قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الإثنين 1 فبراير/شباط 2021، إن تل أبيب رفضت اقتراحاً أمريكياً يقضي بإجراء فحص أمني شامل في ميناء حيفا، على خلفية تخوفات واشنطن من ضلوع شركات صينية في اختراق البنية الأمنية للميناء خلال أعمال توسيع وُكِلت إليها منذ عام.
الاقتراح الأمريكي شمل، بحسب الصحيفة، تنفيذ فحص أمني لمنشآت المرفأ بقيادة فريق من حرس السواحل الأمريكي، وهو ما رفضته تل أبيب.
تشير الصحيفة إلى أن الأصوات تعالت بالإدارة الأمريكية في الآونة الأخيرة؛ خوفاً من أن تُشكل الأعمال الصينية في الميناء ثغرة لتنفيذ مراقبة تكنولوجية لما يحدث بالمرفأ، ولجمع معلومات عن نشاط سلاح البحرية الإسرائيلية وأنشطته المشتركة مع سفن أمريكية.
وأضافت الصحيفة أنه على هذه الخلفية، حذَّرت الولايات المتحدة، إسرائيل من استمرار تعاونها مع الصين، مُهددة خلال لقاءات عديدة، بتوقف سفن الأسطول الأمريكي عن الرسو في ميناء حيفا، بسبب الأعمال الصينية.
تخوفات واشنطن
وبحسب الصحيفة، فإن خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة في هذه الناحية لا تزال تخيم على العلاقات بين المؤسستين الأمنيتين، بعد أن طرح مسؤولون أمريكيون مراراً تحفظاتهم على "اتساع التأثير الصيني في إسرائيل"، وحذروا من أن هذا التأثير يشكل خطراً على مصالح استراتجية أمريكية في الشرق الأوسط.
ونقلت الصحيفة عن نائب رئيس المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، بلايز ميشتال، قوله إن الولايات المتحدة ما زالت قلقة من الوجود الصيني في الميناء، والخلاف مع إسرائيل بهذا الخصوص لم يُحل بعد.
واعتبر التقرير أن "الصين تستثمر في شركات إسرائيلية وتقتني تكنولوجيا إسرائيلية؛ من أجل رفع مكانتها العسكرية والصناعية وزيادة تأثيرها. وقد استثمرت الصين في بناء ميناء جديد بحيفا، من شأنه أن يردع سفن الأسطول الأمريكي عن زيارة آمنة للميناء".
وأضاف أنه "إذا لم تعمل إسرائيل على تقييد توغل واستغلال الصين لاقتصادها، فإنها قد تجد نفسها تخضع لتأثير صيني ومنعزلة عن شركائها الغربيين".
وأوصى التقرير بأن تتبنى إسرائيل استراتيجية لتقييم المخاطر الصينية، تشمل تدقيقاً في استخدام صيني غير مناسب للتكنولوجيا الإسرائيلية، وجهداً استخباراتياً لتقفِّي توغل صيني في الأكاديمية الإسرائيلية، وزيادة المراقبة على الصادرات، ومساعدة أمريكية من أجل الحماية من التوغل الصيني، من خلال رفع مستوى التعاون الاستخباراتي.
التوغل الاقتصادي لبكين في إسرائيل
يشار إلى أنه قد سبق أن أعرب وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو، في مايو/أيار 2020، عن انزعاج واشنطن من "تغلغل" الصين في الاقتصاد الإسرائيلي، واصفاً بكين بأنها "خطر على المواطنين الإسرائيليين".
جاء ذلك في حديث أدلى به بومبيو لقناة "كان" الإسرائيلية (رسمية) قبل مغادرته تل أبيب، التي وصل إليها وأجرى مباحثات مغلقة مع نتنياهو، ثم مع شريكه في الحكومة الائتلافية المقبلة، بيني غانتس.
تصريحات بومبيو كانت المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول أمريكي رفيع المستوى علناً ضد الاستثمارات الصينية في إسرائيل. وكانت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية قدَّرت في يوليو/تموز 2019، قيمة الاستثمارات الصينية في إسرائيل بنحو 15 مليار دولار أمريكي.
وكانت إسرائيل قد منحت في السنوات الأخيرة امتيازين كبيرين لشركات صينية في أكبر موانئ شاطئ البحر الأبيض المتوسط؛ حيفا وأسدود. وهو ما يعزز الوجود الصيني المتصاعد في شرقي البحر الأبيض التوسط -مصر واليونان وتركيا- مما يُسهم بتقوية التجارة بين الصين وأوروبا.
وبلغت الصادرات الصينية لإسرائيل، عام 2017، نحو 9 مليارات دولار، والصادرات الإسرائيلية نحو 3.3 مليار دولار، وأصبحت الصين ثالث أكبر شريك تجاري لإسرائيل بعد الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
وقد بلغت الاستثمارات الصينية في شركات التكنولوجيا الإسرائيلية 40% من الحجم الكلي من رأس المال الاستثماري الخارجي، ولعل من أبرز محطات هذه العلاقة زيارة نتنياهو للصين في مارس/آذار 2017، والتي قام خلالها بتوقيع اتفاقيات بلغت قيمتها 25 مليار دولار.
كما أصبحت إسرائيل عضواً بالبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية AIIB، وهو البنك الذي يعد واحداً من الأعمدة الأساسية لمبادرة الحزام والطريق الصينية سنة 2013، على الرغم من عدم رضى الولايات المتحدة الأمريكية.