عبر مجموعة من القادة الدينيين في أمريكا عن مخاوف أخلاقية بشأن لقاح فيروس كورونا الجديد الذي طورته شركة جونسون آند جونسون، على الرغم من المؤشرات التي قدمها اللقاح باحتمال تقديمه أفضل حماية لأكبر عددٍ من الأمريكيين في أسرع وقتٍ ممكن.
حسب تقرير لموقع إذاعة NPR الأمريكية نشر الأربعاء 3 مارس/آذار 2021، فإنه على عكس لقاحات فايزر – بايونتك وموديرنا، أُنتِجَ لقاح فيروس كورونا جونسون آند جونسون جزئياً من خلال استخدام خطوط الخلايا المشتقة من جنينٍ بشريٍّ مُجهَض.
قادة دينيون يعارضون لقاح جونسون آند جونسون
في بيانٍ صدر هذا الأسبوع، قال قادة المؤتمر الأمريكي للأساقفة الكاثوليك إن هذه السمة في لقاح فيروس كورونا جونسون آند جونسون تثير تساؤلاتٍ حول جوازها.
يقول رئيس الأساقفة جوزيف نومان من أبرشية كانساس سيتي بولاية ميزوري، والمطران كيف راوديس من أبرشية فورت واين ساوث بيند بولاية إنديانا: "إذا كان المرء قادراً على اختيار لقاح، فينبغي اختيار لقاحات فايزر أو موديرنا على لقاحات جونسون آند جونسون".
إذ يرأس نومان لجنة اتحاد المطارنة الكاثوليك للأنشطة المؤيِّدة للحق في الحياة ضد الإجهاض، بينما يرأس راوديس لجنة العقيدة في الاتحاد. فيما يتَّخذ قادة دينيون آخرون معروفون بمعارضتهم القوية للإجهاض هذا الموقف أيضاً.
يقول راسل مور، رئيس لجنة الأخلاق والحرية الدينية التابعة للاتفاق المعمداني الجنوبي: "يجب أن نعارض ترخيص أو تمويل الأبحاث التي تعود جذورها إلى قتل الأبرياء".
كما قال مور لمحطة NPR الإذاعية الأمريكية: "ومع ذلك، لا يعني هذا أن الناس يجب أن يتجنَّبوا العلاجات الطبية التي يمكن أن تنقذ الأرواح لأن هذه العلاجات ابتُكِرَت من خلال وسائل لا نوافق عليها بالضرورة".
إلا إذا لم يكن هناك بديل من اللقاحات الأخرى
من الناحية العلمية، ليس لدى الأمريكيين القادرين على الحصول على لقاح فيروس كورونا خيارٌ بشأن اللقاح الذي يتلقونه. يمكن لمراكز التطعيم عموماً تقديم اللقاحات التي يمكنها الحصول عليها فقط.
في ظلِّ هذه الظروف، تتمثَّل نصيحة القادة الدينيين في أن الناس يجب أن يشعروا بالحرية في تلقي لقاح فيروس كورونا جونسون آند جونسون في حالة عدم توفُّر بدائل.
في بيانهم حول صوابية لقاحات فيروس كورونا المختلفة، يستشهد أساقفة الولايات المتحدة بحكمٍ صادرٍ عن مجمَّع العقيدة والإيمان التابع للفاتيكان.
إذ قال مكتب الفاتيكان: "حين لا تتوفَّر لقاحات فيروس كورونا الأخرى، فمن المقبول أخلاقياً تلقي لقاحات الفيروس التي استخدمت سلالاتٍ خلوية من أجنةٍ مُجهَضة في عمليات البحث والإنتاج".
استخدام خلايا جنين مجهض
طُوِّرَ لقاح فيروس كورونا جونسون آند جونسون باستخدام PER.C6، وهو خط خلوي جنيني نشأ في جنينٍ يبلغ من العمر 18 أسبوعاً أُجهِضَ في عام 1985. ووفقاً لمقالٍ نُشِرَ في يونيو/حزيران 2020 في مجلة Science، فإنه "يمكن استخدام الخلايا الجنينية البشرية كـ"مصانع" مُصغَّرة لتوليد كمياتٍ هائلة من الفيروسات الغدانية.. وتُستخدَم (هذه "المصانع") لنقل الجينات من فيروس كورونا المُستجَد الذي يسبِّب كوفيد-19″.
يستفيد لقاحا فايزر وموديرنا أيضاً من خلايا بشرية، ولكن فقط أثناء اختبارات فاعلية اللقاحات، وهو أمرٌ يجعل اللقاحين مقبولين، وفقاً لبيانٍ مُطوَّل عن أساقفة الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول.
قال الأساقفة آنذاك: "بينما لا يخلو اللقاحان تماماً من مساومةٍ أخلاقية مُتعلِّقة بالخطوط الخلوية.. تكون هذه العلاقة بعيدةً جداً عن الشر الأوَّلي للإجهاض".
فيما أكد زعيمٌ كاثوليكي أمريكي، وهو الأسقف جوزيف ستريكلاند من مدينة تايلر بولاية تكساس، أنه يعارض استخدام أيِّ لقاحٍ لفيروس كورونا المُستجَد له علاقة بالأجنة البشرية المُجهَضة، مهما كانت هذه العلاقة بعيدة، لكن موقفه بشأن هذه القضية هو استثناءٌ بين الكاثوليك.
مع العلم أن كلاً من البابا فرانسيس والباب الفخري بنديكتوس السادس عشر تلقوا لقاح فيروس كورونا بمجرد توفُّره.
اعتماد لقاح فيروس كورونا في أمريكا
خلال الأسبوع الماضي اعتمدت السلطات الأمريكية رسمياً لقاح جونسون آند جونسون أحاديّ الجرعة ضد فيروس كورونا. ويعدّ هذا اللقاح هو الثالث الذي ترخّص إدارة الغذاء والدواء الأمريكية استخدامه في مواجهة كوفيد-19.
كما يعتبر لقاح جونسون آند جونسون أقل تكلفة من لقاحَي فايزر وموديرنا، فضلاً عن إمكانية تخزينه في الثلاجات العادية بدلاً من المجمّدات.
أظهرت التجارب فعالية اللقاح الجديد بنسبة تجاوزت 85% إزاء الحالات الخطرة، ونسبة 66% إجمالياً بعد تضمين حالات الإصابة المتوسطة.
تعدّ الولايات المتحدة أول بلد يعتمد استخدام اللقاح الذي أنتجته شركة يانسن البلجيكية، والتي وافقت على تزويد الولايات المتحدة بـ100 مليون جرعة بنهاية يونيو/حزيران.
كما طلبت كل من المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وكندا الحصول على جرعات من لقاح فيروس كورونا جونسون آند جونسون. كما طلبت مبادرة كوفاكس الحصول على 500 مليون جرعة لتوزيعها على الدول الفقيرة.
فيما أثنى الرئيس الأمريكي على ما وصفه بـ"تطوّر مشجّع وأخبار سارة لكل الأمريكيين"، لكنه في الوقت ذاته حذر من أن "المعركة لم تنتهِ بعد". وقال بايدن: "ونحن نحتفل بهذه الأخبار، أقول لكل الأمريكيين، واظبوا على غسل أيديكم، وحافظوا على التباعد الاجتماعي، واستمروا في ارتداء الكمامات".