اتهمت منظمة العفو الدولية، الجمعة 5 مارس/آذار 2021، أجهزة الأمن المصرية باحتجاز أم وطفلها انفرادياً طيلة عامين، وحرمانهما من حقوقهما القانونية بالخضوع للإجراءات القضائية الواجبة، وقالت المنظمة إن أجهزة الأمن في مصر وصلت لـ"مستوى جديد من الوحشية".
موقع Middle East Eye البريطاني أشار في تقريره، الجمعة، إلى أنه في يونيو/حزيران 2019، أصبحت قضية اختفاء الرضيع البراء، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك عاماً واحداً، محط اهتمام حين تحدث خاله مصطفى عبدالحميد عن اختفائه القسري مع والديه في ذلك العام.
بينما طالبت منظمة العفو الدولية السلطات في مصر بفتح تحقيق شامل في "الاختفاء القسري" طوال عامين لمُحاضِرَة جامعية وابنها البالغ من العمر 3 أعوام، الذي عاود الظهور في القاهرة الشهر الماضي وعليه أعراض صدمة نفسية.
اعتقال الأم وطفلها وزوجها
أخبر مصطفى عبدالحميد، شقيق منار، الأم البالغة من العمر 27 عاماً، موقع Middle East Eye، أنَّ ضباط الأمن الوطني اعتقلوها هي وابنها وزوجها عمر أبوالنجا، في 9 مارس/آذار 2019، من منزلهم في الإسكندرية. ثم اختفوا حتى 20 فبراير/شباط الماضي، عندما شاهد المحامي الأم وطفلها "بالصدفة".
كما قال عبدالحميد إنَّ احتجاز الأطفال غير قانوني في مصر؛ لذا احتُجِز البراء ووالدته في غرفة في مكان غير معلوم حتى ظهورهم مجدداً وصدور لائحة اتهام رسمية. وصرَّح: "أجبروها على القول إنها لم تُحتجَز إلا قبل يومين فقط من جلسة الاستماع".
أضاف عبدالحميد أن "أحد ضباط الأمن الوطني هددها بإخفائها إلى الأبد إذا ادعت أنها مختفية قسراً منذ عامين". وبالرغم من رغبة الأم في بقاء ابنها معها، سلَّمه ضباط الأمن لجدته لتجنب التداعيات القانونية.
الطفل أصيب بالصدمة
بحسب عبدالحميد، أصيب البراء بالصدمة عند رؤية شوارع القاهرة حين تسلَّمته جدته من سجن النساء بالقناطر.
إذ قال عبدالحميد لموقع Middle East Eye: "كان الأمر صعباً للغاية، وظل يصرخ لفترة طويلة. رفض أن يُمسِك به المحامي أو جدته لأنه لم يكن معتاداً على التعامل مع المدنيين". واستطرد: "ليس معتاداً إلا على الضباط في زيهم الرسمي".
يتلقى البراء حالياً إرشاداً نفسياً لعلاج الصدمة التي أصابته من الاعتقال. ووفقاً لخاله، ظل الصبي بعد إطلاق سراحه، يطلب من عائلته إعادته إلى مكان احتجازه.
أضاف خاله: "ظل يقول: أريد العودة إلى الغرفة"، في إشارة إلى المكان الذي احتُجِز فيه مع والدته لمدة عامين. وطلب طبيبه النفسي من العائلة إبقاءه في غرفته، ثم اصطحابه تدريجياً إلى باقي المنزل، ثم إلى الشوارع.
قال عبدالحميد: "هذا طبيعي لطفل ظل محتجزاً في غرفة مغلقة لمدة عامين"، موضحاً أنَّ الأطباء يتوقعون أن يتكيف بالكامل مع بيئته الجديدة سريعاً.
الزوج لا يزال مصيره مجهولاً
بينما تُحتَجَز منار حالياً على ذمة المحاكمة بتهمة "الانتماء إلى جماعة إرهابية". وقال شقيقها إنَّ التهم تستند إلى اعترافات مزورة كتبها شخص آخر ونُسِبَت إليها.
قال عبدالحميد إنَّ زوج منار، عُمر أبوالنجا لا يزال مفقوداً، مضيفاً: "لا نعرف إن كان في القاهرة أم الإسكندرية، وإن كان حياً".
لكن بحسب محضر النيابة، فقد ألقي القبض على منار يوم 17 فبراير/شباط 2021، وليس يوم 9 مارس/آذار 2019، في أداء آخر متكرر لمن يظهرون بعد فترات طويلة من الاختفاء القسري للتغطية على اختفائهم.
بعد انتهاء التحقيقات رُحِّلَت منار إلى سجن النساء في القناطر، لتبدأ رحلتها في الحبس الاحتياطي الذي قد يستمر لشهور أو سنوات دون إحالة على المحاكمة، وبتجديد دوري لقرار حبسها، لخمسة عشر يوماً في عشرة تجديدات متتابعة أمام النيابة، ثم 45 يوماً متتالية أيضاً أمام غرفة المشورة، إلى أن يُتَّخَذ قرار بشأنها.
يوم 21 فبراير/شباط 2021 كتب شقيق منار على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، موجهاً أسئلة لا إجابات لها: "عندي سؤال محيرني. هو المفروض نفرح برجوع البراء لينا بعد سنتين من الاختفاء القسري؟ ولا نحزن على الوضع اللي إحنا شايفينه؟!! طفل مش عارف أهله وخايف منهم وبيصرخ عاوز أرجع الأوضه تاني.. عاوز ماما. طفل مش قابل يهزر مع ناس عاديين، الناس اللي اتعود يشوفهم ناس ميري لابسين بشكل معين وليهم تصرفات معينة".
كما أضاف: "ولو هنحزن.. نحزن على التدمير النفسي اللي حاصل للطفل اللي خرج بعد سنتين تقريباً مشوه نفسياً وربنا يعينا على علاج اللي حصل له؟ ولا نحزن على أمه اللي أجبروها في النيابة تحت تهديد إنها تختفي تاني ومحدش يعرف لها طريق إنها تقول إنها متاخدة من يومين".