كشفت صحيفة The New York Times الأمريكية، أن السلطة الفلسطينية تواجه اتهامات في الضفة الغربية باختلاس الجرعات القليلة من لقاح كورونا المخصصة للفلسطينيين، وتوزيعها على الرتب العليا من حركة فتح، وحلفائها في وسائل الإعلام، وحتى لأفراد من عائلات كبار الشخصيات.
تقرير للصحيفة الأمريكية نُشر الأربعاء 3 مارس/آذار 2021، أشار إلى أن الغالبية العظمى من الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة بعد 1967، لم يتلقوا حتى الآن لقاح كورونا، وهو ما أثار جدلاً محتدماً خلال الفترة الماضية حول الواجب الواقع على إسرائيل بتوفير اللقاح للفلسطينيين الذين يعيشون تحت احتلالها.
اتهام السلطة الفلسطينية بالتمييز
لكن ما جدَّ الآن هو الانتقادات التي بدأت تبرز بين الفلسطينيين في الضفة الغربية بحق السلطة الفلسطينية، والأسئلة التي وُجهت مؤخراً لقياداتها، بعد اتهامهم باختلاس الجرعات القليلة المخصصة للفلسطينيين وتوزيعها على الرتب العليا من حركة فتح، وحلفائها في وسائل الإعلام، وحتى لأفراد من عائلات كبار الشخصيات.
كانت السلطة الفلسطينية، على غرار كثيرٍ من الحكومات بجميع أنحاء العالم، قد أعلنت إعطاء الأولوية في الحصول على اللقاح رسمياً لقياداتها الإدارية العليا والعاملين الصحيين في الخطوط الأمامية، وكذلك الأشخاص الذين يتواصلون بانتظام مع رئيس السلطة ورئيس الوزراء.
لكن ما حدث سراً، هو أن السلطة الفلسطينية قد وجهت بتوزيع بعض آلاف اللقاحات التي تلقتها على مجموعة من كبار أعضاء حركة فتح في الضفة الغربية ممن ليس لديهم دور رسمي في الحكومة، وفقاً لمسؤولين فلسطينيين رفيعي المستوى ومسؤول كبير في حركة فتح، تحدثوا جميعاً بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
منح لقاح كورونا للمقربين من السلطة
كما قُدمت اللقاحات سراً إلى بعض كبار الشخصيات في المنافذ الإخبارية الرئيسية التي تديرها السلطة الفلسطينية، وفقاً لأحد كبار المسؤولين واثنين من الموظفين العاملين بتلك المنافذ. وقال المسؤول الكبير في الحركة ومسؤول حكومي سابق، إن أفراد عائلات بعض المسؤولين الحكوميين وزعماء فتح قد تلقوا تطعيمات كورونا.
يقول حسن أيوب، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة النجاح في نابلس: "بالطبع من المفهوم والمقبول أن يتلقى الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء التطعيم قبل الآخرين، وهذا هو الحال في كل مكان بالعالم. لكن لا يوجد أي مبرر على الإطلاق لمنح العدد القليل جداً من اللقاحات المتوافرة لدينا لأشخاص آخرين مقربين من السلطة على حساب أولئك الذين هم في أمسّ الحاجة إليها".
بينما لم يردّ عدد من المسؤولين الحكوميين على طلبات للتعليق على تلك الاتهامات.
مبررات وزارة الصحة "غير مقنعة"
مع ذلك، لم تقر وزارة الصحة في تصريحاتها العامة، بارتكاب أي مخالفات. وقالت الوزارة إنها تلقت 12 ألف جرعة لقاح: 10 آلاف جرعة من روسيا وألفي جرعة من إسرائيل.
من بين هذه الجرعات، أرسلت السلطة الفلسطينية ألفي جرعة إلى قطاع غزة، و200 جرعة إلى الديوان الملكي في الأردن، حيث يعيش بعض القادة الفلسطينيين. وقالت الوزارة في بيان، الثلاثاء 2 مارس/آذار، إنه تبقى لديها 9800 جرعة لقاح، مُنح 90 % منها للعاملين الصحيين في الخطوط الأمامية.
قالت الوزارة، إن بقية الجرعات أُعطيت لمسؤولين في رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، ومسؤولي الانتخابات وبعض المسؤولين في السفارات الدولية، وأعضاء الفريق الوطني لكرة القدم، إضافة إلى نحو 100 طالب كانوا بحاجة إلى تلقي اللقاح للسماح سفرهم.
لكن على الرغم من ذلك، فإن توضيحات الوزارة لم تقنع كثيراً من الناس على ما يبدو. كما أشار بعض المعنيين إلى تناقضات انطوت عليها تصريحات الوزارة، فقد ذكر أحدها اللقاحات التي أُرسلت إلى الأردن، فيما حُذفت تلك التفاصيل من بيان لاحق، دون توضيح السبب.
على أثر ذلك، أصدرت عدة منظمات مجتمع مدني فلسطينية، الإثنين 1 مارس/آذار، انتقادات مشتركة للحكومة، وطالبوا بتشكيل لجنة تحقيق؛ لاستقصاء في الأمر، ونشر هويات وأماكن عمل الأشخاص الذين تلقوا التطعيمات.
كميات مهمة من لقاحات كورونا في الطريق
من جهة أخرى، كان مسؤولون في منظمة الصحة العالمية قد قالوا إنهم يتوقعون أن يتلقى الفلسطينيون 37.400 جرعة من لقاح شركتي "فايزر- بيونتيك"، و168 ألف جرعة من لقاح شركة "أسترازينيكا"، وهي كميات سيتم توفيرها من خلال مبادرة "كوفاكس" Covax العالمية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
إضافة إلى ذلك، قال مسؤولون فلسطينيون في الضفة الغربية، إن طلبية مقررة بأكثر من مليوني جرعة لقاح من شركة "أسترازينيكا" قد تأخرت، بسبب المنافسة العالمية والتعقيدات اللوجيستية، لكنهم قالوا إنهم يأملون تسلم الشحنة الأولى منها خلال الأسابيع المقبلة.
فيما قال مسؤولو الصحة في غزة، إنهم تلقوا 20 ألف جرعة لقاح من الإمارات وألفي جرعة من السلطة الفلسطينية.
في المقابل، اتخذت إسرائيل، الأحد 28 فبراير/شباط، خطوتها الأولى لتوفير عدد أكبر من جرعات اللقاح للفلسطينيين من المتعاملين معها في الضفة الغربية، بعد ضغوط مكثفة تعرضت لها من منظمات حقوقية، وأعلنت السلطات الإسرائيلية أن فرقها الطبية تخطط لتطعيم أكثر من 100 ألف عامل فلسطيني، ممن يعملون بتصاريح في إسرائيل أو بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.