تخطط الحكومة الصينية، على مدى السنوات الخمس المقبلة، لزيادة متوسط العمر المتوقع لمواطنيها بمقدار عام، ورفع سن التقاعد القانوني، والتشجيع على مزيد من المواليد، من خلال تخفيف الأعباء المالية عن الآباء، وذلك وفقاً لمسودة المخطط الاقتصادي التي صدرت يوم الجمعة 5 مارس/آذار، مع بداية الدورة التشريعية السنوية في بكين.
حسب تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، الجمعة 5 مارس/آذار 2021، فقد وضعت الخطة، المعروفة باسم الخطة الخمسية الـ14، مقترحات واسعة للتغيير الاقتصادي والاجتماعي، وضمن ذلك سياسات لبناء "صين صحية" ومعالجة الصعوبات الديموغرافية واسعة النطاق، كما يُتوقع أن يوافق المجلس التشريعي الصيني، المجلس الوطني للنواب، على المسودة في نهاية دورته السنوية التي تستمر أسبوعاً.
لمواجهة خطر يهدد الصين
إذ لطالما أعرب قادة الصين عن قلقهم بشأن الاتجاهات الديموغرافية في بلادهم التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة.
ويهدد النمو السريع في عدد السكان المسنين بخفض النمو، وإرهاق الموارد المالية للأمة، وفيما تتقلص القوى العاملة الحالية والمستقبلية، حذَّر علماء الديموغرافيا من أنّ جائحة كوفيد-19 ستزيد الأمور سوءاً على الأرجح.
إذ قدَّر علماء الديموغرافيا والاقتصاد أن معدلات المواليد في الصين انخفضت بنسبة تساوي ضعف العام الماضي، مما قد يعني أن 2020 شهد أقل عدد مواليد في البلاد منذ عام 1961، حين عانت الصين من المجاعة الجماعية. وفي تقرير الشهر الماضي، قالت شركة الاستشارات Capital Economics ومقرها لندن، إنها تتوقع تقلص القوة العاملة في الصين بأكثر من 0.5% سنوياً.
في حاجة لمزيد من الأطفال
مع أن تفاصيل المسودة ضئيلة، فقد قال يي فوكسيان، الباحث المقيم بالولايات المتحدة والذي ظل طويلاً معارضاً لسياسات الصين السكانية: "الموقف الأساسي للسياسة واضح: تحتاج البلاد مزيداً من الأطفال والاعتناء بكبار السن بشكل أفضل".
وفقاً للخطة، تأمل بكين رفع متوسط العمر المتوقع للصين فوق 78 عاماً بحلول عام 2025، من 77.3 عام في عام 2019.
كما تهدف الخطة أيضاً إلى توسيع تغطية المعاشات التقاعدية الأساسية إلى 95% من المتقاعدين، بدلاً من نسبة 91% الحالية، وتوفير مرافق رعاية المسنين ذوي الإعاقات الجسدية أو العقلية لمليوني أسرة.
لكن الأهداف الأخرى مصوغة في عبارات تبقى أكثر غموضاً، ومن المرجح أن تُناقَش التفاصيل خلال الأشهر والسنوات المقبلة.
الصينيون لا يرحبون بذلك!
جاء بمسودة الخطة أنّ رفع سن التقاعد في الصين، وهو من بين الأدنى عالمياً، سيتم بطريقة مرنة عبر "تعديلات صغيرة"، دون الخوض في تفاصيل الاقتراح الذي نوقش لفترة طويلة ولم يحظَ بشعبية.
كما وعدت مسودة الخطة ببذل جهود لتحقيق "مستويات مناسبة للولادة" مثل تقديم خدمات الحضانة النهارية، ورعاية كبار السن بتكلفة معقولة، وإنشاء مدن صديقة للأطفال مع وسائل ترفيه كباحات اللعب وأنشطة ما بعد المدرسة، والبحث في تغيير سياسات إجازات الآباء. ويمنح القانون الصيني إجازة أمومة مدتها ثلاثة أشهر، لكنه لا يفرض إجازة أبوة.
فيما لم تأتِ الوثيقة على ذكر ما إذا كانت بكين ستلغي قيود المواليد. فقد خففت الصين هذه الضوابط في عام 2016، منهيةً سياسة الطفل الواحد التي استمرت منذ عقود، بالسماح لجميع الأزواج بإنجاب طفلين.
إغراءات للإنجاب
صحيفة The Times البريطانية كشفت في تقرير سابق، نشرته في 19 مايو/أيار 2020، أنَّ الصين تتجه لتغطية أغلب تكاليف رعاية الأطفال منذ الولادة وحتى التخرج في الجامعة، لتساعد في زيادة معدلات الإنجاب.
تقرير الصحيفة البريطانية أوضح أن هيئة استشارية ذات نفوذ سياسيٍّ، اقترحت عرض مساعداتٍ ماديةٍ واسعة النطاق على الأُسر؛ لرفع معدلات الإنجاب المنخفضة في كبرى دول العالم من حيث السكان، من بينها خفض الضرائب على الدخل للآباء الجدد.
من جهتها، قالت الرابطة الديمقراطية الصينية: "انخفضت معدلات المواليد في السنوات الأخيرة، وباتت المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن هذا أشد وطأةً اليوم". وتقترح الرابطة سلسلةً من المعونات؛ للمساعدة في تكاليف رعاية الأطفال، وأيضاً معونات للأجداد؛ لمكافأتهم على مساعدتهم الآباء الصغار في الاهتمام بنسلهم.