غضب سفير الإمارات العربية المتحدة لدى أمريكا يوسف العتيبة بشدة من ضغط النائب رو خانا لإنهاء الدعم الأمريكي للحرب في اليمن، لدرجة أنّه صرخ عليه خلال أحد الاجتماعات، وفقاً للنائب الديمقراطي في الكونغرس، حسب ما نشره موقع The Intercept الأمريكي الجمعة 12 فبراير/شباط 2021.
فقد أعلن الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، رسمياً وقف دعم بلاده للحرب في اليمن، بعد أن ظلت واشنطن داعمة للتحالف الذي تقوده السعودية في حربها ضد الحوثيين في اليمن، بينما أعلنت الإمارات قبل عام أنها انسحبت من اليمن، فيما لا تزال تدعم قوات "الانتقالي الجنوبي".
تصرُّف غريب من يوسف العتيبة
إذ قال خانا، الراعي الرئيسي لمشروع قانون سلطات الحرب الذي يهدف إلى إنهاء تورّط الولايات المتحدة في حرب اليمن، التي تقودها السعودية والإمارات، إنّه ذُهِلَ من أسلوب الدبلوماسي الخليجي.
كما أوضح قائلاً إنه "لم يسبق من قبل أن جاء سفير دولةٍ أخرى إلى مكتبه وصرخ في وجهه حرفياً، ولكن هذا هو ما حدث لي مع سفير الإمارات يوسف العتيبة"، وفقاً لما قاله خانا في إشارةٍ إلى العتيبة خلال مقابلةٍ مع برنامج Deconstructed على موقع The Intercept الأمريكي.
أضاف خانا: "لقد أُسقِطَ بين يدي حينها. لكن الموقف دفعني إلى التفكير في وجود غطرسةٍ حقيقية، وشعورٍ واضح بالاستحقاق، وإحساس بأنّه شديد النفوذ بدرجةٍ تُمكّنه من التصرّف بهذه الطريقة. ولكنّني لم أشهد موقفاً مشابهاً من قبل".
يُمكن القول إن يوسف العتيبة هو أرفع السفراء الأجانب مقاماً في واشنطن، رغم حجم بلاده الصغير نسبياً. ويُعرف السفير بجاذبيته، وحفلاته الفخمة، وأعماله الخيرية، وشبكة أصدقائه الواسعة على أعلى مستويات مؤسسة الرئاسة في واشنطن.
دور محوري لعبه في علاقة ترامب بالإمارات
قد اختبر يوسف العتيبة حدود ذلك النفوذ في السنوات الأخيرة لإدارة أوباما، إلى جانب فترة ترامب؛ إذ عارضت الإمارات بشدة صفقة أوباما النووية مع إيران، وساعدت في تمويل الانقلاب المصري الذي أطاح بالرئيس حينها محمد مرسي. ورغم ارتباط مرسي بجماعة الإخوان المسلمين، لكن إدارة أوباما دعمته، لأنّه كان منتخباً ديمقراطياً.
في عهد إدارة ترامب، تطوّرت علاقة العتيبة القوية سريعاً مع جاريد كوشنر، واستغل قناته المباشرة مع صهر الرئيس لإبعاد وزارة الخارجية عن عملية صنع القرار.
فُوجئ وزير الخارجية حينها ريكس تيلرسون حين فرضت السعودية والإمارات حصاراً على قطر. قبل أن يضغط على البلدين لاحقاً لإلغاء خطط غزو قطر، ليُفصل بعدها من وظيفته. وقد زعم قادة السعودية والإمارات لاحقاً أنّهم تعاونوا مع كوشنر لإقالة تيلرسون.
معارضة الحرب في اليمن
بينما أدّت الحرب في اليمن إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، تزايدت المعارضة لها داخل الولايات المتحدة. وفي عام 2017، قدّم السيناتور بيرني ساندرز مشروع قانون سلطات الحرب الذي سيفرض إنهاء دعم الولايات المتحدة للحرب.
فيما دفع خانا بجهودٍ مماثلة في مجلس النواب، ونجح الثنائي في الحصول على إعلانٍ من الكونغرس بأنّ الحرب غير مصرحٍ بها. وفي عام 2019، بعد سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب واغتيال السعودية للصحفي جمال خاشقجي المعارض البارز للحرب في اليمن، مرّر مجلسا الكونغرس مشروع القانون لكن ترامب اعترض عليه.
كما أوضح خانا أنّ ردّ فعل يوسف العتيبة جاء غاضباً على الجهود المناهضة للحرب، بينما كانت السفيرة السعودية أكثر دبلوماسية؛ إذ قال، في إشارةٍ إلى الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان: "لقد التقيت سفيرة السعودية الجديدة. واختلفنا كثيراً بالطبع، وكانت لدي مخاوف أخلاقية حقيقية. لكنّها كانت دبلوماسية ومهذبة في الحديث، وأعربت عن مدى احترامهم لوجهة نظرنا".
زادت خلال السنوات الأخيرة
يعكس موقف يوسف العتيبة من خانا الطبيعة المتطوّرة للنخبة الحاكمة في العالم. ففي السنوات الماضية كان أي عضوٍ بالكونغرس يُعتبر أعلى مقاماً من أي سفيرٍ أجنبي لدولةٍ صغيرة؛ نظراً إلى مكانة الولايات المتحدة بصفتها أكبر القوى العالمية بلا منازع، مما يحظر أي تعدٍّ لفظي من هذا النوع.
لكن الإمارات باتت تعتبر نفسها الآن جزءاً من فريق الإدارة حين يتعلَّق الأمر بالإشراف على المشروع العالمي الغربي بقيادة الولايات المتحدة.
إذ قال خانا لموقع The Intercept، إنه أجَّل إعادة تقديم مشروع قانون سلطات الحرب؛ نظراً إلى أن الرئيس جو بايدن قال إن الولايات المتحدة ستُنهي دعمها للحرب، في أولى مبادراته المتعلقة بالسياسة الخارجية.
لكن شيرين الأديمي، الناشطة اليمنية والأستاذة المساعدة في التربية بجامعة ميشيغان، سلّطت الضوء على أن بايدن سيُنهي فقط دعم الولايات المتحدة لـ"العمليات الهجومية".
كما أوضحت أن السعودية لطالما بررت الحرب بأنها دفاعيةٌ بطبيعتها. لكنَّ خانا لم يستبعد إعادة تقديم مشروع القانون، في حالة استغلال السعودية لتلك الحجة، من أجل مواصلة قصف اليمن.
وختم قائلاً، إن الولايات المتحدة عليها فعل أكثر من مجرد وقف الدعم، بل يجب أن تُصر على عدم تمويل أو مشاركة أي من حلفائها في تلك الحرب.