شهد مبنى محطة "الجديد" التلفزيونية الخاصة بالعاصمة اللبنانية بيروت، الجمعة 15 يناير/كانون الثاني 2021، تطويقاً مؤقتاً من جانب دورية للجيش اللبناني، بهدف توقيف أحد صحفييها.
حيث أظهرت مشاهد وتغطية تلفزيونية مباشرة بثتها محطة "الجديد"، وجود 3 آليات تابعة للجيش اللبناني إضافة إلى انتشار عناصر من الاستخبارات في محيطها؛ بهدف توقيف أحد صحفييها، رضوان مرتضى.
تزامناً مع تطويق مبنى المحطة، كتب مرتضى، في تغريدة على "تويتر": "لو كان لدى هذه القيادة الحماسة نفسها لإرسال دورية لإزالة نترات الأمونيوم (من مرفأ بيروت)، كما تفعل اليوم لتوقيفي، بدلاً من تركها كل هذه المدة، لما كان وقع انفجار المرفأ".
حسب تقارير محلية، تحدَّث مرتضى في مقالات صحفية ومقابلات تلفزيونية مؤخراً، عن أن هناك "مسؤولية" على قائد الجيش الحالي العماد جوزيف عون والسابق جان قهوجي في ملف انفجار مرفأ بيروت، وأنه "يجب استدعاؤهما إلى التحقيق".
من جهتها، قالت نائبة رئيس مجلس إدارة المحطة، كرمي خياط، إن "رضوان مرتضى موجود داخل المؤسسة ولسنا خائفين، لأننا لم نرتكب أي جريمة، وما حصل أمام المبنى هو الجريمة".
خياط أكدت أن "الدورية تقوم بتفتيش الأفراد والسيارات لدى الدخول أو الخروج من المؤسسة (مبنى المحطة)"، مشيرة إلى أن "محاكمة الصحفيين يجب أن تتم أمام محكمة المطبوعات (القضاء المدني)".
إلا أنه بعد مرور نحو ساعة من الوقت غادرت آليات الدورية العسكرية، فيما بقي "رضوان مرتضى" داخل مبنى المحطة.
ولاحقاً أفادت محطة "الجديد" في نبأ عاجل، بأن "المدعي العام للتمييز، القاضي غسان عويدات، سحب إشارة توقيف رضوان مرتضى؛ لكونها مخالفة باعتباره صحفياً لا يمثل أمام جهاز أمني، على أن يحضر أمام النيابة العامة التمييزية وليس مديرية المخابرات".
وأدى هذا التطويق المؤقت إلى تصدُّر هاشتاغ "#متضامن_مع_رضوان_مرتضى" في لبنان، وسط إدانات واسعة لمحاولة التوقيف.
وفيما لم يصدر الجيش أو القضاء العسكري في لبنان أي بيان أو تصريح بشأن تلك الواقعة، حمّل الصحفي رضوان مرتضى، في تصريحات له على محطة "الجديد"، قائد الجيش العماد جوزيف عون، والرئيس اللبناني ميشال عون، المسؤولية كاملة عما قد يتعرض له، مستنكراً بشدةٍ محاولة توقيفه من قِبل "مخابرات الجيش".
تحقيق يكشف تورط رجال أعمال سوريين في انفجار مرفأ بيروت
يُذكر أنه في الوقت الذي عممت فيه الشرطة الدولية "الإنتربول" النشرة الحمراء بشأن مالك وقبطان سفينة نترات الأمونيوم التي انفجرت في مرفأ بيروت، كشف تحقيق تلفزيوني أعدّه تلفزيون "الجديد" اللبناني، عن تورّط رجال أعمال سوريين مُقرّبين من نظام الأسد، بانفجار المرفأ.
حيث أشار إلى الصلات القائمة بين رجال الأعمال السوريين جورج حسواتي، والشقيقين عماد ومدلل خوري، وشركة "سافورو" المسجلة في بريطانيا، والتي اشترت عام 2013 مادة "نترات الأمونيوم" التي هزّت بانفجارها العاصمة اللبنانية.
التحقيق أكد أن عناوين بعض الشركات التي يديرها حسواني وعماد خوري، هي نفس عنوان شركة "سافورو" التي اشترت شحنة الأمونيوم المذكورة، قبل انفجار مرفأ بيروت بقرابة 4 أشهر.
"علاقات وثيقة بضباط كبار في جهاز الأمن اللبناني"
في هذا الصدد، نقل موقع قناة "الحرة" الأمريكية عن مصادر مطلعة، قولها إن "رجل الأعمال جورج حسواني لديه علاقات وثيقة بضباط كبار في جهاز الأمن العام اللبناني".
فيما عُرف عن شركة "هيسكو" للهندسة والإنشاءات، المؤسَّسة عام 2005 والمملوكة لحسواني، توسُّطها باسم النظام لشراء النفط من تنظيم "داعش" في سوريا، إلا أنه تم حلّها بعد انفجار بيروت بنحو 3 أشهر، طبقاً لما جاء بالتحقيق التلفزيوني.
كان القضاء اللبناني قد تسلم، الثلاثاء 12 يناير/كانون الثاني 2021، من الإنتربول (منظمة الشرطة الجنائية الدولية) نسخة من النشرة الحمراء حول صاحب سفينة "الأمونيوم" إيغور غريشوسكين، وقبطان السفينة بوريس يوري بروكوشيف، والتاجر البرتغالي الجنسية جورج موريرا الذي اشترى نترات الأمونيوم.
مَن المالك الحقيقي لسفينة نترات الأمونيوم؟
لكن، تأكيداً للتباين حول هوية المالك الحقيقي للسفينة، قال تحقيق لموقع "أو سي سي آر بي" الاستقصائي، إن المالك الحقيقي لسفينة "روسوس" ليس غريشوسكين وإنما صاحب أسطول بحري قبرصي يتخفى وراء شركات وهمية ويدعى خرالامبوس مانولي.
والنشرة الحمراء التي يصدرها الإنتربول الدولي هي بمثابة طلب إلى الأجهزة الأمنية لإنفاذ القانون في كل أنحاء العالم، وذلك لتحديد مكان المتهم واعتقاله مؤقتاً في انتظار تسليمه أو اتخاذ إجراء قانوني مماثل من قِبل السلطة المحلية بأي دولة من الدول الأعضاء في المنظمة.
يشار إلى أن مسؤولين لبنانيين واجهوا اتهامات بالإهمال، وتم اعتقال بعض الموظفين بالمرفأ والجمارك في ما يتصل بالانفجار. ولا يزال أقارب الضحايا بانتظار نتائج التحقيق.
إلا أنه رغم مرور نحو خمسة أشهر على أحد أكبر الانفجارات غير النووية المسجلة، لا تزال هناك تساؤلات بلا إجابة، حول المادة الكيماوية التي انفجرت بعد تخزينها في مرفأ بيروت لسنوات.
جدير بالذكر أن انفجار المرفأ الذي وقع في 4 أغسطس/آب من عام 2020، تسبّب في مقتل نحو 200 شخص وأكثر من 6000 جريح، فضلاً عن أضرار مادية هائلة في الأبنية السكنية والمؤسسات التجارية.
انفجار المرفأ وقع في عنبر 12، الذي تقول السلطات اللبنانية إنه كان يحوي نحو 2750 طناً من مادة "نترات الأمونيوم" شديدة الانفجار، التي كانت مُصادَرة من سفينة ومُخزنة منذ عام 2014.