قالت مجلة Newsweek الأمريكية، إن وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية، التي تستعد لتنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن في غضون أسبوعين، ترى أن الأسبوع المقبل هو الأخطر بفارق كبير؛ إذ تتخوف من خطر إثارة العنف الذي يُحرّض عليه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب ويدعمه في العاصمة واشنطن.
فقد غرَّد ترامب بطريقة تُنذر بالسوء في يوم رأس السنة الجديدة: "أراكم في العاصمة"، في إشارة إلى إحصاء الكونغرس للأصوات الانتخابية يوم الأربعاء 6 يناير/كانون الثاني، ودعا موقع Trumpmarch.com إلى احتجاج "جامح" في 6 يناير/كانون الثاني 2021.
نتيجة لذلك، يعمل مكتب التحقيقات الفيدرالي بكدّ مع شرطة العاصمة خلف الكواليس لتحديد عدد مؤيدي ترامب الذين سيتدفقون إلى العاصمة، وما إذا كانوا يخططون للجوء إلى العنف. ويزداد هذا المسعى تعقيداً، وفقاً لمصادر رسمية معنية مباشرةً بالتخطيط الأمني وجمع المعلومات الاستخباراتية، بسبب احتمال اختيار قادة جمهوريين في الكونغرس سحب أو كبح شرطة العاصمة الأمريكية، وبسبب وزارة الداخلية التي أصبحت مسيسةً ومنحازة إلى دعم دونالد ترامب، وفقاً لمجلة Newsweek الأمريكية.
وتحدثت المجلة الأمريكية مع عشرات المشاركين من الكونغرس وقوى إنفاذ القانون والجيش والاستخبارات والأمن الداخلي في حفل تنصيب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية التاسع والخمسين. ولم يرغب أي منهم في التحدث بشكل رسمي عن خطط الطوارئ المحددة أو الموازنة الدقيقة المطلوبة في هذه المرحلة الانتقالية. ولم يُجب البيت الأبيض أو فريق بايدن الخاص بالتنصيب أو مقر القوات المشتركة بمنطقة العاصمة، المسؤولة عن الشق العسكري، على الاستفسارات.
وحُدد توقيت التنصيب الرسمي لهذا العام (15-24 يناير/كانون الثاني) بوصفه "حدثاً خاصاً للأمن القومي"، يجتذب استجابة أمنية قياسية ضخمة. لكن هذه المدة لا تشمل الأحد عشر يوماً القادمة. وفي الواقع، لا يأتي "تقييم مخاطر الحدث الخاص" الذي يقوده مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي يُعد منذ الشهر الماضي لحفل التنصيب، على أي ذكر للمحتجين حتى، ويقول إنه لا توجد "تهديدات محددة أو موثوقة".
هجوم سيبراني محتمل على حفل التنصيب
كذلك أشارت مجلة Newsweek الأمريكية إلى أن احتمالية وقوع هجوم سيبراني على أمن حفل التنصيب تُشكّل مصدر قلق خاص هذا العام. ففي يناير/كانون الثاني 2017، واجهت شرطة العاصمة اضطرابات متعددة في كاميرات المراقبة المختصة بمستوى الشارع، نتيجة للإصابة ببرمجيات ابتزازية. وخلص المركز الوطني لمكافحة الإرهاب إلى أن المتسللين اخترقوا 70% من الكاميرات في جميع أنحاء المدينة قبل ثمانية أيام من التنصيب الرئاسي؛ مما منع مراقبي الشرطة والأمن الفيدرالي من الوصول إلى مركز القيادة والتحكم في نظام المراقبة على مستوى المدينة.
ومع أنه من المتوقع أن يكون حفل تنصيب بايدن أصغر بكثير من الاحتفالات السابقة بسبب كوفيد-19، فإن عدد أفراد مكافحة الإرهاب والأمن المكلفين بهذه الوظيفة ظل مرتفعاً. فقد عُين أكثر من 5 آلاف ضابط من ضباط إنفاذ القانون الفيدرالي من أكثر من اثنتي عشرة وكالة في مختلف فرق عمل حفل التنصيب على أرض الواقع، وهي المسؤولة عن الاستعداد لكل شيء بدءاً من مواجهة "حدث مناخي" إلى إعداد مواقع بديلة، لضمان استمرارية الحكومة في حالة الحاجة إلى إجلاء الرئيس ونائب الرئيس القادمين.
تهديدات متشعبة هذا العام "للأمن القومي الأمريكي"
إذ تلفت مجلة Newsweek الأمريكية النظر إلى الطبيعة المتشعبة للتهديد هذا العام، حيث التهديدات التقليدية "للأمن القومي" من ناحية، والتهديدات الإضافية، تلك التي لم يواجهها المختصون في الكونغرس والسلطة التنفيذية من قبل، مثل العنف المحتمل.
فعلى صعيد الأمن القومي، تُشكّل التهديدات الإيرانية التي صدرت مؤخراً ضد ترامب رداً على اغتيال اللواء قاسم سليماني في يناير/كانون الثاني 2020، مصدر القلق الرئيسي. لذلك، فإن تحديد مجال محيط بوسط مدينة واشنطن، ثم مراقبة الجو والممرات المائية والفضاء الافتراضي حول مواقع التنصيب والمباني الحكومية هما الوظيفة رقم 1.
وطبقاً لصحيفة The Washington Post الأمريكية، يتمثل المحور الثاني للتهديدات في احتمالية تكوين المشاغبين المؤيدين لترامب والمعارضين للانتخابات "معسكراً مسلحاً" في مركز تسوق واشنطن. ووفقاً لمصادر تحدثت إلى مجلة Newsweek شريطة عدم الكشف عن هويتها، يتتبع مكتب التحقيقات الفيدرالي العديد من الجماعات اليمينية المتطرفة والميليشيات المسلحة، إضافة إلى مؤيدي ترامب العدوانيين، كجماعة Proud Boys، فهم يتجمعون في العاصمة.
من جهته، عبّر المدعي العام في مقاطعة كولومبيا، كارل راسين، لبرنامج التدوين الصوتي The Takeout، عن شعوره بالقلق من أن المحرضين من "اليمين المتطرف" والجماعات المتعصبة للبيض "سوف يختارون معاركهم وسيُحدثون أضراراً ويتلفون الممتلكات ثم يتصرفون بطريقة خطيرة للغاية".
كذلك أعرب أحد كبار الضباط العسكريين عن ثقته بجهود مكتب التحقيقات الفيدرالي والشرطة المحلية، لكنه أعرب عن قلقه من أن جهاز الأمن الأكبر قد يكون غير جاهز؛ بل وحتى ينظر في الاتجاه الخاطئ.