كشف موقع Insider الأمريكي في تقرير نشره يوم الإثنين 8 فبراير/شباط 2021 إنه رغم وجود مشاكل تواجه مليون ونصف المليون مسيحي في السعودية في ممارسة طقوسهم الدينية بشكل رسمي إلا أن هناك توقعات قريبة بالسماح ببناء أول كنيسة داخل المملكة.
إذ إنه رغم ما واجه المسيحيين في المملكة أثناء التعبد من القبض والسجن والترحيل لبعضهم إلا أن أصواتاً ذات صلة بالموضوع تشير إلى أن تغييرات كبيرة ستحدث خلال الأيام المقبلة تمضي معها الأمور إلى خروج الطقوس الدينية للمسيحيين إلى العلن.
مواقف سابقة من تعامل السلطات مع المسيحيين
التقرير أشار إلى حادثة وقعت عام 2019، حين اجتمع 25 أمريكياً مسيحياً داخل قاعدة جبل اللوز، شمال غرب المملكة. وأخرج قائدهم، الواعظ الإنجيلي جويل ريتشاردسون، الكتاب المقدس للقراءة، وفي المساء فُوجئ الواعظ حين رنّ هاتفه، كانت الرسالة من وزارة الخارجية تقول له: "احذر".
يذكر أنه في عام 2014 رحّلت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 12 مسيحياً إثيوبياً قُبِضَ عليهم أثناء التعبُّد في الدمام، واجتاحت منزلاً بعد علمها أنّه يُستخدم لإقامة قداسات الكنيسة وفقاً لوزارة الخارجية.
تغييرات الحريات الدينية بطيئة في المملكة
رغم إصلاحات ولي عهد المملكة، الأمير محمد بن سلمان، منذ توليه المنصب عام 2017 فإنّ التقدمات التي طرأت على الحريات الدينية أتت بطيئة، إذ قالت إحدى المسيحيات التي عاشت هناك طوال حياتها البالغة لموقع Insider الأمريكي: "ليست هناك كنائس، نحن نختار التكتّم على عباداتنا احتراماً للثقافة والدين".
في المقابل طلبت الحكومة الأمريكية مراراً من السعودية إنهاء الحظر على الكنائس، دون نجاح. إذ قالت نينا شيا، المفوضة الأمريكية للحريات الدينية العالمية: "لقد ذهبت إلى هناك وتحدّثت إلى كبار القادة عن فتح كنيسة لأولئك الناس وكانوا يقولون دائماً: السعودية مختلفة وهي أرض الحرمين المقدسين. والبلد بأكمله عبارة عن أرضٍ مُقدسة بالمعنى الحرفي، ولهذا لا يُمكن بناء كنيسةٍ عليها".
من ناحية أخرى، حاولت مجموعة من الإنجيليين تغيير الأوضاع، ففي أكتوبر/تشرين الأول من عام 2018، قَبِلَ الإنجيلي البارز جويل روزنبيرغ دعوةً من الأمير لزيارة الرياض. وحضر مع روزنبيرغ القس جوني مور، المستشار الديني للرئيس دونالد ترامب، ومجموعة من الإنجيليين الآخرين.
زيارة إنجيليين إلى الديوان الملكي
كانت تلك هي المرة الأولى التي يزور فيها مجموعة من الأمريكيين الإنجيليين الديوان الملكي السعودي منذ 300 عام، إذ قال روزنبيرغ لاحقاً لشبكة Fox News الأمريكية إنّ محمد بن سلمان "ناقش كافة القضايا المثيرة للجدل تقريباً" خلال اجتماعه بهم.
لكن ذلك لم يمنع روزنبيرغ من العودة مرة أخرى إلى السعودية عام 2019، حيث زاروا المملكة مرة أخرى ليعودوا بعد ذلك ومعهم أدلة على أنّ التغيير قد بات وشيكاً. إذ أُطلِعَ الوفد على الوجود التاريخي للكنائس في شبه الجزيرة العربية، كما أوضح مور للموقع الأمريكى: "إنّه أمرٌ بارز للغاية، خاصةً الحوار المفتوح عن الأدلة الأثرية على وجود الكنائس في زمن الرسول".
بناء الكنائس مسألة وقت فقط
من جانبه قال الأكاديمي الأمير عبدالله بن خالد آل سعود للموقع الأمريكى إن : "الأمر قادمٌ لا محالة. خاصة داخل الحي الدبلوماسي في الرياض أو نيوم". وهو ما يؤكد أنه رغم أنّ الجهود المبذولة لبناء كنيسة في السعودية بدت غير مثمرة إلا أن التغيير قادم لا محالة.
في حين قال علي الشهابي، عضو المجلس الاستشاري لنيوم: "ذُكِرَ الأمر في ما يتعلّق بنيوم"، مضيفاً أنّ الكنيسة "على قائمة مهام القيادة بكل تأكيد".
ديفيد رونديل، الدبلوماسي السابق في الرياض، قال كذلك لموقع Insider إنّ نيوم هي موقعٌ مُحتمل لأول كنيسة نظراً للطبيعة المميزة للنظام القضائي. وأردف: "تُوشك نيوم أن تصير كياناً غير سعودي على الكثير من النواحي".
تباين الآراء في أمريكا
في المقابل تباينت أولوية تأمين كنيسة في السعودية بين الإدارات المختلفة التي مرّت على البيت الأبيض. إذ قال رونديل إنّ القضية كانت مهمة لإدارة ترامب.
في حين أظهر محمد بن سلمان استعداداً أكبر لاحتضان الأديان المختلفة، بعد أن التقى بالفعل مع البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، والأسقف القبطي آفا مرقص، والكاردينال الكاثوليكي جان-لويس بيير تاوران، ورئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي.
ولي العهد السعودي لا شك هو صاحب القرار، لكن بطبيعة الحال ستكون هناك معارضة ، إذ قال الأمير عبدالله: "هل ستكون هناك معارضة للقرار. أعتقد ذلك بكل تأكيد. ولكن هل ستكون معارضةً عنيفة؟ أشك في ذلك، نظراً لقوة وفاعلية الأجهزة الأمنية في المملكة".
في سياق متصل قال الشيخ عاصم الحكيم، رجل الدين السعودي البارز على قناته في يوتيوب: "هل ترى أي مساجد داخل الفاتيكان؟ لا. وبالتالي لا يُمكن بناء أي كنائس هنا. هذه أراضٍ مقدسة".
لكن في المجمل فالخبراء على ثقة بأنّ كنيسةً ستُبنى في السعودية قريباً، لكن لا أحد يعلم الوقت تحديداً. لدرجة أنّ روزنبيرغ، الذي قضى ساعات في نقاشات مع ولي العهد السعودي من أجل ذلك يشعر بالتفاؤل.