كشفت صحيفة "Haaretz" العبرية أن بلديات إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تتعمد فصل أطفال المهاجرين اليهود الجدد إلى إسرائيل عن أقرانهم، إذ لا تسمح بتواجد طلاب "بيض" إسرائيليين مع مهاجرين "ملونين وسود" في نفس المدارس.
الصحيفة قالت في تقرير استقصائي، نشرته الجمعة 18 ديسمبر/كانون الأول 2020، إن بلدية تل أبيب-يافا الإسرائيلية تفصل الطلاب البيض الإسرائيليين عن أقرانهم من ذوي البشرة السوداء في رياض الأطفال والمدارس الابتدائية.
أشارت الصحيفة إلى أنها اكتشفت خلال التحقيق والمتابعة أن المدارس التي التحق بها مئات الطلاب من عائلات طالبي اللجوء والمهاجرين، محصورة فقط عليهم، بحيث لا يحضر فيها أي طلاب إسرائيليين آخرين سواهم.
تشير الصحيفة إلى أنه من بين 2433 طفلاً من أبناء عائلات طالبي اللجوء والمهاجرين في بلدية تل أبيب، فإن هناك 2228 طفلاً منهم يذهبون إلى مدارس ابتدائية مخصصة لأبناء المهاجرين الأجانب، في حين انضم 205 أطفال منهم فقط إلى غيرهم من الأطفال الإسرائيليين في سبع مدارس أخرى.
نوّهت الصحيفة كذلك إلى أنه على الرغم من أن غالبية طالبي اللجوء والمهاجرين في تل أبيب، يعيشون في الأحياء الجنوبية من المدينة، فإن عدداً كبيراً من تلك المدارس تقع في المنطقة الشمالية.
بسبب ذلك، أكدت الصحيفة أن بعض الطلاب يضطر إلى السفر أو المشي لمسافات طويلة للوصول إلى هذه المدارس، التي تعاني أيضاً الضعف في معاييرها التعليمية وتقع خارج منطقة التسجيل الخاصة بالطلاب، في حين أن المدارس من المفترض أن تكون مخصصة بناءً على قربها من مكان إقامة الطالب.
"تبرير لـ"العنصرية في إسرائيل
من جانبهم، قال مسؤولون في مدينة تل أبيب لصحيفة Haaretz إن "البلدية تحرص على تسجيل الطلاب حسب المنطقة الجغرافية وليس حسب لون البشرة".
ومع ذلك فإن تقرير الصحيفة أكد أن السجلات التي تم الحصول عليها من اجتماعات مسؤولي المدينة كشفت عن أن هؤلاء المسؤولين يرون الفصل العنصري بين الطلاب أمراً "ضرورياً".
كما أكد مسؤول إسرائيلي تحدث إلى صحيفة Haaretz، حقيقة أن الأمر ليس مصادفة وإنما قرار إداري، معللاً ذلك بأن "أطفال عائلات طالبي اللجوء لا يستطيع معظمهم القراءة أو الكتابة بالعبرية"، وبالتالي لا يستطيعون الانخراط في المجتمعات اليهودية بسهولة، قائلاً: "بعضهم يصل إلى الصف الثالث وهو لا يستطيع حمل القلم وكتابة اسمه بالعبرية".
يشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد صرّح في يناير/كانون الثاني 2018 بأن حكومته ستُجبر عشرات الآلاف من المهاجرين الأفارقة على المغادرة خلال الأشهر الثلاثة التالية مهدداً بإلقاء القبض على مَن يتبقى منهم، على أن تلتزم إسرائيل بدفع 5 آلاف دولار لكل طالب لجوء يغادر. ويوجد في إسرائيل نحو 38 ألف مهاجر، كثير منهم من إريتريا والسودان.
العنصرية في الجامعات الإسرائيلية
تقرير سابق للصحيفة كشفت فيه صعوبة اندماج الطلاب العرب مع الطلاب اليهود في الجامعات الإسرائيلية.
فقد وجدت دراسة شاملة -هي الأولى من نوعها- أُجريت على أكثر من 5 آلاف طالب يهودي وعربي من 12 مؤسسة أكاديمية مختلفة، أن العديد من العوائق تحول دون تعاون الطلاب اليهود مع العرب في دراساتهم.
الدراسة أجراها مركز aChord للسيكولوجيا الاجتماعية بالجامعة العبرية في القدس، وتناولت الدراسة الحافز لدى أعضاء المجموعات للتعاون في المشروعات الجماعية ومعرفة بعضهم بعضاً، وكذلك مسائل الأنماط العنصرية والإحساس بالانتماء في المؤسسات الأكاديمية عند اليهود والعرب.
تتزايد نسبة الطلاب العرب في المؤسسات الإسرائيلية للتعليم العالي تزايداً مستمراً في الأعوام الماضية، بل المجالات. في العام الأكاديمي الماضي، مثَّل العرب 18% من الطلاب في مرحلة ما قبل التخرج. وهذا يُساوي تقريباً نسبة العرب من إجمالي السكان ويُظهر زيادة في النسبة عن بداية العقد، حين كان الطلاب العرب 11% فقط. وفي الدراسات العليا، يمثل الطلاب العرب 15% من الطلاب. لكن العرب يمثلون 7% فقط من المرشحين لنيل درجة الدكتوراه، وهذا أقل بكثير من نسبة العرب من سكان إسرائيل.
رغم هذه الزيادة الكبيرة في الطلاب العرب بمؤسسات التعليم العالي، تشير هذه الدراسة إلى أن الطلاب اليهود والعرب نادراً ما يتعاون بعضهم مع بعض في دراساتهم، وأن حافزهم للتواصل اجتماعياً مع أقرانهم لم يزد كثيراً، على مدار الأعوام الماضية. وقال 15% فقط من اليهود إنهم غالباً ما يشاركون في مشروعات جماعية (مثل الأوراق البحثية في الندوات والمهام الأكاديمية الأخرى) مع طلاب عرب، بالمقارنة بـ60% قالوا إن التعاون قليل إلى منعدم. وكما هو متوقع نظراً إلى صغر أعدادهم، قال 37% من الطلاب العرب إنهم تعاونوا مع اليهود كثيراً، ومع ذلك قال ثلثهم إن التعاون مع الطلاب اليهود قليلٌ إلى منعدم.
الأستاذ إران هالبرين، مدير aChord، قال إن وجود الطلاب بعضهم إلى جانب بعض في الحرب شرط مهم لكنه غير كافٍ. ويكمل: "كنا نظن في الماضي أنك إذا وضعت أناساً من جماعات متنازعة في المكان نفسه، فستتحسن علاقتهم ببعضهم بمعجزة ما، لكن أبحاث السيكولوجيا الاجتماعية تكشف أن هذا ليس صحيحاً".