كشفت منظمة حقوقية تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، أن عشرات الدول تلجأ بشكل منهجي إلى مزيد من القمع السياسي خارج حدودها من دون تداعيات تذكر، مستشهدة باغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وتوقيف طالب لجوء روسي في الولايات المتحدة، وخطف سويدي مولود في الصين من تايلاند.
وكالة الأنباء الفرنسية قالت إن منظمة "فريدوم هاوس" غير الحكومية رأت في تقرير نشرته، الخميس 4 فبراير/شباط 2021، أن القضايا الثلاث تشترك في أمر واحد هو تأكيد هذا الواقع.
قالت المنظمة إن عشرات الدول تلجأ إلى أدوات عدة في القانون الدولي وممارسة ضغوط ثنائية ومراقبة رقمية إعلامية ومضايقات وتهديدات جسدية لملاحقة معارضين ونشطاء في المنفى.
وثقت "فريدوم هاوس"، المنظمة المدافعة عن الديمقراطية التي تحصل على الجزء الأكبر من تمويلها من الحكومة الأمريكية، 608 حالات من "القمع العابر للدول" المباشر والجسدي، ارتكبتها 31 دولة منذ 2014.
كما قالت إنه في كل حادثة، وصلت سلطات البلد، الوطن الأم، جسدياً إلى شخص يقيم في الخارج، خلال الاعتقال والقمع أو الهجوم أو الترهيب الجسدي أو الترحيل غير القانوني أو التسليم أو القتل المفترض.
الصين على رأس اللائحة
تستحوذ جرائم القتل مثل اغتيال خاشقجي في إسطنبول في 2018 على أيدي عناصر سعوديين، وهجمات عنيفة أخرى، على القدر الأكبر من الاهتمام، لكن أساليب قمع أخرى هي أكثر شيوعاً وبنفس القدر من الأذى، وفق التقرير.
من بين أساليب القمع فرض قيود على جوازات السفر وإلغائها للسيطرة على حركة المواطنين في الخارج ومضايقتهم على الانترنت، باستخدام برامج تجسس لرصدهم، وتهديد أفراد أسرهم في البلد الأم للضغط عليهم.
فقد أصبحت هذه الأنشطة، للعديد من الأنظمة، "ممارسة شائعة ومؤسساتية للسيطرة على الناس خارج حدودها".
كما رأت المجموعة أن أسوأ دولة في هذا المجال هي الصين، التي تقوم بشكل منهجي باللجوء إلى كل وسيلة ممكنة ضد المنشقين والنشطاء في الخارج، بما في ذلك أفراد من الإيغور والتيبتيين وأتباع طائفة فالونغونغ.
فقد مارست الصين ضغوطاً هائلة على دول مثل تايلاند والإمارات العربية المتحدة وكينيا لترحيل مئات الإيغور، الأقلية المسلمة التي تقيم في غرب الصين، أو تسليمهم لها. وتصل أساليب الصين إلى حد خطف نشطاء في المنفى، كما حدث مع غوي مينهاي، وهو صاحب مكتبة يحمل الجنسية السويدية وخُطف من تايلاند وأعيد إلى الصين في 2015.
إلغاء جوازات والحرمان من خدمات قنصلية
أشار التقرير إلى دولاً أخرى تقوم بحملات منسقة ضد مواطنيها في الخارج وتمارس عليهم القمع، مثل أوزبكستان ورواندا وروسيا وطاجيكستان وإيران والسعودية وتايلاند.
فيما لجأت 12 دولة من بينها الصين وروسيا وتركيا، إلى استخدام أداة دولية لتطبيق القانون، وهي الإدراج على قوائم الشرطة الدولية (الإنتربول) للمجرمين، كوسيلة للقمع.
يمكن لتلك الدول أن تدرج مئات الأسماء على لوائح الإنتربول لمراقبة المجرمين، إذ إن إمكانيات هذه الهيئة للتحقق ضئيلة، بحسب التقرير.
إذ قال التقرير "من خلال تحميل إخطارات كاذبة على النشرات، تتمكن الأنظمة من توقيف أو ترحيل منفيين، وفي بعض الأحيان حتى إذا كانوا يحملون صفة لاجئين".
كما أورد التقرير مثالاً على ذلك قضيتين منفصلتين، عندما طلبت روسيا إصدار نشرة حمراء للإنتربول، أي طلب اعتقال شخص وتسليمه لها، لكل من رجلي أعمال سافرا إلى الولايات المتحدة بشكل قانوني وطلبا اللجوء هناك. ونتيجة لذلك أوقفت سلطات الهجرة الأمريكية الرجلين لأكثر من عام.
قالت فريدوم هاوس "حتى هذا التعداد المحافظ يُظهر أن ما يبدو غالباً حوادث معزولة، اغتيال من هنا وخطف من هناك، يمثل في الواقع تهديداً خبيثاً ومنتشراً لحرية وأمن الناس".