في أعقاب رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، صوّت الكونغرس الأمريكي يوم الإثنين 21 ديسمبر/كانون الأول 2020 على اقتراح قانون يمنح الخرطوم حصانة من أيّ ملاحقة قضائية جديدة في الولايات المتحدة تتعلّق بهجمات إرهابية سابقة.
وينص اقتراح القانون على "إعادة الحصانة السيادية للسودان في أمريكا باستثناء القضايا التي ما زالت عالقة أمام القضاء الفيدرالي، والمتعلّقة بهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001″، وذلك رغم أن خبراء يقولون إنه من المستبعد أن يخسر السودان هذه القضايا.
ووفقاً لوكالة رويترز، كان لتوصيف السودان بأنه دولة راعية للإرهاب الساري منذ قرابة ثلاثة عقود تداعياته السلبية على الاقتصاد السوداني، وقيّد قدرته على تلقي المساعدات. وبالنسبة للمستثمرين يزيل قرار إعادة الحصانة السيادية قدراً آخر من المخاطر المالية.
ومنذ أشهر، يجري السودان محادثات مع الولايات المتحدة، وقد دفع تسوية تم التوصل إليها من خلال التفاوض قدرها 335 مليون دولار لضحايا هجمات تنظيم القاعدة على سفارتين أمريكيتين في شرق إفريقيا عام 1998، وذلك بعد أن أصدرت محاكم أمريكية أحكاماً بفرض تعويضات أكبر كثيراً عليه.
وكانت عملية صرف أموال التسوية وإعادة الحصانة السيادية للسودان، والتي تحميه من أي دعاوى أمام القضاء الأمريكي، قد تعطلت في الكونغرس الأمريكي لارتباطها بصفقة خاصة للتغلب على تداعيات فيروس كورونا والبالغة 892 مليار دولار.
ومساء يوم الإثنين، عقب مفاوضات مضنية، أقر الكونغرس الاتفاق الأوسع بعد التوصل لاتفاق في جلسة نادرة عقدت خلال العطلة الأسبوعية، وأُرسلت إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاعتمادها.
وبمقتضى القانون الجديد ستصدر واشنطن تفويضاً بدفع 111 مليون دولار لسداد جزء من دين ثنائي على السودان و120 مليون دولار للمساهمة في سداد ديون عليه لصندوق النقد الدولي، وفي الوقت نفسه ستتيح للسودان مساعدات قدرها 700 مليون دولار حتى سبتمبر/أيلول 2022.
وسيسمح للسودان بالحصول على قرض تكميلي أمريكي بتسوية متأخرات عليه للبنك الدولي قدرها مليار دولار، حسبما أعلن وزير المالية السوداني في الأسبوع الماضي.
الخرطوم ستصبح ملتزمة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل
من جهته، قال مصدر أمريكي مطلع على الأمر لوكالة رويترز، إن مساعدات الديون ستسهم في إطلاق عملية تخفيف أعباء الديون على السودان على مستوى عالمي، مما يساعد في تأهله لبرنامج الدول الفقيرة المثقلة بالديون بصندوق النقد الدولي.
وبإعادة الحصانة السيادية والمساعدات المالية ستصبح الخرطوم ملتزمة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهي خطوة وافقت عليها تحت ضغط الولايات المتحدة، بحسب المصدر الأمريكي المطلع.
وكانت وزارة العدل السودانية قد أعلنت خلال أكتوبر/تشرين الأول 2020، أن حكومة بلادها وقعت اتفاقية ثنائية مع الإدارة الأمريكية تقر منع رفع دعاوى مستقبلية ضد الخرطوم، والتأكيد على حصانتها السيادية.
جدير بالذكر أنه عقب إصدار مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسودان، في أكتوبر/تشرين الأول 2020، حول توصل الخرطوم وتل أبيب إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما، أعلن ترامب اعتزامه رفع اسم الخرطوم من قائمة ما تعتبرها واشنطن "دولاً راعية للإرهاب".
والسودان هو رابع دولة عربية بعد الإمارات والبحرين والمغرب تقوم بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل خلال الشهور الأخيرة من خلال اتفاقات تمت بوساطة أمريكية.
غير أن السلطات السودانية قالت إن القرار النهائي بخصوص قضية التطبيع سيصدره مجلس انتقالي لم يتشكل بعد.
وكانت الولايات المتحدة أدرجت السودان في قائمة الدول التي تعتبرها راعية للإرهاب في 1993 على أساس أن نظام الرئيس السابق عمر البشير يدعم جماعات تصفها بالمتطرفة.