على وقع تطورات قضية مقتل الباحث والطالب الإيطالي جوليو ريجيني، أعلن الجيش المصري، اليوم الخميس 31 ديسمبر/كانون الأول 2020، تسلم فرقاطة بحرية إيطالية من أصل فرقاطتين تم التعاقد عليهما بين البلدين خلال الفترة الماضية.
حيث وصلت الفرقاطة الأولى من طراز فریم بيرجامیني، التى تم بناؤها بشركة فينكانتييرى الإيطالية، إلى قاعدة الإسكندرية البحرية (شمال).
ووفق بيان للقوات المسلحة المصرية، يأتي انضمام الفرقاطة الجديدة في إطار "دعم القدرة على تأمين الحدود وخطوط الملاحة البحرية، ومساندة وحماية القوات البرية بطول الساحل خلال العمليات الهجومية والدفاعية"، بحسب قوله.
والتعاقد على الفرقاطتين بين مصر وإيطاليا يعكس أيضاً "رؤية القيادة السياسية ودعمها القوي لدفع علاقات الشراكة والتعاون بين البلدين الصديقين في العديد من المجالات"، طبقاً لنص البيان.
وعن قدرات الفرقاطة البحرية، أوضح البيان، أنها تملك "قدرة على الإبحار لمسافة 6000 ميل بحري، وتتميز بمنظومات تسليح حديثة تمكنها من تنفيذ جميع المهام القتالية بالبحر".
وكانت وسائل إعلام إيطالية قد أعلنت، في يونيو/حزيران 2020، أن روما وافقت على بيع مدمرتين من نوع "فريم بيرجاميني" إلى مصر، بقيمة 1.2 مليار دولار أمريكي، الأمر الذي راه مراقبون بأنه يتعلق بقضية "ريجيني" التي تثير توتراً بين الدولتين.
روما ترفض غلق ملف ريجيني بمصر وتتعهد بكشف الحقيقة
وفي سياق متصل، رفضت وزارة الخارجية الإيطالية إغلاق النيابة المصرية العامة التحقيق في قضية مقتل ريجيني، متعهدة بكشف الحقيقة وحل القضية عبر القنوات الدبلوماسية الدولية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي.
الوزارة الإيطالية قالت، في بيان، مساء الأربعاء 30 ديسمبر/كانون الثاني، إن "ادعاءات النيابة العامة في مصر فيما يتعلق بمقتل ريجيني المأساوي غير مقبولة".
وبحسب وكالة "أكي" المحلية، عبّرت الخارجية الإيطالية عن أملها في قيام القاهرة بتقديم المعلومات الخاصة بالقضية، وأن تتعاون مع مكتب المدعي العام في روما بهدف الوصول إلى الحقيقة.
"محاولة مخزية أخرى للتضليل"
كما نقل موقع "italy24news" الإخباري، الخميس 31 ديسمبر/كانون الثاني 2020، عن ريكاردو نوري المتحدث باسم منظمة العفو الدولية في إيطاليا قوله إن "بيان النيابة العامة المصرية غير مقبول، ونأمل أن تتخذ الحكومة الإيطالية موقفاً منه".
فيما يرى النائب في البرلمان الأوروبي بيير فرانشيسكو ماجورينو أن تصريحات المدعي العام المصري الأخيرة حول قضية ريجيني ليست سوى "عمل عدائي وغير مقبول ضد إيطاليا ومكتب المدعي العام في روما، كما أنه يُشكّل إهانة للبرلمان الأوروبي"، بحسب الموقع نفسه.
وفي السياق، وصف النائب الإيطالي إيراسمو بالازوتو، رئيس اللجنة البرلمانية التي تحقق في مقتل ريجيني، البيان المصري المذكور بأنه "محاولة مخزية أخرى للتضليل، مطالباً الحكومة الإيطالية بطلب توضيح بهذا الخصوص.
"تصعيد مصري جديد"
وفي تصعيد جديد من جانب القاهرة، ورداً على المحاكمات الغيابية التي تعتزم روما إجراءها بحق أربعة ضباط كبار بأجهزة الأمن المصرية بتهم تتعلق بقتل الباحث والطالب الإيطالي، جوليو ريجيني، أغلقت السلطات المصرية مؤقتاً الملف لعدم معرفة الجاني، مُتهمة أطرافاً معادية للبلدين بالسعي لاستغلال الحادث، كما تقول.
وكانت النيابة الإيطالية، قد أعلنت منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول 2020، اشتباهها في 4 من الأمن المصري، بينهم ضابط بالمخابرات العامة، في قضية "ريجيني".
والأربعة المشتبه بهم الذين وردت أسماؤهم في بيان الادعاء الإيطالي هم الرائد شريف مجدي من المخابرات العامة، واللواء طارق صابر الرئيس السابق لجهاز الأمن الوطني، وعقيد الشرطة هشام حلمي، والعقيد آسر كمال رئيس مباحث مرافق القاهرة السابق.
وأمهل المدعون الضباط الأربعة 20 يوماً للرد على الاتهامات، وسيطلبون بعدها من القضاء الإيطالي توجيه اتهامات لهم.
فيما تحفظت النيابة المصرية على الاشتباه في عناصر أمنية، وتحدثت عن "تشكيل عصابي" بغرض السرقة يستخدم وثائق أمنية مزورة.
حقائق "صادمة"
كان رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي قد صرّح في 15 ديسمبر/كانون الأول 2020، بأن إجراءات المحاكمة في قضية اختفاء ومقتل ريجيني ستكشف حقائق "صادمة" على الأرجح.
ورداً على سؤال عما إذا كانت إيطاليا ستبحث سحب سفيرها من القاهرة مثلما طالب والدا ريجيني مراراً، قال كونتي إن الأولوية الآن هي للمحاكمة، لكن حكومته ستدرس هذا الخيار.
وفي مقابلة مع صحيفة لا ستامبا المحلية، قال كونتي إن "هذه القصة تثير الحزن في نفوسنا، لكن الآن سلطاتنا القضائية ستبدأ محاكمة… محاكمة حقيقية وجادة ويُعتد بها. هذه المحاكمة هي الوسيلة للوصول إلى الحقيقة التي من المتوقع مع الأسف أن تكون صادمة"، داعياً مصر إلى فعل المزيد، "وهي قادرة على ذلك".
ورغم العمل المشترك بين المحققين الإيطاليين والمصريين خلال الأعوام الماضية، فإن مصادر قضائية إيطالية قالت لرويترز العام الماضي، إن إيطاليا تشعر بالإحباط بسبب بطء وتيرة تطورات التحقيق في مصر وقررت المضي قدماً في مسار وحدها في محاولة لدفع الأمور للأمام.
جدير بالذكر أن روما تطالب الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على مسؤولين مصريين متورطين في قضية ريجيني، ومراجعة علاقاته مع القاهرة.
والإيطالي ريجيني (26 عاماً) هو طالب دراسات عليا في جامعة كامبريدج، وكان يجري بحثاً في القاهرة لنيل درجة الدكتوراه، ثم اختفى لتسعة أيام، وبعدها عثر على جثته وعليها آثار تعذيب، في فبراير/شباط 2016.
وعقب العثور على جثة ريجيني، توترت العلاقات بين القاهرة وروما بشكل حاد، خاصة في ظل اتهام وسائل إعلام إيطالية لأجهزة الأمن المصرية بالضلوع في تعذيبه وقتله، وهو ما نفته القاهرة مراراً.