وافق البرلمان التونسي، مساء الثلاثاء 26 يناير/كانون الثاني 2021، على تعديل وزاري مثير للجدل، عمَّق الخلاف السياسي بين الرئيس قيس سعيد، ورئيس الوزراء، هشام المشيشي، في وقت واصل فيه تونسيون احتجاجاتهم ضد الحكومة.
خلاف حول التعديل الوزاري
جاء التصويت في نهاية يوم شهد مظاهرات خارج مقر البرلمان التونسي، الذي كان محاطاً بحواجز كثيرة ومئات من قوات الشرطة، احتجاجاً على الظلم الاجتماعي وتفشي البطالة وعنف الشرطة الذي قابله محتجون خلال تظاهرات.
شمل التعديل الوزاري الذي نال موافقة البرلمان، 11 وزيراً، من بينهم وزراء جدد للعدل والداخلية والصحة، بعد أن استبعد رئيس الحكومة وزراء مقربين من الرئيس قيس سعيد.
الكتل التي صوّتت لصالح التعديل الوزاري هي كتل النهضة (54 مقعداً) وقلب تونس (29 مقعداً) والإصلاح (16 مقعداً) وائتلاف الكرامة (18 مقعداً) والكتلة الوطنية (9 مقاعد).
فيما صوتت ضدّ التعديل الحكومي الكتلة الديمقراطية (38 مقعداً) وكتلة الدستوري الحر
(16 مقعداً) وعدد من النواب المستقلين.
وقال المشيشي في خطاب إن "الشباب المحتج خارج البرلمان يذكرنا بأولوياتنا، احتجاجاته شرعية، الحكومة ستصغي للشباب الغاضب".
لكن الرئيس سعيد أشار الإثنين الفائت، إلى أنه سيرفض التعديل، في تصعيد حاد للخلاف مع رئيس الوزراء، بينما يقوض المأزق السياسي جهود البلاد للتصدي لجائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية، وفقاً لوكالة رويترز.
سعيد كان قد اعتبر أن التعديل الوزاري سيكون غير دستوري من الناحية الإجرائية، مستنكراً عدم وجود نساء بين الوزراء الجدد، وأضاف أن بعضهم تحيط به شبهة تضارب المصالح.
صدامات عند البرلمان التونسي
قبل ساعات من تصويت البرلمان على التعديل الوزاري، كانت قوات الأمن التونسية قد أطلقت مدافع المياه على المحتجين خارج البرلمان، في محاولة لفض أكبر مظاهرة منذ بدء الاحتجاجات هذا الشهر.
مئات المحتجين كانوا قد شاركوا في مسيرة من حي التضامن بالعاصمة، والذي شهد اشتباكات ليلية بين شبان والشرطة لأكثر من أسبوع، ثم انضم إليهم مئات آخرون بالقرب من البرلمان.
من جانبها، أقامت الشرطة الحواجز أمام المشاركين في المسيرة لمنعهم من الاقتراب من مبنى البرلمان، حيث كان الأعضاء يجرون مناقشات ساخنة بخصوص التعديل الوزاري، وقال متظاهر يدعى سالم بن صالح وهو عاطل عن العمل: "الحكومة التي تستخدم الشرطة لحماية نفسها فقط من الشعب فقدت الشرعية".
في وقت لاحق منعت الشرطة أيضاً الدخول لشارع الحبيب بورقيبة، لدى محاولة المحتجين الاحتشاد هناك، وتقع في هذا الشارع الرئيسي بالعاصمة التونسية وزارة الداخلية وتُنظم فيه عادة مظاهرات كبرى.
إلى جانب الاشتباكات الليلية بين الشبان والشرطة، زادت الاحتجاجات النهارية التي ردد خلالها المتظاهرون شعار "الشعب يريد إسقاط النظام".
مع تصاعد الغضب أمس الثلاثاء لوفاة الشاب هيكل الراشدي، يوم الإثنين الفائت، قالت أسرته إنه أصيب بقنبلة غاز مسيل للدموع، ردد المتظاهرون شعارات مناهضة للشرطة.
في بلدة سبيطلة، التي ينحدر منها الراشدي والتي دُفن فيها، قال شهود إن مشاركين في الجنازة اشتبكوا مع الشرطة بعدها، في حين غادر بعض النواب المعارضين مبنى البرلمان التونسي للمشاركة في الاحتجاج في الخارج.
وقال محتج اسمه عماد رفض ذكر اسمه الثاني: "المشيشي حولها إلى دولة بوليسية، لا عمل، لا تنمية، لا استثمار. شرطة ضد الشعب وكفى".
كانت الاحتجاجات قد اندلعت هذا الشهر في ذكرى مرور عشر سنوات على الثورة التونسية عام 2011، التي ألهمت انتفاضات الربيع العربي وجاءت بالديمقراطية إلى تونس.
ازدادت الأوضاع صعوبة في تونس بعدما عرقل الجمود السياسي الذي يعتري البلاد منذ الانتخابات التي أجريت في 2019، جهودها لعلاج المشكلات الاقتصادية المتفاقمة، في الوقت الذي يطالب فيه المقرضون الأجانب والاتحاد التونسي العام للشغل بإجراء إصلاحات سريعة.
يُذكر أنه في العام الماضي، ومع تفشي جائحة كورونا، انكمش الاقتصاد التونسي بنسبة أكبر من 8%، وزاد العجز المالي إلى ما يزيد على 12% من الناتج المحلي الإجمالي مما دفع الدين العام للارتفاع إلى أكثر من 90% من إجمالي الناتج المحلي.