قال الفاتيكان إن زيارة البابا فرانسيس، المقررة إلى العراق في شهر مارس/آذار المقبل، تنطوي على مهمتين رئيسيتين، هما تسليط الضوء على ما وصفه بـ"محنة" تراجع عدد السكان المسيحيين في البلاد، إضافة إلى تعزيز الحوار بين الأديان، حسب ما ذكره تقرير موقع Al-Monitor الأمريكي، الثلاثاء 9 فبراير/شباط 2021.
رحلة فرانسيس المقررة في الفترة من 5 إلى 8 مارس/آذار المقبل هي أول رحلة خارجية له منذ 16 شهراً، بسبب الإغلاق المرتبط بجائحة كورونا.
مع ذلك، تأتي زيارة البابا فرانسيس المقررة للعراق وسط تصاعدٍ حاد في حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في البلاد، وتزايد لنفوذ المجموعات المسلحة، وتفجيرين في بغداد تبنَّاهما تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مؤخراً.
زيارة البابا فرانسيس إلى أقدم المجتمعات المسيحية
غير أن رأس الكنيسة الكاثوليكية يقول إن الوقت قد حان للشروع في زيارة بعض أقدم المجتمعات المسيحية في العالم.
فقد أصدر الفاتيكان، الإثنين 8 فبراير/شباط، برنامج زيارة البابا فرانسيس المقررة للعراق في مارس/آذار المقبل. ويكشف الجدول الزمني للزيارة، المزدحم بفعاليات واجتماعات مع شخصيات دينية وسياسية في جميع أنحاء البلاد، عن رحلة تنطوي على مهمتين رئيسيتين: تسليط الضوء على محنة تراجع عدد السكان المسيحيين في البلاد، وتعزيز الحوار بين الأديان.
كما قال البابا فرانسيس لسفراء الكرسي الرسولي، الذين يمثلون حكومة الكنيسة الكاثوليكية، يوم الإثنين: "في عصرنا يعد الحوار بين الأديان عنصراً مهماً في التلاقي بين الشعوب والثقافات".
أضاف فرانسيس أيضاً: "عندما لا يُنظر إلى الحوار من منظور المساومة على الهوية، ولكن باعتباره فرصة للتفاهم والإثراء المتبادلين، يمكن أن يصبح فرصةً للزعماء الدينيين وأتباع الطوائف المختلفة، ودعماً للجهود المتحلية بالمسؤولية للقادة السياسيين لتعزيز الصالح العام".
مخاوف صحية وأمنية ترافق زيارة البابا للعراق
كان البابا فرانسيس قد أعلن قبل عامين عن خطط لزيارة العراق بحلول عام 2020، غير أن خطته توقفت مع انتشار جائحة كورونا.
لذلك عندما أعلن فرانسيس مرة أخرى، في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، أنه سيقوم بالرحلة في عام 2021، أعرب مهتمون عن تشككهم في البداية، خاصة مع استمرار انتشار الوباء في البلاد، وما تواجهه الحكومة من مشكلات أمنية صارخة.
لكن البابا فرانسيس يعتقد أن هناك الآن فرصة للمضي قدماً في تلك الرحلة. وقد أبرزت التقارير الأمنية الأخيرة، فيما يتعلق بالميليشيات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الحكومة علامات مبدئية صغيرة على إحراز تقدمٍ في كبح نفوذ تلك المجموعات.
بالإضافة إلى ذلك من المقرر أن تتلقى البلاد آلافاً من جرعات لقاح "فايزر-بيونتيك" ومن لقاح "سينوفاك" الصيني هذا الشهر.
فيما تلقى البابا فرانسيس بالفعل تطعيماً ضد فيروس كورونا، في يناير/كانون الثاني. وقال كبير مساعدي البابا، وزير خارجية الفاتيكان، الكاردينال بيترو بارولين، إن البابا حريص على القيام بالرحلة، وستكون هذه الزيارة البابوية الأولى على الإطلاق للبلاد.
سيلتقي شخصيات سياسية ودينية
من المقرر أن يصل البابا فرانسيس إلى بغداد، في 5 مارس/آذار، قبل أن يسافر بعد ذلك إلى النجف والناصرية وأربيل والموصل، لعقد لقاءات مع الرئيس العراقي برهم صالح، وآية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني في النجف، وكذلك مع الأساقفة والقساوسة المحليين، كذلك من المقرر أن يقيم قداساً في كاتدرائية مار يوسف الكلدانية في بغداد.
مع العلم أنه منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، انخفض عدد المسيحيين في البلاد من نحو 1.5 مليون إلى أقل من 400 ألف. وقد أدان البابا فرانسيس سابقاً ما سماه "اللامبالاة القاتلة" حيال أوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط.
من جانبه، حثَّ رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، ضمن لقاء له مع البطريرك الكلداني الكاثوليكي، في أغسطس/آب الماضي، مسيحيي العراق على العودة إلى بلدهم.
إذ قال الكاظمي: "العراق بلد للجميع والمسيحيون هم أبناء أصليون لهذا البلد، نحن جادون في تقديم المساعدة لعائلاتنا المسيحية وحل مشاكلهم، يسعدنا عودة المسيحيين إلى العراق والمساهمة في إعادة إعماره. يتوق العراقيون من جميع الطوائف إلى عراق جديد يؤمن بالسلام وينبذ العنف".
"معاناة" مسيحيي العراق
مع ذلك، فإن المسيحيين الذين بقوا في العراق ما زالوا يواجهون تهديدات الجماعات المسلحة، ويشكون الافتقار إلى تدابير وقائية من جانب حكومة بغداد وإدارة كردستان العراق.
فيما كان كثيرون قد انتقدوا تصريحات الكاظمي، ووصفوها بأنها غير واقعية، وطالبوا الحكومة الفيدرالية بالعمل أولاً على كبح جماح الميليشيات المسلحة التي تواصل تهديد سلامتها. وقالت سوزان يونان، وهي أحد أفراد الأقلية الآشورية في العراق، إن الثقة قليلة في قدرة البيشمركة الكردية أو قوات الأمن العراقية على الحفاظ على أمن هذه المجتمعات.
مع ذلك، فإن بطريرك الكلدان الكاثوليك، الكاردينال لويس روفائيل الأول ساكو، أعرب عن دعم الكنيسة لأعمال رئيس الوزراء "الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار"، مضيفاً أن "المسيحيين فخورون بهويتهم العراقية، ويشعرون بمزيد من الاطمئنان" حيال تعامل الحكومة مع هذه القضية.