قالت صحيفة The New York Times الأمريكية، في تقرير لها نشرته الإثنين 18 يناير/كانون الثاني 2021، إنه رغم نفي السلطات المصرية مسؤولية نقص الأكسجين عن وفاة 4 من مرضى كورونا في أحد مستشفيات الشرقية شمال مصر، فإن الحقيقة كانت عكس ذلك.
الصحيفة الأمريكية أشارت إلى أن الشاب المصري أحمد نافع، الذي وثَّق الحادث بمقطع فيديو، كان يلتقط الصور لحالة الارتباك وصراخ إحدى الممرضات في المستشفى بسبب الحادث، وقد كانت الأجهزة تصدر صافرات. وظهرت بوضوحٍ إحدى الممرضات وهي مفجوعة وتجلس منكمشة على نفسها ومرتعدة في إحدى الزوايا، فيما كان زملاؤها يحاولون إنعاش رجل باستخدام جهاز تنفس يدوي.
وفاة 4 مصريين بكورونا
في حين قالت الصحيفة، إنَّ تزايُد الغضب لدى نشطاء التواصل الاجتماعي دفع الحكومة إلى نفي أن يكون الأكسجين نفد من المستشفى، وإن حالات الوفاة الأربع ليست لها "أي صلة" بنقص الأكسجين. لكنَّ تحقيقاً أجرته صحيفة The New York Times الأمريكية وجد العكس.
حيث نقلت الصحيفة عن شهود عيان، من بينهم أقارب لمرضى وأطباءُ، أنَّ ضغط الأكسجين هبط إلى مستويات شديدة الانخفاض. وقالوا إنَّ ثلاثة مرضى على الأقل، وربما أربعة، توفوا نتيجة نقص الأكسجين.
فيما أشارت الصحيفة إلى أن تحليلاً دقيقاً للفيديو تم على يد أطباء في مصر والولايات المتحدة، كشف أنَّ المشهد الفوضوي بوحدة العناية المركزة يشير إلى انقطاع في إمدادات الأكسجين.
في السياق ذاته وجد تحقيق الصحيفة الأمريكية، أنَّ النقص المُميت للأكسجين كان النتيجةَ النهائية لسلسلة من المشكلات في المستشفى. فبحلول الوقت الذي عانى فيه المرضى من الاختناق بوحدة العناية المركزة، كانت عملية مساعدة لتوصيل الأكسجين، الذي كان قد طُلِبَ سلفاً، بالفعل متأخرة عن موعدها بساعات، وحدث تعطُّل لنظام الأكسجين الاحتياطي.
فيما نقلت الصحيفة عن طبيب، قوله: "لن ندفن رؤوسنا في الرمال ونتظاهر بأنَّ كل شيء على ما يرام. يمكن أن يُقِرَّ العالم كله بوجود مشكلة، لكن ليس نحن".
أزمة إمدادات الأكسجين في المستشفى
في حين قال أفراد الطاقم الطبي، إنَّ إمدادات الأكسجين بالمستشفى لم تنضب بشكل تام، لكنَّهم قالوا إنَّ ضغطه كان منخفضاً على نحوٍ خطير. بل، وفقاً لهم، كان الوضع أسوأ في وحدة العناية المركزة وغير كافٍ لإبقاء المرضى على قيد الحياة.
إذ أدَّى حدوث مزيد من التعطلات إلى إحباط محاولات طاقم المستشفى لمعالجة النقص. فحين حاولوا تحويل إمدادات الأكسجين في وحدة العناية المركزة من الخزان الرئيسي بالمستشفى إلى مخزون الاحتياطي، بدا أنَّ التحميل على نظام الاحتياطي كان زائداً وتعرَّض للعطل.
التحقيق كشف أيضاً، أنه في وقتٍ سابق من ذلك اليوم، كان مسؤولو المستشفى طلبوا مزيداً من الأكسجين من وزارة الصحة بعدما علموا بانخفاض مستويات الأكسجين. لكنَّ شاحنة التوصيل التي كان من المقرر أن تصل بعد الظهر، وصلت متأخرة بأكثر من 3 ساعات. قال الطبيب: "لو أنَّها وصلت بحلول السادسة مساءً ما كان أيٌّ من هذا حدث".
تحليل فيديو واقعة مستشفى الأكسجين وموقف الأطباء
في حين وحسب تقرير الصحيفة الأمريكية، فقد رصد الخبراء الذين حللوا المقطع، ومن ضمنهم 6 أطباء في الولايات المتحدة ومصر، تفاصيل تدعم النتيجة التي تفيد بحدوث نقص في الأكسجين.
ففي الفيديو، لا يبدو أنَّ أياً من المرضى متصل بخط الأكسجين الرئيسي. ويظهر أحد الأطباء وهو يستخدم أسطوانة محمولة، عادةٌ تُستخدَم في حالات الطوارئ وبشكل مؤقت فقط. ويمكن رؤية مجموعة من الممرضات على بُعد أقدام قليلة فقط، يحاولن إنعاش مريض باستخدام مضخة يدوية لا يبدو أنَّها متصلة بمصدر للأكسجين.
من جانبه قال هشام النشواتي، وهو طبيب عناية مركزة في نيويورك: "(المريض) يُمنَح هواءً عادياً تقريباً. وهذا لا يحدث. الأمر مستحيل إلا إذا لم يكن لديك أكسجين".
في المقابل قد لا تكون أزمة الأكسجين بمستشفى الحسينية المركزي هي الوحيدة. إذ غمرت مؤشرات النقص في مستشفيات أخرى منصات التواصل الاجتماعي طيلة أسبوع. وأصدر مدير أحد المستشفيات مناشدة للناس على منصات التواصل الاجتماعي؛ من أجل التبرع بأسطوانات الأكسجين المحمولة، قائلاً إنَّ هناك "احتياجاً ضرورياً" لها.
في المقابل وعلى الرغم من حدوث النقص نفسه في الأكسجين بمستشفى الحسينية، بدأ المسؤولون اتخاذ خطوات لمعالجة المشكلة، مُقِرِّين ضمناً بحدوثها.
حيث اعترفت وزيرة الصحة، هالة زايد، بوجود نقص في شاحنات توصيل الأكسجين وبحدوث تأخيرات في التوزيع. وطلب الرئيس السيسي من الحكومة مضاعفة إنتاج الأكسجين بهدف تلبية الارتفاع في الطلب.
الحكومة، من جانبها، اتخذت إجراءً آخر على ما يبدو، رداً على فيديو أزمة الحسينية. إذ بات الزائرون الآن مطالَبين بترك هواتفهم عند أبواب المستشفيات، على حد تقرير الصحيفة الأمريكية.