تواصل الفصائل الفلسطينية اجتماعها لليوم الثاني على التوالي في مقر المخابرات المصرية في العاصمة القاهرة، للاتفاق على تفاصيل وترتيبات مرحلة الانتخابات الشاملة التي صادق عليها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعد إصداره مرسوماً بذلك في 15 من الشهر الماضي.
يأتي الاجتماع في ظل حالة تكتيم إعلامي من قبل الفصائل، خشية تسريب معلومات من شأنها شحن الأجواء، خصوصاً أن الخلافات والملفات التي تتم مناقشتها حساسة جداً، ومن الممكن أن تتسبب في عودة الأمور إلى المربع الأول.
مصدر من الفصائل مشارك في اجتماع القاهرة قال لـ"عربي بوست" إن "الاجتماع تناول خطوات بناء الثقة بين حركتي حماس وفتح، حيث قدم كل طرف ملاحظاته فيما يخص الحريات العامة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتم الاتفاق على الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين فيهما، ووقف الملاحقة الأمنية بحق كوادر الحركتين، وإطلاق الحريات الإعلامية بما يخدم طبيعة المرحلة الحالية".
قدمت الفصائل المشاركة اعتراضها على سوء المعاملة من قبل السلطات المصرية فيما يخص حركة المسافرين عبر معبر رفح الواصل بين غزة ومصر، لذلك بادرت السلطات المصرية بالإعلان عن فتح معبر رفح، وتلقت الفصائل وعوداً بالعمل على فتح المعبر بشكل دائم خلال المرحلة القادمة كبادرة حسن نية من قبل السلطات المصرية لإنجاح الحوارات.
بالإضافة إلى وضع جدول أعمال لمناقشة الملفات العالقة بين القوى السياسية الفلسطينية، كما طلبت بعض الفصائل يوماً إضافياً لاستكمال الحوار الحالي بأن ينتهي غداً الأربعاء 10 /02 /2021 ثم يتم استكمال الحوارات في غزة والقاهرة بعد تشاور الفصائل فيما بينها، على أمل أن تكون نهاية شهر فبراير/شباط الجاري موعداً لاختتام لمناقشة الملفات العالقة.
مرسوم عباس كان مفاجئاً للجميع..
لا تزال الكثير من القضايا التي يجري مناقشتها في القاهرة محل خلاف كبير بين الفصائل، وجاءت خطوة الرئيس عباس بإصداره مرسوم الانتخابات مفاجئة للكثيرين، فحركة فتح بدورها لا تزال مترددة في مسألة حسم مسألة مرشحها لخوض الانتخابات الرئاسية.
مما يزيد من أزمة فتح، إعلان مروان البرغوثي عضو لجنتها المركزية، والمعتقل في السجون الإسرائيلية، عزمه الترشح لمنافسة عباس في هذا السباق الانتخابي، إضافة إلى أزمة الضغط الداخلي والإقليمي الذي يواجه الحركة في مسألة السماح لمحمد دحلان وتياره بالمشاركة في هذه الانتخابات من عدمها، أو الاتجاه نحو مصالحة فتحاوية لتقوية موقف الحركة أمام الحركات الإسلامية الفلسطينية، لا سيما حماس والجهاد الإسلامي.
حماس بدورها التي دأبت طيلة السنوات الماضية على ضرورة إجراء الانتخابات الشاملة، تحمل في جعبتها ملفات كثيرة أهمها مسألة الوضع الداخلي لقطاع غزة بعد الانتخابات، ومنها قضية الموظفين في وزاراتها الحكومية، ومدى التزام السلطة الفلسطينية بدمجهم ضمن كادرها الوظيفي، وقضية ضمان احترام نتائج الانتخابات، وتقديم تعهدات بعدم تكرار تجربة انتخابات عام 2006، إضافة إلى قضية التعديلات التي أجراها الرئيس على قانون السلطة القضائية، مما أثار حفيظة الكثيرين من قبل الفصائل ومنظمات الحقوقية والرقابية.
الإعلامي وسام عفيفة قال لـ"عربي بوست" إن "تمديد الفصائل للحوار ليوم إضافي قد يحمل نتائج مبشرة، وتفسير ذلك أن هنالك قراراً داخلياً لدى الفصائل المشاركة وخارجياً من الوسطاء المعنيين بملف المصالحة بضرورة وضع النقاط على الحروف، ومناقشة كل قضايا الخلاف التي تحتاج إلى تفسيرات وضمانات قبل مغادرة الوفود القاهرة لإعطاء ردها النهائي".
وأضاف: "ما يخرج من تسريبات حتى الآن يشير إلى أن هذه الجولة من اللقاءات ستركز على ملف الانتخابات التشريعية بشكل أساسي، على أن يستكمل مناقشة قضايا الانتخابات الرئاسية والمجلس الوطني لاحقاً".
انتخابات شاملة تحت الدراسة..
ليس من الواضح ما إذا كان الوسيط المصري قادراً على حسم مسألة وصول الفصائل لنقطة اتفاق تفضي إلى إجراء انتخابات شاملة كما هو مخطط له، فهذا المسار من المصالحة يختلف في سياقه عن جولات المصالحة السابقة، وذلك نتيجة لوجود أكثر من طرف يرعى هذا الحوار مثل روسيا وتركيا وقطر ومصر، وهذه الحالة من التدخل الدولي قد لا يكتب لها النجاح بسبب تعارض مصالح كل دولة مع الأخرى في مسألة القضية الفلسطينية.
خليل شاهين، رئيس قسم البحوث في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية- مسارات، قال لـ"عربي بوست" إن "مسار المصالحة الحالي رغم تباين وجهات النظر من قبل الدول الراعية له، إلا أنها تتفق على نقطة مشتركة تتمثل بضرورة إجراء الانتخابات لتجديد الشرعيات، وهذه النقطة قد تقف في صالح نجاح دور مصر في رعاية هذا الاتفاق، أو تتويج لقاءات الفصائل في القاهرة بنقطة اتفاق تفضي إلى إجراء انتخابات تشريعية، بما يمهد الطريق لإجراء انتخابات رئاسية ومجلس وطني لاحقاً".
وأضاف: "لدى طرفي الانقسام رغبة بنجاح هذا المسار من المصالحة، فحركة حماس تسعى للخروج من العبء المالي والضغط الشعبي نتيجة إدارتها للقطاع بظروف الحصار، إضافة إلى أنها ترى أن مشاركتها في الانتخابات ستخدم رؤيتها السياسية بأنها طرف مكون ورئيسي في مسألة القرار الفلسطيني، أما حركة فتح فهي تحاول من خلال هذه الانتخابات أن تضمن انتقالاً ديمقراطياً للسلطة من الرئيس الحالي عباس إلى أحد أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، إضافة إلى شعورها بضرورة أن هذه الانتخابات ستخدمها في مسار إعادة العلاقات مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للخروج من العزلة التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب".