحلول الربع الأخير من عام 2019. والمرض غير قابل للعلاج وغير قابل للشفاء منه، وبمجرد الإصابة به، فإن الحل الوحيد هو قتل الحيوانات المُصابة.
اضطراب هائل في سوق اللحوم
أدَّى الانخفاض الكبير في عرض لحوم الخنازير، بعد إعدام الخنازير والقيود المفروضة على حركتها، إلى ارتفاع الأسعار، وتصاعَدَ الطلب على مصادر بديلة من اللحوم في جميع أنحاء البلاد، كما طَرَحَ فريقٌ من الباحثين من الصين والمملكة المتحدة، في تحليلٍ لم يخضع للمراجعة، فقد تضمَّنت هذه المصادر حيواناتٍ برية، مما أدَّى إلى زيادة فرص التعرُّض لفيروس كورونا المُستجَد، بشكلٍ كبير.
في تعليقه على نتائجها، قال ديفيد روبرتسون، مؤلِّف الدراسة وأستاذ علوم الجينوم والمعلومات الحيوية الفيروسية بجامعة غلاسكو: "إذا دخل مزيد من الحيوانات البرية في السلسلة الغذائية للإنسان، إما من خلال صيد الأفراد.. وإما بالذهاب إلى السوق والحصول على مصادر مختلفة من اللحوم، فإنَّ فرص التعرُّض للفيروس تزداد، إنك بذلك تزيد من فرصة انتقال الفيروس إلى البشر".
يضيف روبرتسون، أن التحليل المنشور حديثاً، والذي يورِّط حمى الخنازير الإفريقية كمحفِّزٍ لانتقال فيروس سارس-كوفيد-2 إلى البشر، قدَّم تفسيراً محتملاً لما حدث، مشيراً إلى أن حمى الخنازير الإفريقية ربما تسبَّبَت في نقص ما يقرب من 40 إلى 60% من إجمالي عدد الخنازير في الصين، مما أدَّى إلى اضطرابٍ هائلٍ بصناعة اللحوم في البلاد.
الفيروس يعود من جديد
فقد أعلنت الصين، السبت 6 مارس/آذار 2021، تفشي حمى الخنازير الإفريقية في إقليمين كبيرين بالبلاد، هما سيشوان وخبي، اللذان يشتهران بإنتاج لحوم الخنازير، إذ قالت وزارة الزراعة والشؤون الريفية في بيان، إن التفشي قضى على 38 خنزيراً في مزرعة بإقليم سيشوان، أكبر منتِج للحوم الخنازير في الصين.
وسبق أن أعلنت بكين أيضاً عن تفشٍّ آخر للمرض في الأسبوع الماضي، بإقليم يونان بجنوب غربي البلاد.
في إقليم خبي، تم رصد المرض في حافلة كانت تنقل خنازير بصورة غير مشروعة من إقليم آخر، كما تم رصد 10 خنازير مصابة من أصل 165، نفق منها نحو خمسة.
هذه الحمى أدت إلى نفوق 38 خنزيراً من أصل 127 في محافظة سيشوان، التي تعتبر كبرى المحافظات الصينية إنتاجاً للخنازير.
رحلة البحث المضنية عن أصل كورونا
المفتاح الأساسي لتجنُّب جائحة حيوانية أخرى في المستقبل هو المهمة الشاقة لمعرفة كيفية حدوث الجائحة.
بينما لا يزال مُحقِّقو الأمراض، ومن ضمنهم فريقٌ من منظمة الصحة العالمية، يواصلون تعقُّب الفيروس، يشتبه كثيرون في أن كوفيد-19 ربما نشأ بالخفافيش وانتقل إلى البشر، ربما من خلال حيوان وسيط.
إذ اكتُشِفَت المجموعة الأولى من حالات كوفيد-19 في ووهان، لكن من المُحتمَل أن يكون المرض قد نشأ في مكانٍ آخر.
في يناير/كانون الثاني 2020، أعلن علماء صينيون التسلسل الجيني الذي أُطلِقَ على اسم سارس-كوفيد-2، ومنذ ذلك الحين أظهر العلماء أن الفيروس ربما كان له أصلٌ بعيد على الأقل في خفافيش الحذوة الصغيرة بمقاطعة يونان الصينية.
ومن عيِّنةٍ من 41 حالة مؤكَّدة مبكِّرة لكوفيد-19، كان 70% من المصابين من أصحاب الأكشاك أو الموظَّفين أو الزبائن الدائمين في سوق ووهان للمأكولات البحرية وكذلك الحيوانات الحية، التي غالباً ما تُصاد بشكلٍ غير قانوني في البرية وتُذبَح أمام الزبائن، لكن الحالة الأولى المؤكَّدة لم تكن لها صلةٌ واضحة بالسوق.