بيعت صورة يظهر فيها ضابط ملثم من شرطة مكافحة الشغب جالساً تحت صورة للرئيس بوتين مقابل مليوني روبل (حوالي 26,877 ألف دولار)، في مزاد عبر الإنترنت، وخُصصت الأموال لمساعدة المعتقلين من مسيرات أنصار المعارض الروسي المعتقل أليكسي نافالني، وفق ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية، الثلاثاء 9 فبراير/شباط 2021.
منذ اعتقاله في 17 يناير/كانون الثاني الماضي، وبعد الحكم عليه بالسجن، دأب أنصار المعارض الروسي أليكسي نافالني على الخروج في مظاهرات تطالب بإطلاق سراحه واحتجاجاً على الفساد، وهي الاحتجاجات التي تسببت في اعتقال المئات في مختلف أنحاء البلاد، وسط مزاعم تعرضهم للتعذيب من قِبل الشرطة الروسية.
قصة الصورة التي التقطها أحد أشهر مصوّري روسيا
هذه الصورة، التي تداولها كثيرون، الأسبوع الماضي، التقطها ديمتري ماركوف، أحد أشهر المصورين في روسيا، في أحد مراكز شرطة موسكو، بعد اعتقاله في أحد احتجاجات دعم أليكسي نافالني، زعيم المعارضة الذي سُجن الأسبوع الماضي.
نشر ماركوف، الذي يلتقط صوره بجهاز آيفون حصراً الصورة على الفور على وسائل التواصل الاجتماعي، التي يتابعه عليها ما يقرب من مليون شخص.
جاء في حديث ماركوف (39 عاماً) مع موقع RFE/RL: "بعد أربعين دقيقة رأيت رجال الشرطة يحدقون في هواتفهم، ويرونها بعضهم بعضاً وهم يضحكون". وأضاف: "شرطي مكافحة الشغب… لم يفهم كيف التقطت الصورة، كان مستاءً جداً، وأظن أنه كان على وشك البكاء".
ماركوف كان مدمن مواد أفيونية في السابق، وتُعرض أعماله في نيويورك وباريس. وتحظى صوره بالثناء لتصويرها الحياة الروسية بطريقة يمزج فيها بين الجدية والهزل. وقد بيعت الصورة المُوقَّعة لسيدة لا تُعرف إلا باسم يكاترينا.
مع العلم أن ماركوف قد اتهم بالمشاركة في مسيرة غير قانونية في روسيا وسيُعاقب على الأرجح بدفع غرامة.
تعذيب قبل الاعتقال
قبل تداول الصورة بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، خرجت شهادات لمعارضين من أنصار أليكسي نافالني، يزعمون فيها تعرضهم للتعذيب خلال اعتقالهم.
إذ اتَّهَمَت أليونا كيتايفا، 21 عاماً، وهي ناشطةٌ معارضة، الشرطةَ في روسيا بتعذيبها لكشف شفرة المرور للدخول إلى هاتفها الذكي، بعد اعتقالها في احتجاجٍ في موسكو لدعم نافالني، تم تنظيمه يوم 2 فبراير/شباط 2021، وذلك وفق ما صرحت به لقناة Dozhd على الإنترنت.
حسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الخميس 4 فبراير/شباط، فإن كيتايفا سُجِنَت الليلة الماضية، وسوف تقضي 12 يوماً في السجن، بتهمٍ تتعلَّق بالاحتجاج، بينما علقت مجموعة نافالني لمكافحة الفساد على الواقعة قائلة: "في روسيا بوتين يعذِّبونك أولاً، ثم يسجنونك".
في الحوار نفسه، اتهمت المتحدثة نفسها الشرطة في روسيا بوضع كيس بلاستيكي على وجهها من أجل خنقها، بالإضافة إلى تعرضها للضرب، بل ذهبت أيضاً إلى حد اتهامهم بتهديدها باستخدام صاعق كهربائي لتعذيبها.
في وقت لاحق، خرجت إلينيا للاحتجاج من جديد، وصرّحت قائلة، وهي تراقب شرطة مكافحة الشغب بحذر: "خرجت هذا المساء لأن ما رأيناه في المحكمة لا علاقة له بالعدالة"، وأضافت: "لا أصف نفسي بأنني من أنصار نافالني، لكنه أفضل أمل في التغيير".
مطاردات واشتباكات طاحنة
فمنذ انتشار نبأ سجن نافالني، أطلق حلفاؤه رسالةً مقتضبة على الإنترنت تدعو إلى الاحتجاج في موسكو.
في الجهة المقابلة، ردَّت قوات الأمن في روسيا بإغلاق الميدان الأحمر وأربع محطات مترو قريبة، ونُشِرَت فِرَقٌ من شرطة مكافحة الشغب مرتديةً الدروع الواقية في ساحة مانيغ، وهي ساحة مفتوحة مجاورة للكرملين.
أما على مستوى وسط المدينة، فقد توغَّلَت شاحناتٌ تحمل رجال الشرطة والحرس الوطني، لتصبح بذلك موسكو أشبه بمنطقة حرب.
في الساعات التالية، دخل المتظاهرون وشرطة مكافحة الشغب في مطارداتٍ واشتباكاتٍ طاحنة. وهتف المتظاهرون: "حرِّروا نافالني، أطلِقوا سراح السجناء السياسيين".
كما جرت العادة، ردَّت شرطة مكافحة الشغب بوحشية، ففي إحدى الوقائع تعرَّضَ عشرات المتظاهرين الشباب للضرب بالهراوات على يد الشرطة، بينما كانوا يهتفون "نحن عُزَّل"، في إشارةٍ للحق الدستوري في التجمُّع العام من دون أسلحة.
أما حين هتف أحد المتظاهرين بشعارٍ معارض من سيارة أجرة، فقد سحلته شرطة مكافحة الشغب من سيارته وضربته على رأسه، قبل أن تلقي القبض على أكثر من 1170 شخصاً، بمَن في ذلك مَن اعتُقِلوا خارج المحكمة، حيث حُكِمَ على نافالني بالسجن حتى خريف عام 2023.
محاكمة أليكسي نافالني
قضت محكمة روسية بسجن المعارض البارز، أليكسي نافالني، لمدة ثلاث سنوات ونصف لانتهاكه شروط عقوبة بالسجن مع وقف التنفيذ. وتجمع الآلاف من المحتجين في أنحاء روسيا لدعم نافالني.
بذلك حولت المحكمة التي انعقدت في موسكو عقوبته مع وقف التنفيذ بتهمة الاختلاس إلى عقوبة نافذة بالسجن. وقضى نافالني بالفعل عاماً تحت الإقامة الجبرية، والتي سيتم خصمها من إجمالي العقوبة.
بينما استقبل نافالني قرار المحكمة بهز كتفيه باستسلام، حسبما ذكرت مراسلة بي بي سي سارة رينفورد. واتهم المعارض البارز في المحكمة الرئيس فلاديمير بوتين بأنه قام بتسميمه، وألقى عليه باللوم في الهجوم الذي استهدفه بغاز الأعصاب.
فيما جاء رد الفعل الدولي القوي على الحكم سريعاً، حيث قال مجلس أوروبا -هيئة حقوق الإنسان الرئيسية في القارة- إن الحكم "يتحدى كل مصداقية".
كما أدان الحكم وزيري خارجية بريطانيا وألمانيا، وطالب وزير الخارجية الأمريكي بالإطلاق الفوري وغير المشروط لسراح المعارض الروسي.
فقد أثارت عودة نافالني إلى روسيا، في 17 من يناير/كانون الثاني الماضي، احتجاجات حاشدة مؤيدة له، وكثير من المحتجين هم شباب روس عايشوا حكم الرئيس فلاديمير بوتين.