اتّهم المدّعون الديمقراطيون في قضية محاكمة دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، بارتكاب "خيانة ذات بعد تاريخي"، على خلفية تحريضه مناصرين له على اقتحام مقر الكونغرس، وذلك قبل أسبوع من بدء محاكمته في مجلس الشيوخ.
استعداد لمحاكمة ترامب
في مرافعة تمهيدية نُشرت الثلاثاء 2 فبراير/شباط 2021، طالب المدّعون (وهم أعضاء في مجلس النواب)، مجلس الشيوخ بإدانة ترامب، معتبرين أنه يجب حماية الشعب الأمريكي "من رئيس يستخدم العنف وسيلة لتقويض ديمقراطيتنا"، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
كذلك اعتبر المدعون في وثيقة تقع في 77 صفحة أن "الرئيس حرض حشداً عنيفاً على مهاجمة (مبنى) الكابيتول"، يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021، وقالوا إن "عزمه على البقاء في السلطة بأي ثمن هو خيانة ذات بعد تاريخي"، مطالبين بإدانته في المحاكمة التي تبدأ في التاسع من شباط/فبراير الحالي.
المدّعون أكدوا أيضاً أنه "من المستحيل التصوّر أن أحداث الكابيتول كانت لتحصل من دون أن يكون الرئيس قد أعد لوضعية متفجرة، وأشعلها ثم سعى لتحقيق مكاسب شخصية من الفوضى التي نجمت عن ذلك".
كذلك حمّل المدعون ترامب "مسؤولية فردية" عن أعمال العنف، التي عرّضت للخطر حياة أعضاء الكونغرس ونائب الرئيس مايك بنس، واعتبروا أنه "من الصعب تصوّر أي مخالفة تستدعي العزل، إن لم ينطبق ذلك على التحريض على أعمال شغب ضد جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس بعد خسارة الانتخابات".
كما أكدوا أن "فشل مساعي الإدانة من شأنه أن يشجّع الرؤساء المقبلين على محاولة التمسّك بالسلطة بكل الوسائل، وأن يوحي بأن الرئيس قادر على تخطي كل الحدود".
يأتي ذلك، بينما يُعد ترامب أول رئيس أمريكي على الإطلاق، تُطلق مرتين إجراءات عزله، وهو متّهم بـ"التحريض على التمرّد" على خلفية تشجيعه الآلاف على التوجّه إلى مقر الكونغرس واقتحامه في أحداث أوقعت خمسة قتلى.
مواجهة قضائية
كان مجلس النواب قد وجّه الاتهام لترامب في 13 يناير/كانون الثاني 2021، مطلقاً بذلك إجراءات محاكمة ترمي لعزله للمرة الثانية، في سابقة في تاريخ الولايات المتحدة، لكن ولاية ترامب انتهت قبل بدء المحاكمة في مجلس الشيوخ، ما دفع الأعضاء الجمهوريين إلى اعتبار أن إدانة رئيس بعد انتهاء ولايته سيكون مخالفاً للدستور.
من المتوقّع أن يشدد محامو ترامب على هذه النقطة في دفاعهم عن الملياردير الجمهوري، لكنّ الديمقراطيين رفضوا هذا المبدأ بشكل مطلق، واعتبروا ألا "استثناءات في شهر كانون الثاني/يناير على صعيد إجراءات العزل".
يتعيّن على فريق ترامب القانوني خلال أسبوع، وضع استراتيجية تضمن حصول الرئيس السابق على الدعم الكافي من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين لتجنّب الإدانة للمرّة الثانية في غضون عام.
وتحتاج إدانة ترامب إلى غالبية من ثلثي أعضاء المجلس الذي يضم مئة مقعد. وبالفعل، أشار 45 من 50 جمهورياً إلى اعتقادهم بأن محاكمة ترامب أمام المجلس بعدما غادر السلطة غير دستورية.
إلا أن الديمقراطيين يشددون في محاكمة ترامب على أن الرئيس السابق يجب أن يُساءل عن سلوكه خلال كل أيام ولايته. وجاء في الوثيقة أن "الدستور يحكم اليوم الأول من ولاية الرئيس واليوم الأخير منها، وكل أيام ولايته".
تشير المرافعة الاتهامية قبل بدء محاكمة ترامب إلى عدد من تسجيلات الفيديو التي يتوقّع أن تُستخدم أدلة في المحاكمة، اعتبروا أنها تبيّن تحريض ترامب الحشد على ارتكاب أعمال عنف، وتظهر مرتكبي أعمال الشغب وهم يهتفون "اشنقوا مايك بنس" ويسعون لمطاردة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.
حتى بعد تنصيب الرئيس الديمقراطي جو بايدن، لم يقر الرئيس السابق بشكل واضح وصريح بخسارته الانتخابات الرئاسية، وأصر على أن الانتخابات مزوّرة من دون تقديم أي دليل على مزاعمه، لكن محاكم عدة ردت طعون الرئيس بنتائج الانتخابات معتبرة أن لا أساس لها.
اعتبر المدّعون أن إصرار ترامب على الزعم بحصول تزوير في الانتخابات الرئاسية من دون إعطاء أي دليل، دفع معارضيه إلى الانخراط في مساعٍ لقلب نتائج الانتخابات، وجاء في الوثيقة أنه حين فشلت تلك المساعي استدعى ترامب حشداً للتظاهر في واشنطن وحرّضه على إثارة فوضى عارمة.