تزامناً مع تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران، بدأ آلاف الإيرانيين والعراقيين، اليوم الأحد 3 يناير/كانون الثاني 2020، في الاحتشاد ببعض الساحات في طهران وبغداد، إحياءً للذكرى الأولى لاغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، اللذين تم قتلهما بضربة جوية أمريكية قرب مطار بغداد مطلع العام الماضي.
حيث بدأت أعداد كبيرة من أنصار الفصائل الشيعية بالعراق في التوافد إلى ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، لإقامة مراسم التأبين، في ظل انتشار كثيف للقوات العسكرية والأمنية والاستخباراتية وقوات الحشد الشعبي (مقرب من إيران)، ووسط استنفار أمني غير مسبوق.
ومنذ ساعات الصباح الأولى، شهدت الشوارع المؤدية إلى ساحة التحرير تدفق المئات من المتظاهرين للمشاركة في التظاهرة التي ستنطلق في وقت لاحق من هذا اليوم.
كما شهدت مدينة كرمان الإيرانية استمرار توافد آلاف المتظاهرين للمشاركة في مراسم التأبين.
ورفع المتظاهرون صور المهندس وسليماني وشعارات تطالب بإخراج القوات الأمريكية من العراق، منددين بالولايات المتحدة وبعملية الاغتيال التي طالبوا بالرد عليها.
وتزامناً مع الحراك الميداني، كانت هناك تظاهرات افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي في إيران والعراق، حيث امتلأت العديد من الحسابات الإلكترونية بالتدوينات عن سليماني والمهندس، وتم نشر مقاطع مصورة تظهر تدفق آلاف المتظاهرين إلى ساحات طهران وبغداد.
فيما قالت قناة العالم الإيرانية إن مراسم الذكرى الأولى لاغتيال سليماني والمهندس تُقام هذا العام تحت عنوان "الشهادة والسيادة".
وكانت السلطات العراقية قد أعلنت اليوم الأحد عطلة رسمية، كما أغلقت مديرية المرور العامة الطرق والتقاطعات المؤدية لساحة التحرير ومنعت حركة السيارات فيها، وسمحت فقط بوصول المتظاهرين الذين من المتوقع أن يرفعوا صور المهندس وسليماني، ولافتات وأعلام العراق والفصائل المسلحة.
وعززت قوات الأمن العراقي تواجدها بمحيط جميع السفارات الأجنبية والمواقع الأمنية والعسكرية في بغداد، تحسباً لأي طارئ، طبقاً لما أوردته وكالة الأناضول.
الصدر يطالب باحترام أمن البعثات الدبلوماسية
وعشية الذكرى السنوية الأولى لاغتيال سليماني والمهندس، قال السياسي العراقي البارز وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إن قوى وجهات، لم يسمها، تريد جر العراق إلى تصعيد عسكري وأمني، مطالباً بضرورة احترام أمن البعثات الدبلوماسية في البلاد.
حيث قال الصدر، في تغريدة على "تويتر": "تريد بعض الجهات وبعض الدول إدخالنا في بوتقة التصعيد العسكري والأمني في العراق"، مخاطباً أنصاره: "يُمنع منعاً باتاً استعمال السلاح خارج نطاق الدولة، ويمنع استهداف أي من البعثات الدبلوماسية أيّاً كانت بل مطلقاً"، مشدّداً على أن "العراق وشعبه بحاجة للسلام والسيادة".
كما أعلن "حزب الله" العراقي، الأحد 3 يناير/كانون الثاني 2020، أن عناصره لا ينوون الدخول إلى السفارة الأمريكية في بغداد، خلال إحياء ذكرى اغتيال سليماني والمهندس.
إذ قال الأمين العام لكتائب "حزب الله"، أبو حسين الحميداوي، في بيان: "لن ندخل اليوم إلى سفارة الشر (السفارة الأمريكية)، ولن نطيح بهذه الحكومة (العراقية)، فما زال في الوقت متسع"، مضيفاً: "سلاحنا أكثر ضبطاً وتنظيماً من أرقى الجيوش والمؤسسات العسكرية على مر التاريخ، وهو أكثرها شرعية وعقلانية، وسيبقى بأيدينا، ولن نسمح لأحد أن يعبث بهذا السلاح".
وفي ذات السياق، دعا رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، اليوم الأحد 3 يناير/كانون الثاني 2020، إلى الالتزام بـ"أطر" الدولة لتجاوز صراع مدمر في المنطقة، مشيراً إلى أن "التصعيد الذي حذرنا منه كاد ولا زال أن يدخل العراق والمنطقة في صراع مدمر، يمكن تجاوزه بالتزام الحكمة وحماية سيادة البلد ومصالحه والتزام أطر الدولة".
العراق يحبس أنفاسه بالذكرى الأولى لاغتيال سليماني تحسباً لأي هجمات
يُشار إلى أنه في 3 يناير/كانون الثاني 2020، قُتل سليماني في غارة أمريكية بطائرة مسيرة، قرب مطار بغداد الدولي، حيث استهدفت سيارة كان يستقلها رفقة المهندس.
ومنذ عملية الاغتيال تُهدد الجماعات الشيعية المسلحة في العراق وكذلك إيران، بـ"الثأر" لسُليماني والمُهندس، ومع كل تهديد يتوقع العراقيون أن تكون العاصمة بغداد مسرحاً لردة الفعل الإيرانية.
ووسط تحذيرات أمريكية بالرد بقوة على أي هجوم يوقع ضحايا أمريكيين، تحدثت تقارير عن مخاوف من قيام فصائل عراقية مُقربة من إيران بشن هجمات على القوات والمصالح الأمريكية.
وكان مجهولون قد أطلقوا في 20 ديسمبر/كانون الأول 2020، 8 صواريخ على المنطقة الخضراء بالقرب من السفارة الأمريكية ببغداد، سقط معظمها على أبنية سكنية، فيما سقط أحد الصواريخ قرب حاجز أمني ما أدى إلى إصابة مجند، وفق بيان وزارة الدفاع العراقية.
واتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إيران بالوقوف وراء الهجوم، بينما نفت طهران صحة تلك الاتهامات.
فيما قالت السلطات العراقية لاحقاً إنها اعتقلت عنصراً "خارجاً عن القانون" تبين لاحقاً أنه ينتمي إلى فصيل "عصائب أهل الحق" المسلح المنضوي في "الحشد الشعبي" والمُقرب من إيران لـ"تورطه" بالهجوم الصاروخي.
وخلال الأسبوع الماضي، تعهد مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي، بـ"المواجهة" إن دعت الضرورة بعد انتشار عناصر مسلحة من "عصائب أهل الحق" (شيعية) في مناطق مختلفة من بغداد، احتجاجاً على عملية اعتقال أحد قادتها.
وقبل أيام، منحت الولايات المتحدة 30 سيارة مدرعة للجيش العراقي لتأمين المنطقة الخضراء وسفارتها وسط بغداد.
إيران تتحدث عن "فخ" إسرائيلي.. وتل أبيب تنفي
إلى ذلك، رفض مسؤول إسرائيلي، اليوم الأحد 3 يناير/كانون الثاني 2020، تصريح وزير الخارجية الإيراني بأن إسرائيل تحاول خداع الولايات المتحدة لشن حرب على إيران ووصفه بأنه "هراء".
حيث قال وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، لإذاعة كان العامة إن "إسرائيل هي التي تحتاج أن تكون في حالة تأهب تحسباً لضربة إيرانية محتملة في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال سليماني".
وكان محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، قد دعا ترامب، يوم السبت 2 يناير/كانون الثاني 2020، لتجنب ما وصفه بـ"فخ" إسرائيلي لإشعال الحرب بشن هجمات على القوات الأمريكية في العراق.
ظريف حذر ترامب على تويتر بقوله: "أحذر الفخ يا دونالد ترامب. أي ألعاب نارية ستأتي بنتائج عكسية خطيرة".