مازالت الأزمة بين الجزائر والإمارات العربية المتحدة مستمرة، رغم محاولات أبوظبي استمالة "رضا" تبون الذي رفض أن يفتح صفحة بيضاء مع أبوظبي، بسبب عدة مواقف إقليمية، أبرزها قضية الصحراء والتطبيع مع إسرائيل.
وحسب المعلومات الحصرية التي حصل عليها "عربي بوست" من مصادر خاصة، فإنّ الجزائر رفضت في شهر فبراير/شباط الماضي مساعدات قدمتها لها الإمارات بشكل خاص لتجاوز الظرف الراهن.
وكشفت المصادر ذاتها أن المساعدات التي عرضتها الإمارات على الجزائر تتمثل في شحنات من لقاح كورونا المستجد، خصوصاً أن الجزائر تسير ببطء كبير في عملية التلقيح بسبب اعتمادها على اللقاح الروسي بشكل حصري.
مساعدات الإمارات للجزائر
تعيش الجزائر أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ أشهر، فالبلد استبق التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي أحدثها فيروس كورونا على العالم بأسره، لأن الوضع في الجزائر كان استثناء أدى إلى انفجار اجتماعي تطور إلى حراك في فبراير/شباط 2019.
وحسب المعلومات الحصرية التي حصل عليها "عربي بوست"، فإن دولة الإمارات عرضت على الجزائر مساعدات مادية لتجاوز الأزمة الاقتصادية التي تخنق البلاد وأدت إلى انهيار عملتها الدينار.
وأضافت المصادر ذاتها أن الجزائر رفضت جملة وتفصيلاً أي مساعدة من الإمارات، في إشارة منها على عدم رغبتها في طي خلاف الماضي، وفتح صفحة جديدة بين البلدين.
وحسب المعلومات المتوفرة، فإن الإمارات لم تسع إلى كسب رضا الجزائر بترميم الملفات المكسورة، إذ إنها لازالت تدعم المغرب في قضية الصحراء وفتحت قنصلية في مدينة العيون، كما أن أبوظبي تعتبرها الجزائر من البلدان الراعية للتطبيع مع إسرائيل.
تهديد أبوظبي
كشف موقع مغرب انتلجنس الفرنسي قبل أسابيع، أنّ الإمارات هدّدت الجزائر بمراجعة علاقتها السياسية والاقتصادية وسحب جميع استثماراتها من البلاد، وذلك عقب تصريحات عبدالمجيد تبون عن التطبيع والهرولة باتجاهه.
وأضاف الموقع الفرنسي أن أبوظبي لم تكن تنظر بعين الرضى إلى التقارب التركي الجزائري في الملف الليبي، بحيث كانت تفضل دعم الجزائر لحليفها حفتر وهو ما كان سيحسم الصراع بسهولة لصالحه في معركته ضدّ حكومة الوفاق المعترف بها دولياً حينها.
وكانت الإمارات فعلاً قد أرسلت وزير خارجيتها عبدالله بن زايد آل نهيان مباشرة بعد مغادرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مطار هواري بومدين الدولي في شهر يناير/كانون الثاني 2020.
من جهة أخرى كانت الإمارات قد منعت الجزائريين في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، من دخول أراضيها رفقة مواطني تسع دول أخرى، بحجة محاربة فيروس كورونا حسبما كشفته وكالة رويترز، وذلك رغم أن الجزائر لم تكن تسجل عدداً مرتفعاً في الإصابات.
هل تعود المياه إلى مجاريها؟
يبدو أن تغير موازين القوى في المنطقة بعد انهزام الحليف الأول الإمارات في سباق الرئاسيات الأمريكية دونالد ترامب ووصول الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض جعل الإمارات تعيد حساباتها في علاقتها بمحيطيّها الخليجي والعربي، بحيث اضطرت لمصالحة قطر بعد حصارها رفقة السعودية والبحرين ومصر.
كما رضخت رفقة مصر للحل السياسي في ليبيا بعدما كانت ترى أن الحسم في هذا البلد الثري يمكن أن يحققه حليفها خليفة حفتر عسكرياً.
ومن المتوقع أن تتراجع الإمارات أو تخفف على الأقل من سياستها العدائية تجاه الجزائر، في إطار المراجعات السياسية التي تقوم بها أبوظبي عقب خسارة ترامب.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر توفيق بوقعدة، أنّ العلاقات بين الجزائر والإمارات لم تصل إلى حد التوتر، ويمكن وصفها بالباردة.
ويعتقد بوقعدة في تصريح لـ"عربي بوست"، أنّ الخلافات بين الجزائر والإمارات فيما يخص ملف الصحراء والتطبيع ليست كافية لإحداث شرخ في العلاقات بين البلدين، لاسيما أن مصالحهما المشتركة في مختلف المجالات كبيرة جداً.