قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، الجمعة 19 فبراير/شباط 2021، إن الولايات المتحدة لا تخطط لرفع العقوبات المفروضة على إيران، قبل الانضمام إلى محادثات مع أوروبا بشأن البرنامج النووي الإيراني. فيما أعلنت أمريكا قبولها عرضاً أوروبياً للتوسط في الحوار مع طهران.
إذ أكدت ساكي، في كلمة للصحفيين على متن طائرة الرئاسة الأمريكية، أنه لا توجد خطة لاتخاذ خطوات إضافية بشأن إيران قبل إجراء "الحوار الدبلوماسي".
جاء ذلك بعد يوم واحد من قيام السفير ريتشارد ميلز، نائب المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، ببعث رسالة إلى رئيسة مجلس الأمن السفيرة البريطانية باربرا وودوارد، ذكر فيها أن بلاده تسحب خطابيها الموجهَين إلى المجلس بتاريخ 21 أغسطس/آب و21 سبتمبر/أيلول الماضيين، بخصوص تفعيل آلية "سناب باك"، ما يعني إلغاء العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على إيران.
يشار إلى أن آلية "سناب باك" تتيح إعادة فرض عقوبات أممية على إيران إذا طلبت ذلك دولةٌ طرف في الاتفاق النووي الموقَّع بين الدول الخمس الكبرى بمجلس الأمن (الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا) إلى جانب ألمانيا مع إيران عام 2015.
العودة إلى الأسلوب القديم
في السياق ذاته، رفعت إدارة بايدن قيود السفر عن دبلوماسيين إيرانيين كانت قد فرضتها إدارة ترامب، وهو ما حدَّ من التمثيل الدبلوماسي الإيراني لدى واشنطن وحضور طهران في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك.
فيما أكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، أن هذه الخطوة تهدف إلى فسح المجال أمام الدبلوماسية لتلعب دورها بملف برنامج إيران النووي.
هذا التصرف رأى مراقبون أنه يعني عودة إدارة بايدن إلى الأسلوب القديم حين كان يُعطى الدبلوماسيون من دول مثل إيران وكوريا الشمالية حرية التحرك في نطاق لا يتجاوز محيط مدينة نيويورك.
أمريكا تعلن استعدادها للتفاوض مع طهران
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه إدارة بايدن استعدادها للتفاوض مع إيران والدول الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي.
إذ أعلن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أن بلاده ستقبل أي دعوة من جانب المفوضية العليا للاتحاد الأوروبية لحضور اجتماع لدول 5+1 وإيران؛ لمناقشة السبل الدبلوماسية المتعلقة ببرنامج إيران النووي.
ودول الـ"5+1″ هي الدول الدائمة العضوية في المجلس الأمن وهي الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وأمريكا؛ إلى جانب ألمانيا.
جدير بالذكر أن موقع Politico الأمريكي كشف، الخميس 18 فبراير/شباط 2021، عن نقاشات قد اندلعت بين كبار المساعدين داخل إدارة بايدن حول ما إذا كانت فكرة عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي الإيراني هي الطريق الأمثل أم ما إذا كان ينبغي اتباع طرق أخرى، ربما تكون أكثر تعقيداً، بحيث تتجنب العودة إلى الصفقة الأصلية بشروطها السابقة، وفقاً لخمسة أشخاص مطلعين على المناقشات.
في غضون ذلك، يشعر مؤيدو اتفاق 2015 بالقلق من أن بايدن لا يبدو في عجلة من أمره للعودة إلى الاتفاق الأصلي. ويخشى هؤلاء أن تفضي وتيرة بايدن الحذرة إلى تأخير تلك العودة بدرجة كبيرة، ومن ثم السماح لمعارضي الصفقة، ومنهم شخصيات ديمقراطية بارزة إلى جانب السياسيين الإيرانيين الذين يتطلعون إلى موقف يكفل لهم وضعاً أفضل في الانتخابات القادمة، بتشكيل المفاوضات المزمعة.
ترحيب أممي برفع عقوبات "سناب باك"
كان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد رحب، الجمعة 19 فبراير/شباط 2021، بإلغاء واشنطن العقوبات التي فرضها ترامب، معرباً عن الأمل بأن "تعزز التطورات التي قد تحدث في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)".
فرحان حق، نائب المتحدث باسم غوتيريش، طالب الأطراف كافة باتخاذ إجراءات لدعم ما وصفه بـ"الإنجاز الدبلوماسي"، مشيراً إلى أنهم يشجعون الجميع على تنفيذ الاتفاق، ويحثون كل طرف على تجنُّب الأعمال التي تقوّضه، مؤكداً أنهم يريدون ضمان تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
رفع العقوبات الأمريكية أولاً
في المقابل، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الجمعة، إن بلاده "ستتراجع على الفور" عن الإجراءات المتعلقة ببرنامجها النووي بمجرد رفع العقوبات الأمريكية، مضيفاً في تغريدة له على "تويتر": "الأمر بسيط".
لكن مسؤولاً إيرانياً كبيراً قال لوكالة رويترز، إن طهران تدرس عرض واشنطن إجراء محادثات، مطالباً الولايات المتحدة بالعودة أولاً إلى الاتفاق، متابعاً: "حينئذ، وفي إطار اتفاق 2015، يمكن مناقشة آلية تسلسل زمني أساسي بالخطوات". يُذكر أن المرشد الإيراني الأعلى، آية الله علي خامنئي، كان قد طلب الأربعاء 17 فبراير/شباط الجاري، من الولايات المتحدة "الأفعال لا الأقوال" إذا كانت تريد إحياء الاتفاق النووي، وذلك في أحدث تحدٍّ للرئيس الأمريكي جو بايدن، ليتخذ الخطوة الأولى نحو كسر جمود الوضع.