يعيش الفلسطينيون هذه الأيام ظروفاً صعبة، تشتد عليهم فيها وطأة كورونا، فقد ارتفعت الإصابات بالفيروس بشكل غير مسبوق في العديد من المدن بالضفة الغربية، ما دفع الحكومة في رام الله لفرض إغلاق كامل ومنع للتجول في 4 مدن رئيسية هي: رام الله، وبيت لحم، ونابلس، وطولكرم.
على المشهد الآخر، وعلى بُعد كيلومترات قليلة فقط من الفلسطينين، جلس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد 7 مارس/آذار 2021، على أحد مقاهي مدينة القدس، وقرع كأسه مع كأس رئيس البلدية موشي ليون، محتفلاً بعودة المطاعم لفتح أبوابها، بموجب خطة للخروج من قيود كورونا.
بحثٌ عن لقاحات في الضفة.. وفائض منها في إسرائيل
هذان المشهدان يعكسان واقعاً متناقضاً، ففي إسرائيل، حصل 53% من سكان إسرائيل على جرعة أولى على الأقل من لقاح فايزر، وبالتالي فقد بدأت الحكومة تدريجياً في إعادة فتح الشركات والأعمال والمدارس والمطار الرئيسي في البلاد، ولكن بوضع قيود على الطاقة الاستيعابية.
يعكس هذا حصول إسرائيل على كل حاجتها من اللقاحات، بل وأكثر من حاجتها، لدرجة أنها ترغب بالتبرع بآلاف اللقاحات لحلفائها من الدول التي وافقت على التطبيع.
لكن في المقابل، فقد حصل الفلسطينيون على 12000 جرعة فقط حتى اليوم، فيما تدير إسرائيل ظهرها للفلسطينيين، وترفض تقديم أي مساعدة لهم بهذا الشأن على الرغم من الفائض لديها في اللقاحات.
من جانبها، قالت وزارة الصحة الفلسطينية إنه من المتوقع وصول أولى الدفعات من اللقاحات التي اشترتها الحكومة الفلسطينية خلال الأسابيع القادمة، مؤكدة أن تأخر وصولها يعود "لأسباب لها علاقة بالشركات المصنعة وسوق التنافس العالمي عليها وإجراءات الشحن"، بحسب بيانها يوم 2 مارس/آذار.
ظروف صعبة في الضفة الغربية
في الوقت ذاته، شددت السلطة الفلسطينية، الأحد 7 مارس/آذار 2012، من إجراءات الحظر الشامل في محافظة رام الله بالضفة الغربية، فيما دخلت كل من نابلس وبيت لحم وطولكرم دائرة الإغلاق، إثر انتشار كبير لطفرات كورونا البريطانية والجنوب إفريقية، وهو ما أدى إلى ازدياد أعداد الإصابات.
هذا الوضع جعل وضع المستشفيات الفلسطينية في حالة صعبة جداً، فقد أعلن مدير الطب الوقائي في وزارة الصحة الفلسطينية، سامر الأسعد، أن نسبة الإشغال في المستشفيات وصلت لنحو 95%"، مضيفاً أن "كل المؤشرات تؤكد أن القادم أسوأ".
بموجب الإغلاق، تمنع الأنشطة التجارية وحركة السيارات بشكل كامل، وجزئياً محلات البقالة، مع استثناء المخابز والصيدليات من القرار.
وفي أحدث معطيات أعلنتها وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، الأحد، تم تسجيل 13 وفاة، و2264 إصابة بفيروس كورونا، إضافة إلى 1446 حالة تعافٍ، خلال الـ24 ساعة الماضية.
بذلك يرتفع مجموع الإصابات بالفيروس منذ بداية الجائحة في فلسطين قبل عام إلى 222.903، تعافى منها 198.270، فيما بلغت الوفيات 2365 حالة.
أما عند النظر إلى حال المستشفيات، فإن الصورة تبدو سوداوية، ففي مجمع فلسطين الطبي في مدينة رام الله، تقوم الطواقم الطبية بفتح قسم جديد لمرضى كورونا كل يوم، فيما أصبحت نسبة الإشغال مرتفعة جداً، بحسب مديره أحمد البيتاوي.
كما أضاف البيتاوي: "نستقبل يومياً أعداداً جديدة من المصابين، لدينا نقص حاد في الأسرّة"، لافتاً إلى أن فتح أقسام جديدة لمرضى كورونا يأتي على حساب بقية المرضى.
وما يزيد من الضغط على الطواقم الطبية هو أن "غالبية الحالات تأتي متأخرة، وقد أصيبت بانتكاسة وعطب في الرئتين"، بحسب البيتاوي، مشيراً إلى أن "العدد أصبح فوق المتوقع، ويزيد عن القدرة الاستيعابية (..) الوضع بات مقلقاً للغاية".
المصائب لا تأتي فُرادى على الشعب الفلسطيني
كان من المفترض أن تكون كمية اللقاحات التي وصلت إلى الفلسطينيين، على الرغم من قلة حجمها، بارقة أمل للشعب الفلسطيني، إلا أن استخدامها بشكل غير "نزيه وشفاف"، من وجهة نظر العديد من المنظمات الفلسطينية، يُعطي جرعة إحباط جديدة للمواطنين.
فقد اتهم الائتلاف الفلسطيني من أجل النزاهة والشفافية-أمان (غير حكومي) الحكومة بـ"المحسوبية" في توزيع لقاحات كورونا، مشيراً إلى أن توزيعها تم "خارج إطار خطة واضحة ومنشورة.. وفي إطار من المحسوبيات والعلاقات التي تسعى إلى المصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة".
فيما طالب الائتلاف "جهات الاختصاص، وفي مقدمتها مجلس الوزراء" باتخاذ "إجراءات كفيلة بوقف عملية توزيع اللقاح على جهات ليست ضمن الأولوية القصوى، ومعاقبة من يسهل هذه العملية".
بدورها، أعلنت وزارة الصحة، الثلاثاء، أنها تلقت 12 ألف جرعة من لقاحات كورونا، أرسلت منها 2000 لقطاع غزة، و200 للديوان الملكي الأردني بطلب منه، وبموافقة الرئاسة الفلسطينية.
كما أوضحت أن ما نسبته 90% من مجمل عدد اللقاحات في المحافظات الشمالية (الضفة) أعطيت للكوادر الصحية، مشيرة أيضاً إلى أنه تم تطعيم المنتخب الوطني الفلسطيني، ورجال الأمن العاملين في الرئاسة ورئاسة الوزراء.