دعا رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي إلى ضرورة إقامة "نظام برلماني كامل"، لتجاوز أي إشكالات قد تحدث جراء "المزج بين النظامين الرئاسي والبرلماني" المعمول به في البلاد حالياً، وذلك في وقت تشهد فيه تونس خلافاً حاداً بين رئيسي البلاد والحكومة، بسبب تعديل وزاري.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها الغنوشي، خلال ندوة افتراضية على تطبيق "زووم" مع تونسيين يعيشون في الولايات المتحدة، مساء السبت 30 يناير/كانون الثاني 2021، وبث راديو "صبرة إف إم" المحلي فقرات منها.
الغنوشي قال إن "رئيس الدولة (قيس سعيد) يمتنع عن قبول أداء القسم للوزراء الجدد، وبالتالي هو رافض للتعديل الوزاري، ويعتبر أن له الحق بقبول أو رفض بعض الوزراء"، داعياً إلى ضرورة إقامة نظام برلماني كامل.
لم يصرّح سعيد نصاً بأنه يرفض أداء قسم الوزراء الجدد، لكن رغم مرور 5 أيام على مصادقة البرلمان، بالأغلبية المطلقة على التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي، فإن رئيس البلاد لم يوجه بعد، دعوة للوزراء الجدد لأداء اليمين.
أقر الغنوشي أيضاً، وهو زعيم حركة "النهضة" صاحبة الأغلبية في البرلمان (54 من 217)، بأن "الإشكالية في تونس اليوم هي المزج بين النظامين الرئاسي والبرلماني، ونحن نفترض في نظام برلماني دور رئيس الدولة رمزي وليس إنشائياً".
أضاف الغنوشي في هذا الصدد أن "موضوع الحكم ومجلس الوزراء يعود إلى الحزب الحاكم ورئيس الحكومة"، واعتبر أن "الدرس الذي نخلص إليه، هو ضرورة إقامة نظام برلماني كامل فيه فصل حقيقي بين السلطات، والسلطة التنفيذية تكون في يد الحزب الفائز في الانتخابات وهو الذي يقدم رئيساً للوزراء".
خلاف كبير
تأتي تصريحات الغنوشي بعدما وافق البرلمان التونسي مساء الثلاثاء 26 يناير/كانون الثاني 2021، على التعديل الوزاري الذي عمَّق الخلاف السياسي بين الرئيس قيس سعيد، ورئيس الوزراء هشام المشيشي.
شمل التعديل الوزاري 11 وزيراً، من بينهم وزراء جُدد للعدل والداخلية والصحة، بعد أن استبعد رئيس الحكومة وزراء مقربين من الرئيس سعيد، الذي كان قد أشار إلى أنه سيرفض التعديل الذي أجراه المشيشي.
والمشيشي هو وزير الداخلية في حكومة إلياس الفخفاخ السابقة، واختاره سعيد في يوليو/تموز الماضي لتشكيل حكومة جديدة، غير مبالٍ بالمقترحات التي قدمتها الأحزاب السياسية آنذاك فيما يتعلق بمنصب رئاسة الحكومة.
لكن بدأت بوادر خلاف بين سعيد والمشيشي، وفق إعلام محلي، بعد تولي الأخير رئاسة الحكومة، وتفاقم الخلاف أواخر سبتمبر/أيلول الماضي مع تلميح المشيشي بإجراء رئيس البلاد تعيينات لمستشارين منتمين للنظام السابق، وهو ما قوبل برفض شديد من قبل سعيد.
يُشار إلى أنه بالتزامن مع الخلاف حول التعديلات الوزارية، شهدت تونس احتجاجات على الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وتأججت بعد مقتل متظاهر على يد الشرطة.
وازدادت الأوضاع صعوبة في تونس بعدما عرقل الجمود السياسي الذي يعتري البلاد منذ الانتخابات التي أجريت في 2019، جهود البلاد لعلاج المشكلات الاقتصادية المتفاقمة، في الوقت الذي يطالب فيه المقرضون الأجانب والاتحاد التونسي العام للشغل بإجراء إصلاحات سريعة.
يُذكر أنه في العام الماضي، ومع تفشي جائحة كورونا، انكمش الاقتصاد التونسي بنسبة أكبر من 8%، وزاد العجز المالي إلى ما يزيد على 12% من الناتج المحلي الإجمالي ما دفع الدين العام للارتفاع إلى أكثر من 90% من إجمالي الناتج المحلي.