تسبب جائحة فيروس كورونا التي انطلقت من مقاطعة ووهان الصينية في اعتقال مجموعة من الأشخاص الذين حاولوا نقل "حقيقة" ما يحصل بين الصينيين، من بينهم صحفيون ومحامون وأيضاً مواطنون عاديون، على غرار المحامية، تشانغ تشان، التي اعتقلت وأصبحت متهمة بنشر الأكاذيب.
صحيفة New York Times الأمريكية أشارت في تقريرها الجمعة 25 ديسمبر/كانون الأول 2020، أنه في أحد مقاطعها، أثناء الإغلاق في ووهان بسبب فيروس كورونا، صورت تشانغ تشان رواقاً بمستشفى تصطف فيه الأسرة المتحركة، بينما وُضع المرضى على خزانات الأوكسجين الزرقاء.
في آخر، ألقت نظرة على مركز صحي، وأشارت إلى أن رجلٍ يزعم أنه دفع تكلفة اختبار فيروس كورونا، رغم أن المقيمين بالمنطقة قيل لهم إن الاختبارات مجانية.
من محامية إلى صحافية تكشف حقيقة فيروس كورونا
في ذلك الوقت، كانت المحامية البالغة من العمر 37 عاماً، والتي تحولت من المحاماة إلى صحافة المواطن، تجسد نهم المواطن الصيني لمعلومات غير منقحة من الحكومة عن جائحة فيروس كورونا. والآن، صارت تشانغ رمزاً لجهود الحكومة لإنكار فشلها المبكر في التعامل مع الأزمة وترويج سردية انتصار على الفيروس.
توقفت تشانغ عن نشر مقاطعها فجأة في مايو/أيار، بعد عدة أشهر من التقارير التي أعدتها بنفسها. وكشفت الشرطة لاحقاً أنها قبضت على تشانغ، واتهمتها بنشر الأكاذيب. وستمثل أمام المحكمة يوم الإثنين، 28 ديسمبر/كانون الأول، في أول محاكمة علنية لشخصٍ سجل أحداث أزمة فيروس كورونا.
تشانغ مستمرة في تحدي السلطات من سجنها. وبعد وقتٍ قصير من اعتقالها، بدأت تشانغ إضراباً عن الطعام وفقاً لمحاميها. استنزفها الإضراب، لكنها رفضت تناول الطعام, أصرت على أن إضرابها احتجاجٌ على اعتقالها التعسفي.
فوضى الجائحة تسبب في تراخي بكين
كانت تشانغ ضمن موجة من الصحفيين والمهنيين والهواة الذين تدفقوا إلى ووهان بعد فرض الإغلاق بسبب فيروس كورونا في يناير/كانون الثاني. وقد انشغلت السلطات بمحاولة إدارة فوضى الجائحة، وتراخت إجراءات الرقابة الصارمة في الصين لفترة وجيزة. واستغل المراسلون هذه الفرجة لمشاركة حكايات السكان عن رعبهم وغضبهم.
في السابع من مارس/آذار، حين قال كبير مسؤولي الحزب الشيوعي في ووهان إن سكانها عليهم "تعلم الامتنان" ليعبروا عن شكرهم للحكومة على جهودها في مكافحة الوباء، سارت تشانغ في الشوارع تسأل المارة إن كانوا يشعرون بالامتنان.
قالت في نهاية مقطعها أمام الكاميرا: "هل الامتنان يمكن تعلمه؟ إن كان يمكن ذلك، لابد وأنه امتنان زائف. نحن بالغون. لسنا بحاجة إلى أن يعلمنا أحد".
كانت مقاطع تشانغ في الأغلب مهتزة وغير معدلة، وأحياناً تدور بضع ثوانٍ فقط. وكثيراً ما ظهرت فيها التحديات التي يواجهها المراسلون المستقلون في الصين بسبب القبضة الأمنية الخانقة للحزب. وقد تجاهلها العديد من سكان المنطقة أو طلبوا منها المغادرة، وإن تحدثوا كانوا يطلبون منها توجيه الكاميرا إلى أقدامهم.
المحامية تشانغ ليست الوحيدة
مُلاحقة تشانغ قضائياً تأتي ضمن حملة مستمرة من الحزب الشيوعي الصيني لتصوير تعامل الصين مع الجائحة باعتباره سلسلة من التحركات الحكيمة الناجحة التي اتخذتها الحكومة.
إذ قال محامي الصحفية الصينية، تشانغ زان، التي اعتُقلت بسبب تقاريرها عن تفشي وباء فيروس كورونا في مدينة ووهان، إن موكلته المضربة عن الطعام وُضعت في القيود وتتعرض للإطعام القسري عبر أنبوب تغذية، وذلك وفق ما نقلته صحيفة The Times البريطانية في تقرير لها، الجمعة 11 ديسمبر/كانون الأول.
اختفت الصحفية الصينية من ووهان في مايو/أيار الماضي، قبل أن يكتشف لاحقاً أنها معتقلة في شنغهاي، بتهمة "افتعال الخلافات وإثارة الاضطرابات"، وهي تهمة لا تنفك السلطات الصينية تستخدمها على نحو متزايد ضد النشطاء والمعارضين، وبناءً على تلك التهمة، قال ممثلو الادعاء أمام المحكمة الشهر الماضي، إنها ينبغي الحكم عليها بالسجن لأربع أو خمس سنوات.
كانت تشانغ، البالغة من العمر 37 عاماً، قد بدأت إضراباً عن الطعام في سبتمبر/أيلول الماضي احتجاجاً على احتجازها.
يقول محاميها تشانغ كيكي، بهذا الخصوص، إنه زارها يوم الثلاثاء 8 ديسمبر/كانون الأول، وإنها كانت مقيدةً بحزام مربوط حول خصرها لمنعها من تحريك يديها، وقد أخبرته أنها رُبطت بالحزام بعد أن حاولت مؤخراً نزع أنابيب التغذية التي أُدخلت قسراً في أنفها وفمها.
كما كتب المحامي عبر حسابٍ إلكتروني نقلت عنه المدونة الصينية لشبكة حقوق الإنسان، المعنية بكشف انتهاكات حقوق الإنسان في الصين، أن موكلته مجبرةٌ على ارتداء الحزام الذي يقيد حركتها 24 ساعة في اليوم وأنها تحتاج إلى المساعدة لمجرد الذهاب إلى الحمام.
قمع لإسكات الأفواه
من جانبها، قالت مجموعة "المدافعين الصينيين عن حقوق الإنسان"، الخميس 10 ديسمبر/كانون الأول، إن "الصحفية تشانغ زان واحدة من أربعة أفراد ألقت الشرطة الصينية القبضَ عليهم؛ على أثر منشورات وتعليقات بشأن فيروس كورونا، وقد حُرم الأربعة من أبسط حقوقهم الأساسية مثل التواصل مع محامٍ أو الحماية من التعذيب".
فيما تضم قائمة المنتقدين، الملياردير الصيني رِن زهيكيانغ، قطب العقارات الذي كتب منشوراً على الإنترنت في مارس/آذار الماضي، يقول فيه: "يعرف الصينيون أن وباء فيروس كورونا وكل هذه المعاناة التي جلبها علينا، رغم أنها لم تكن حتمية، سببها المباشر هو هذا النظام الذي يحظر بكل ما يملك حرية الصحافة والتعبير".
لكن رجل الأعمال الصيني ما لبث أن اختفى عن الأنظار، وفي سبتمبر/أيلول، أصدرت محكمة في بكين حكمها على رِن، البالغ من العمر 69 عاماً، بالسجن 18 عاماً بتهم الفساد والرشوة والاختلاس.