كشف موقع Axios الإخباري الأمريكي، الإثنين 8 فبراير/شباط 2021، عن خطة تعدُّها السلطات الإسرائيلية؛ للضغط على المحكمة الجنائية الدولية بهدف وقف استعداداتها المفترضة للتحقيق ضد إسرائيل بشأن ارتكابها "جرائم حرب" في الضفة الغربية وغزة، وذلك بعد أن أصدرت قراراً يقضي بولايتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، مؤخراً.
مسؤولان إسرائيليان كشفا للموقع، أنَّ إسرائيل تعتزم مطالبة عشرات من الحلفاء بنقل "رسالة سرية" إلى فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، وحثها على عدم المضي قدماً في التحقيق ضد إسرائيل.
بحسب الموقع، فإن إسرائيل تشعر بقلق بالغ من أنَّ أي تحقيق قد يؤدي إلى إصدار أوامر اعتقال دولية ضد مسؤولين وضباط عسكريين إسرائيليين، كما سيعزز هذا التحقيق حملات "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" ضد إسرائيل.
حملة دبلوماسية سرية
وبعثت وزارة الخارجية الإسرائيلية ببرقية سرية إلى عشرات السفراء الإسرائيليين في جميع أنحاء العالم، الأحد 7 فبراير/شباط، تتضمن تعليمات لبدء جهود ضغط حول الحكم الصادر، الجمعة الماضي، من قضاة المحكمة الجنائية الدولية، والذي مهد الطريق لإجراء تحقيق ضد إسرائيل.
وقال المسؤولان الإسرائيليان للموقع، إنَّ البرقية صُنِّفَت "عاجلة"، وتضمنت تعليمات بوجوب حضور السفراء إلى المكتب؛ لقراءة البرقية السرية والبدء في التواصل مع حكومات الدول التي يعملون لديها.
في البرقية، صدرت تعليمات للسفراء الإسرائيليين بمطالبة وزراء الخارجية ورؤساء الحكومات في البلدان التي يعملون فيها، بإصدار بيانات عامة تعارض قرار القضاة. وحتى الآن لم يصدر مثل هذه التصريحات إلا من الولايات المتحدة وأستراليا.
وتضمنت البرقية الإسرائيلية تعليمات حساسة أخرى لتشجيع الحكومات على ممارسة ضغوط سياسية على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، حيث جاء في البرقية: "أنتم مطالَبون بإبلاغ أرفع مناصب بالحكومات أنه إذا بدأ تحقيق ضد إسرائيل، فسيؤدي ذلك إلى أزمة مستمرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لن تسمح بأي تقدُّم دبلوماسي بين الطرفين".
ومن المتوقع كذلك أن يُرسِل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رسائل خاصة إلى عشرات القادة بجميع أنحاء العالم، يطلب دعمهم في مواجهة أي تحقيق، كما يُتوقَّع أن يُجري نتنياهو ووزير خارجيته غابي أشكنازي، مكالمة هاتفية مع نظرائهما في الدول الكبرى بالعالم والدول الحليفة؛ لمناقشة القضية.
إعلان الولاية على الأراضي المحتلة
الجمعة، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قراراً يقضي بولايتها القضائية على جرائم الحرب التي وقعت في الأراضي الفلسطينية المُحتلة منذ عام 1967، مما يفتح المجال أمام تحقيق محتمل، وسط ترحيب فلسطيني وتنديد إسرائيلي.
تضمَّن نص القرار أن "المحكمة الجنائية الدولية توافق على التحقيق في جرائم حرب محتملة من قِبل إسرائيل بالأراضي الفلسطينية. وتقرر أن اختصاصها يمتد إلى الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل منذ حرب الأيام الستة عام 1967، وهي غزة والضفة الغربية، وضمن ذلك القدس الشرقية".
إذ استند القرار إلى قواعد الاختصاصات القضائية المنصوص عليها في وثائق تأسيس المحكمة الجنائية الدولية، ولا يشمل أي محاولة لتحديد وضع دولة أو حدود قانونية.
يشار إلى أن هذا القرار يمهد لفتح المحكمة تحقيقاً في جرائم الحرب الناتجة عن الأعمال العسكرية الإسرائيلية، وذلك رغم اعتراض تل أبيب.
كانت المدعية العامة للمحكمة، فاتو بنسودا، قد قالت في ديسمبر/كانون الأول 2019، إن هناك "أساساً معقولاً لاعتقاد أن جرائم حرب ارتُكبت أو ترتكب في الضفة الغربية، وضمن ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة".
لكنها طلبت حينها من المحكمة تحديد ما إذا كان لها اختصاص إقليمي قبل متابعة القضية، فيما رفضت إسرائيل الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية.
حيث ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالقرار قائلاً إن "المحكمة تتجاهل جرائم الحرب الحقيقية، وتتعقب بدلاً من ذلك إسرائيل، وهي بلد له نظام ديمقراطي قوي يقدس حكم القانون وليس عضواً بالمحكمة"، مؤكداً أن إسرائيل "ستحمي كل مواطنيها وجنودها من المقاضاة"، حسب مزاعمه.
نتنياهو ذكر أن "المحكمة بقرارها هذا، تُضعف حق الدول الديمقراطية في الدفاع عن نفسها".
بدورها، وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش القرار بأنه "بالغ الأهمية"، وقالت بلقيس جراح، مستشارة برنامج العدالة الدولية بالمنظمة، إن القرار "يُقدّم أخيراً بعض الأمل الحقيقي في العدالة لضحايا جرائم خطيرة، بعد نصف قرن من الإفلات من العقاب".