دعت لجنة حقوق الإنسان البرلمانية بالعراق، اليوم السبت 16 يناير/كانون الثاني 2021، إلى فتح تحقيق عاجل في عمليات إعدام ميدانية تعرض لها مدنيون، شمالي البلاد عام 2015.
اللجنة البرلمانية أكدت في بيان أن "ما تعرض له المدنيون الأبرياء في بلدة الإسحاقي من عمليات إعدام ميدانية يمثل انتهاكاً صريحاً لمبادئ حقوق الإنسان التي كفلها الدستور العراقي"، مشدّدة على أن "أرواح المواطنين الأبرياء لا يجب أن تذهب سدى، ولا بد أن يُعاقب الجناة والمسؤولون عن هذه الجريمة البشعة".
لذلك طالبت اللجنة الأجهزة الأمنية والسلطات المعنية بضرورة فتح تحقيق عاجل لكشف ملابسات الحادثة وتقديم الجناة إلى القضاء العادل.
فعلى نحو مماثل لمقابر جماعية سابقة، تم الكشف عنها خلال الأشهر الماضية، شرقي الفلوجة وصدر اليوسفية جنوبي بغداد، والمحاويل شمالي الحلة بمحافظة بابل، ورابعة إلى الجنوب من مدينة الموصل، عُثر على مقبرة جماعية جديدة في منطقة جالي ضمن بلدة الإسحاقي جنوبي محافظة صلاح الدين، جرى اكتشافها من قبل السكان المحليين في المنطقة.
كما أعلن مرصد "أفاد" المتخصص بالدفاع عن حقوق المدنيين (غير حكومي)، الجمعة 15 يناير/كانون الثاني 2021، العثور على مقبرتين جماعيتين في بلدة الإسحاقي (ذات غالبية سُنية)، تضمان رفات مئات المدنيين "أعدموا على يد ميليشيات شيعية" عام 2015.
فبحسب إفادات لشهود عيان أدلوا بها لمرصد "أفاد"، "اختطفت ميليشيات شيعية مدنيين من مناطق الإسحاقي، ومكيفيشة، والدور، وسيد غريب، وبلدات أخرى جنوبي صلاح الدين، ونفذت فيهم عمليات إعدام جماعي".
جدير بالذكر أنه في 11 يناير/كانون الثاني 2021، رُصِدت عظام بشرية وعدة جماجم عليها ثقوب وعظام أضلاع، ظهرت بفعل عوامل التعرية والأمطار الأخيرة إلى جانب ملابس مدنية منها فردة حذاء رياضي قياس 36 بما يظهر أن أحد الضحايا بعمر لا يتجاوز 16 عاماً، إضافة الى دشداشة عربية وشماغ أحمر وبجامة رياضية.
عقب إبلاغ الأهالي قامت قوة من مركز شرطة الإسحاقي بمعاينة المكان، وبعد التأكد من أن رفات الضحايا يشير إلى أنهم مدنيون. تمت مخاطبة مؤسسة "الشهداء والقضاء" في محافظة "صلاح الدين"، إضافة إلى إخطار وزارة الداخلية التي أمرت بغلق المكان ومنع تجمع الأهالي حوله مَن الذين تم اختطاف ذويهم على يد ميليشيات مسلحة خلال عمليات طرد مسلحي "داعش"، من المحافظة.
تبين لاحقاً أن المقبرة عبارة عن حفرة كبيرة تم إنشاؤها بواسطة جرافات (شفل)، ويظهر ذلك من أسنان الجرافة في المكان، حيث جرى قتل الضحايا ورميهم في مكان واحد ثم دُفنوا، ويُقدر عدد من فيها بالعشرات، وفقاً لبيان مرصد "أفاد".
"خطوط خلفية لفصائل شيعية مسلحة"
كذلك، تظهر معلومات وجود مقابر مماثلة في مناطق مجاورة للمقبرة المكتشفة بمنطقة جالي، التابعة لبلدة الإسحاقي، وهي مناطق: مقاطعة 12 والجكسرية، وكشكرية، وسيد غريب، والفرحاتية.
جميع هذه المناطق كانت عبارة عن خطوط خلفية لفصائل مسلحة ضمن "الحشد الشعبي"، أبرزها كتائب "حزب الله"، و"بدر"، و"سيد الشهداء"، و"جند الإمام"، و"النجباء"، و"سرايا السلام"، ما يؤكد، طبقاً لما أورده بيان مرصد "أفاد"، أن "الضحايا تم تصفيتهم من قبل الميليشيات المالكة للأرض خلال عملية اعتراضها المواطنين الفارين من المعارك على غرار جرائم الصقلاوية، والشرقاط، والرزازة، وبزيبز التي شهدت جرائم تطهير طائفية جماعية من قبل مليشيات ضمن الحشد الشعبي".
"سياسة التمييز في التعامل مع القضايا الإنسانية"
مرصد "أفاد" طالب من جهته بعثة الأمم المتحدة في العراق بالتخلي عن ما وصفه بـ "سياسة التمييز في التعامل مع القضايا الإنسانية والحقوقية في العراق، وأن تتابع ملف المقابر الجماعية بالمناطق ذات الأغلبية السنية، التي تعرضت لإرهاب مزودج من مسلحي داعش ومسلحي المليشيات بدوافع طائفية، كونها لا تقل أهمية عن ملفات حقوقية تتعلق بالتظاهرات أو بنازحي سهل نينوى مثلا".
أيضا دعا المرصد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إلى "عدم تشكيل لجنة تحقيقية في الحادثة على غرار اللجان التخديرية السابقة، والإيعاز إلى مؤسسة الشهداء ووزارتي الصحة والداخلية بفتح المقبرة والمقابر المجاورة والبدء بأخذ عينات (DNA) على غرار مقابر الضحايا الأيزيديين وسبايكر على سبيل المثال"، مشيراً إلى أن "المماطلة تعني تورطاً بدوافع طائفية في التستر على مثل هذه الجرائم".
"مساومات وصفقات سياسية"
كما مرصد "أفاد" دعا أهالي محافظة صلاح الدين إلى "الضغط على ممثليهم في البرلمان بعدم تحويل ملف المختطفين والمغيبين على يد الميليشيات والمقابر الجماعية لورقة سياسية يستخدمونها بالمساومات والصفقات في بغداد"، حسب قوله.
يشار إلى أن السياسيين السُّنة يتهمون بعض الفصائل الشيعية المنضوية في "الحشد الشعبي"، "باختطاف نحو 12 ألف سُني في محافظتي صلاح الدين والأنبار (غرب) خلال المعارك ضد تنظيم داعش عام 2014، ولا يزال مصيرهم مجهولاً حتى الآن، فيما نفى "الحشد" مراراً الاتهامات الموجهة له.