من المرتقب أن تبدأ إجراءات توقيع وتنفيذ الاتفاق التجاري لما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي أُبرم يوم الخميس 24 ديسمبر/كانون الأول 2020، وذلك خلال أيام قليلة، حيث نقلت وسائل إعلام فرنسية، الجمعة، عن دبلوماسي أوروبي، قوله إن رد فعل سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على النسخة غير النهائية من الاتفاق كان عادياً.
في حين قال الدبلوماسي الأوروبي إن رد الفعل لم تكن به فرحة، مضيفاً "لم تكن هناك فرحة كبيرة، لأن الطلاق ليس خبراً ساراً". وأوضح الدبلوماسي أن "الاتفاق الواقع في 1200 صفحة سيخضع للتدقيق بحلول الإثنين؛ لتحديد ما إذا كان ينطوي على مسائل خفية يمكن أن تثير مشاكل".
كذلك ومن المقرر أن يجتمع السفراء مجدداً الإثنين لإطلاق إجراءات التوقيع على الاتفاق من قِبل الدول الأعضاء، تمهيداً للمصادقة عليه من قِبل البرلمان الأوروبي.
الأوروبيون يستعدون لـ"بريكست" باعتماد اتفاق التجارة مع بريطانيا
في المقابل سيتعيّن على الدول الأعضاء الموافقة على النص والتوقيع عليه مساء الثلاثاء أو الأربعاء، كي يتسنّى نشره في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي الخميس، ما يتيح دخوله حيز التنفيذ في الأول من يناير/كانون الثاني 2021.
في المقابل، فقد هنأت إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، بريطانيا والاتحاد الأوروبي على اتفاق التجارة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قائلة إن واشنطن مستعدة لبناء "علاقات أقوى عبر الأطلسي".
جدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا قد توصلا، الخميس، إلى اتفاق تجاري لمرحلة ما بعد خروج المملكة من الاتحاد، عقب محاولات عديدة سابقة انتهت بالجمود. وجاء الاتفاق بين الجانبين قبل أسبوع واحد فقط من انتهاء الفترة المؤقتة لخروج بريطانيا "بريكست" نهائياً من التكتل الأوروبي، في 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
اتفاق بريكست جيد ومتوازن
من جانبها، قالت رئيسة المفوضة الأوروبية أورسولا فون دير لايين، في مؤتمر صحفي، الخميس، إن اتفاق بريكست "جيد ومتوازن ومنصف للطرفين"، واصفةً بريطانيا بـ"الشريك الموثوق"، بحسب ما نقلته وكالة أسوشيتد بريس الأمريكية.
بموجب الاتفاق سيزداد حجم الثروة السمكية التي يمكن للصيادين البريطانيين اصطيادها، بعدما كانت تخضع لقواعد الحصص الأوروبية، كما يضمن للطرفين استمرار حركة التجارة والبضائع دون تعريفات أو حصص، حسب المصدر ذاته.
في حين تعهَّد كبير المفاوضين في ملف بريكست عن الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه، خلال المؤتمر الصحفي، أن تقف بروكسل إلى جانب الصيّادين الأوروبيين بعد مغادرة بريطانيا التكتل.
فيما تبلغ عائدات مواطني الاتحاد الأوروبي من الصيد بالمياه البريطانية حوالي 650 مليون يورو، مقابل 110 ملايين يورو لصيادي بريطانيا من المياه الأوروبية.
وكانت المفاوضات بشأن اتفاق بريكست التجاري انتقلت منذ الإثنين الماضي، إلى رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
رسالة خفية من جانب بوريس جونسون
من جانبها قالت صحيفة The Guardian إن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون كان يرتدي ربطة عنق مزينة بأسماك، تحمل رسالة خفية عن واحدة من القضايا الرئيسية في المفاوضات المضنية الخاصة بالاتفاقية التجارية لانفصال بلاده عن الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وذلك خلال مؤتمره الصحفي عشية عيد الميلاد (الكريسماس).
كانت قضية الصيد البحري بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي تُمثل أشد القضايا الخلافية في المفاوضات بين الجانبين، وكادت تُهدد الاتفاق برمته. ورغم أنَّ صناعة الصيد لا تُسهِم إلا بـ0.1% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، فإنها أصبحت رمزاً لرغبة المصوتين في "استعادة السيطرة".
إذ اشترط الأوروبيون الحصول على تسوية لمسألة الصيد من أجل السماح للبريطانيين بالوصول من دون رسوم جمركية ولا حصص إلى سوقهم الموحد الضخم.
من جهته، قال باري دياس، رئيس الاتحاد الوطني لمنظمات الصيّادين في بريطانيا، إن رئيس الوزراء أخذ في الاعتبار أن منتجات الصيد غير معمرة، مضيفاً أن القطاع ستصيبه "خيبة أمل مريرة" من أن الصيّادين الأوروبيين لا يزال مسموحاً لهم بالدخول حتى 12 ميلاً (19.3 كيلومتر) من الساحل البريطاني.
وهذه ليست المرة الأولى خلال مفاوضات بريكست التي ترتدي فيها شخصيات عامة ملابس تحمل تعليقات على القضايا محل النظر.
اتفاق بريكست تجاوز الاتفاق مع كندا
من ناحية أخرى، ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، يوم الجمعة، أن اتفاق التجارة الذي توصلت إليه بريطانيا والاتحاد الأوروبي لمرحلة ما بعد انفصال الجانبين يتجاوز الاتفاق مع كندا، مستشهدة بما وصفته بنسخة كاملة من الاتفاق.
حيث قالت الهيئة إن الوثيقة المكونة من 1246 صفحة تتضمن حوالي 800 صفحة من الملاحق والهوامش، مضيفة أن صفحات النص القانوني ستحدد كل جانب من جوانب التجارة بين الطرفين.
كان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قد وصف يوم الخميس اتفاق اللحظة الأخيرة بأنه اتفاق تجارة حرة "ضخم"، على غرار ما تم بين الاتحاد الأوروبي وكندا، وحث بريطانيا على الخروج من الانقسامات الناجمة عن استفتاء الانفصال عن الاتحاد الأوروبي عام 2016.
كما أضاف تقرير بي.بي.سي أن أحد الملحقات كشف عن تسوية متأخرة بشأن السيارات الكهربائية. وعرض الاتحاد الأوروبي إعفاء كاملاً من الرسوم فقط لتلك السيارات البريطانية المصنوعة في الغالب من مكونات أوروبية. وقالت بي.بي.سي إن ذلك سيتم الآن على مراحل على مدى 6 سنوات، لكنه أقل سخاء مما طلبته بريطانيا.
كانت المفاوضات بشأن اتفاق بريكست التجاري انتقلت منذ الإثنين إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. والجمعة، قال دبلوماسي أوروبي إن الاتحاد يعتزم، الإثنين، البدء في إجراءات توقيع وتنفيذ الاتفاق.