قررت نيابة أمن الدولة العليا في مصر، حبس الكاتب الصحفي المعارض جمال الجمل، 15 يوماً احتياطياً على ذمة التحقيقات التي تجريها في القضية رقم 977 لسنة 2017 حصر أمن دولة عليا، وذلك عقب اعتقاله فور عودته من تركيا إلى القاهرة يوم الإثنين 22 فبراير/شباط 2021.
إذ أعلن المحامي الحقوقي ناصر أمين، في منشور على "فيسبوك"، أن مكتبه سيتولى مهام تقديم الدفاع القانوني عن الجمل، والذي قال إنه تم توقيفه في مطار القاهرة إثر عودته الطوعية والاختيارية من مدينة إسطنبول التركية، مشيراً إلى أن السلطات الأمنية أحالت الجمل إلى نيابة أمن الدولة العليا، والتي أمرت بدورها بحبسه احتياطياً.
كان الجمل قد ظهر في ساعة متأخرة من مساء يوم السبت 27 فبراير/شباط الجاري بمقر نيابة أمن الدولة العليا بالقاهرة، عقب 5 أيام من اعتقاله وانقطاع الاتصال به.
اعتقال فور الوصول لمطار القاهرة
من جهتها، أعلنت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، أن القاهرة أوقفت الجمل، لدى وصوله مطار القاهرة بعد سنوات من المعارضة من الخارج.
فيما أوضحت المنظمة (غير حكومية)، مقرها لندن في بيان، الأحد، أن أسرة الجمل "فقدت التواصل معه عقب عودته من الخارج إلى مطار القاهرة"، مضيفة: "اضطر الجمل للرحيل إلى تركيا عقب منعه من الكتابة بمصر"، عقب جملة من المقالات التي انتقد فيها الأوضاع عام 2014.
"صدمة بالغة"
كما أعرب المرصد العربي لحرية الإعلام (غير حكومي) عما وصفه بصدمته البالغة لنبأ اعتقال الجمل، واقتياده إلى جهة مجهولة لدى وصوله مطار القاهرة، مُطالباً بسرعة الإفراج عنه، مؤكداً أن الجمل لم يكُن متهماً على ذمة أي قضايا أو متهماً بأي اتهامات، وهو يتمتع بحق التنقل من وإلى مصر كما يشاء وفقاً لنصوص الدستور المصري.
المرصد لفت إلى أن القبض على الجمل يعد مخالفة صريحة لنصوص الدستور المصري، وهي مخالفة تأتي في سياق حملة قمع واسعة لحرية الصحافة والصحفيين المستقلين والمعارضين. وحمّل السلطات المصرية المسؤولية الكاملة عن أي ضرر يتعرض له الجمل الذي لفت إلى أنه شخص مسن، ويعاني العديد من الأمراض، ويحتاج إلى رعاية طبية خاصة.
"جريمة كبرى"
بدورها طالبت مؤسسة نشطاء لحقوق الإنسان (منظمة مستقلة)، ومقرها كندا، بالإفراج عن الجمل، لافتة إلى أنها تتابع ببالغ القلق واقعة اعتقاله، خاصة أنه "كاتب لم يرتكب أي جرم أو مخالفة سوى التعبير عن حقه الدستوري في التعبير عن رأيه حول ما يجري على الساحة المصرية، ولم يقبل قيداً على قلمه، وهذه الحرية لا تتعارض مع أي قوانين محلية أو دولية".
والتسبب بأي قدر من الأذى لجمال الجمل سيصبح، حسب مؤسسة نشطاء لحقوق الإنسان، "جريمة كبرى وفقاً للدستور المصري والقانون الدولي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ضد النظام المصري"، داعية المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلى التضامن المطلق واللامحدود للضغط على السلطات المصرية والإفراج عنه.
من جهته، قال بهاء، نجل جمال الجمل، في منشور على "الفيسبوك": "أبويا تعب وقرر يرجع مصر فجأة هروباً من فكرة إنه ميشوفنيش تاني (لا يراني ثانية)، مخرجش (لم يخرج) من المطار مختفي، ومفيش (لا توجد) أي وسيلة تواصل معه.. ياريت لو حد يعرف حد أو يقدر يساعد إنه يطمنا عليه، أو نفهم إيه بيحصل (ماذا يجري)".
يذكر أنه حتى الآن لم يصدر بيان رسمي من السلطات المصرية بشأن واقعة اعتقال جمال الجمل.
لكن قال الإعلامي المقرب من النظام المصري، محمد الباز، إن "المنطق يقول إن جمال الجمل كان ضمن كيان يهاجم مصر، ويعمل ضدها من خلال القنوات الإخوانية، فمن الطبيعي أن يتم التحقيق معه فور وصوله، خاصة أنه لم يكن يقضي عطلة صيفية في باريس"، على حد قوله.
يشار إلى أن الجمل كان أحد المؤيدين للنظام المصري عقب انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، ولكنه ما لبث أن تحوّل للمعارضة، ونشر سلسلة مقالات ناقدة بعنوان "حكايات العباسيين"، وقررت صحيفة "المصري اليوم" (خاصة) بعد ذلك وقف مقالاته، وأبلغته أن الأمر متعلق بـ"نقطة نظام لمراجعة السياسة التحريرية".
إزاء المنع من الكتابة والتضييق عليه داخل البلاد، اُضطر الجمل للسفر إلى الخارج وسرعان ما ظهر خلال العام 2017 عبر شاشة قناة "الشرق" المعارضة من الخارج، مقدماً لأحد البرامج.
لكنه في مارس/آذار 2019، أكد الجمل عبر صفحته بموقع "فيسبوك" عدم قدرته على التكيف مع أوضاع المعارضة من الخارج، مبدياً الرغبة في العودة لمصر.
آنذاك رحب الإعلامي المقرب من النظام نشأت الديهي، بعودته لبلاده.
حملة تضامن على مواقع التواصل
في السياق ذاته، دشّن بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الأحد، عبر تويتر هاشتاغ (وسم) يحمل اسم الكاتب المصري، وتحته عشرات التغريدات، بعضها من معارضين بارزين بالخارج، يطالب بإطلاق سراحه، مقابل أخرى من مؤيدين للنظام تدعو لحبسه.
كانت منظمة "لجنة حماية الصحافيين" (CPJ) قد انتقدت في نهاية شهر يناير/كانون الثاني 2020 انتهاكات السلطات المصرية لحقوق الصحفيين، منوهة إلى أن تركيز النظام الحالي كان "على استغلال الحبس الاحتياطي وظاهرة التدوير، لإبقاء الصحفيين مسجونين خلف القضبان بقضايا جديدة حتى بعد أن تصدر أحكام بالإفراج عنهم في القضايا الأصلية التي احتجزوا بسببها".
وتحتل مصر المرتبة رقم 166 على مستوى العالم من حيث الحريات الصحفية، بحسب تصنيف منظمة "مراسلون بلا حدود" الدولية.