عن عمر يناهز 77 عاماً، توفي الشاعر والأديب الفلسطيني المعروف مريد البرغوثي، مساء اليوم الأحد 14 فبراير/شباط 2021.
إذ أعلن خبر الوفاة نجله تميم، واكتفى بنشر صورة سوداء مع كتابة اسم والده "مريد البرغوثي" عبر حسابه بموقع "فيسبوك"، وذلك في إشارة لوفاته والحداد عليه.
كما أكد مقربون من عائلة البرغوثي لوسائل إعلام محلية، الوفاة، دون تقديم تفاصيل عنها.
فيما لم يصدر بيان عن عائلة البرغوثي، بشأن سبب الوفاة ومراسم الجنازة والدفن.
نعي البرغوثي
إلى ذلك، نعت شخصيات عدة ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي البرغوثي، داعين له بالرحمة والمغفرة.
وأعاد بعض النشطاء نشر مقولته التي رثى فيها نفسهُ بنفسه: "أنا أكبر من إسرائيل بأربع سنوات، والمؤكد أنني سأموت قبل تحرير بلادي من الاحتلال الإسرائيلي. عمري الذي عشت معظمه في المنافي تركني محملاً بغربة لا شفاء منها، وذاكرة لا يمكن أن يوقفها شيء".
ينحدر البرغوثي، الذي ولد في 8 يوليو/تموز 1944، من بلدة دير غسانة قرب رام الله في الضفة الغربية المحتلة، وانتقل إلى مصر في العام 1963.
البقاء في المنفى
تلقى تعليمه في مدرسة رام الله الثانوية، ثم انتقل إلى مصر في العام 1963، حيث التحق بجامعة القاهرة، وتخرج في قسم اللغة الإنجليزية وآدابها عام 1967 وهو العام الذي احتلت فيه إسرائيل الضفة الغربية ومنعت الفلسطينيين الذين تصادف وجودهم خارج البلاد من العودة إليها.
عن هذا الأمر، قال البرغوثي، في روايته ذائعة الصيت "رأيت رام الله"، إنه نجح في الحصول على شهادة تخرجه، بينما فشل في العثور على حائط كي يعلِّق عليه شهادته. إذ لم يتمكن من العودة إلى مدينته رام الله إلا بعد ذلك بثلاثين عاماً من التنقل بين المنافي العربية والأوروبية، وهي التجربة التي صاغها في سيرته الروائية تلك.
كان قد تزوج من الروائية والناقدة المصرية البارزة رضوى عاشور، التي رحلت في 2014، وكانت أستاذة للغة الإنجليزية في جامعة عين شمس بالقاهرة. ولهما ولد واحد هو الشاعر والأكاديمي تميم البرغوثي.
البرغوثي شارك في عدد كبير من اللقاءات الشعرية ومعارض الكتاب الكبرى في العالم، وقدم محاضرات عن الشعر الفلسطيني والعربي في جامعات القاهرة وفاس وأكسفورد ومانشستر وأوسلو ومدريد وغيرها.
كما تم اختياره رئيساً للجنة التحكيم لجائزة الرواية العربية لعام 2015.
المثقف المستقل
يذكر أن لدى الراحل مريد البرغوثي 12 ديواناً شعرياً، أصدر غالبيتها بالتعاون مع دور نشر في بيروت، وأخرى في القاهرة، وعمّان.
اشتهر البرغوثي بدفاعه عن الدور المستقل للمثقف، واحتفظ دائماً بمسافة بينه وبين المؤسسة الرسمية ثقافياً وسياسياً، وهو أحد منتقدي اتفاقات أوسلو التي تم توقيعها بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر/ أيلول عام 1993.
يشار إلى أنه في أواخر الستينات تعرّف على الرسام الفلسطيني الراحل ناجي العلي، واستمرت صداقتهما العميقة بعد ذلك حتى اغتيال العلي في العاصمة البريطانية لندن عام 1987، وقد كتب عن شجاعة ناجي وعن استشهاده بإسهاب في روايته "رأيت رام الله" ورثاه شعراً بعد زيارة قبره قرب لندن بقصيدة أخذ عنوانها من إحدى رسومات العلي.
كما في بيروت تعرف على غسان كنفاني الذي اغتاله الإسرائيليون عام 1972.
سجنته السلطات المصرية وقامت بترحيله عام 1977 إثر زيارة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات لإسرائيل، وظل ممنوعاً من العودة لمدة 17 عاماً.
يذكر أن البرغوثي يهتم في قصائده بالمشترك الإنساني، مما يجعل شعره- حسب كثيرين- بالغ التأثير في قارئه أياً كانت جنسيته، وهو يكتب بلغة حسِّية مادية ملموسة ويعمل على ما يسميه تبريد اللغة، أي إبعادها عن البطولية والطنين. وتخلو قصيدته من التهويمات والهذيان، وهذا ما ساهم في توسيع دائرة قرائه في العالم.