قالت صحيفة The Guardian البريطانية إن لجنة تحقيق مشكّلة من نواب بريطانيين خلُصت إلى أن احتجاز الأمير محمد بن نايف بالمخالفة للقانون الدولي يُضعف أمن المملكة والغرب، كاشفاً عن أن ولي العهد السابق للسعودية يعاني من وضع صحي صعب، وقد تعرض لانتهاكات كبيرة، منها الحبس الانفرادي لمدة 9 شهور.
كانت السلطات السعودية اعتقلت محمد بن نايف في مارس/آذار الماضي ضمن خطوات توطيد السلطة التي عمد إليها ولي العهد السعودي الحالي، محمد بن سلمان.
محمد بن نايف فقد مكانته ووزنه
على الجانب الآخر، تبيّن للجنة أنه منذ اعتقاله في مارس/آذار، فقد بن نايف قدراً كبيراً من وزنه، وأنه بات "يعاني آلاماً في مفاصله، خاصة ركبتيه، ما يجعل من الصعب عليه المشي بطريقة مريحة دون مساعدة، وهناك أدلة على حدوث ضرر في قدمه، ما يزيد من آلام المشي".
كما تقول اللجنة أن الأدلة المقدمة إليها تُبيّن "أنه لم يُتح له الطعن في قرار اعتقاله أمام قاضٍ مستقل ومحايد، ولا مُنح الحق في الوصول إلى محامٍ لمناقشة وضعه، ولم تخضع قضيته للمراجعة لتحديد ما إذا كان المناسب مواصلة اعتقاله أم لا". هذا بالإضافة إلى أنه لم يُسمح له بمقابلة أسرته أو طبيبه.
من جهة أخرى، أشار نواب اللجنة إلى أن بن نايف قد خرج مؤخراً من حبسه الانفرادي بعد تسعة أشهر قضاها هناك، لكنهم أضافوا أنه قد حُذر من أنه قد يُعاد إلى الحبس الانفرادي ما لم يوافق على الإفراج عن أموال للمملكة، وهو تهديد مزعوم وصفته اللجنة بأنه يشكّل نوعاً من الإكراه.
إضافة لذلك، يقول نواب اللجنة إنه من مصلحة المجتمع الدولي والسعودية نفسها أن تتصرف على نحو عاجل لإصلاح سجلها في حقوق الإنسان، حتى تتمكن من "الدفاع عن أفعالها وتفسيرها بطريقة لا تجعلها موضع تشويه كامل في المحكمة الأوسع نطاقاً للرأي العام العالمي".
اعتقال بن نايف يُضعف المملكة وأمن الغرب
كما يقول أعضاء اللجنة إن تقاعس السعودية عن الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان يُضعف المملكة وأمن الغرب.
من جانبها، رفضت السعودية التعاون مع عمل اللجنة، على الرغم من أن السفير السعودي في المملكة المتحدة عقد اجتماعاً غير رسمي مع رئيس اللجنة وناقشه في أغراضها.
في المقابل، وصفت اللجنة نقص التعاون معها من الجانب السعودي بأنه أمر مخيب للآمال بشدة.
هذا ومن المرجح أن ترفض السلطات السعودية تقريرَ اللجنة باعتباره محاولة مبنية على قناعات مسبقة نصّبت نفسها لتشويه سمعة المملكة وحكامها.
مع ذلك، فإن كريسبين بلانت، الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم والذي قاد عمل اللجنة المعنية بالتحقيق، يُنظر إليه بوجه عام على أنه حليف لدول الخليج، وقد سبق أن صارع بشدة للدفاع عن حق المملكة في تلقي أسلحة بريطانية لخوض الحرب في اليمن.
كما تلقت اللجنة التي تضم ممثلين عن مجموعة من الأحزاب المشورةَ القانونية بشأن قوانين حقوق الإنسان من مكتب المحاماة وسكرتير التحقيق، شركة Bindmans للمحاماة والاستشارات القانونية.
تبعات اعتقال المعارضين في السعودية
وفي ظل غياب أي تعاون من السلطات السعودية، عقدت اللجنة جلسة عرض للأدلة مع معارضين سعوديين بالدرجة الأولى، وتحدثت إلى مسؤولين كبار في الحكومة البريطانية، ومنظمات حقوقية، وعلى ما يبدو، إلى حلفاء مقربين من محمد بن نايف أيضاً.
علاوة على ذلك، يزعم التقرير أن اعتقال المعارضين السياسيين داءٌ مستوطن في البلاد، وهو أحد أسباب فشلها هذا العام في محاولتها للترشح في منصب تنفيذي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
على نحو آخر، فإن هناك تكهنات متزايدة بأن محمد بن نايف، وزير الداخلية السابق والحليف المقرب للاستخبارات الغربية، قد تُوجه إليه اتهامات رسمية للمحاكمة.
غير أن اللجنة أوصت أيضاً بأن أي محاولة من جانب السعودية لاستخدام الإنتربول لطلب المساعدة فيما يتعلق باعتقال مواطنيها الذين يعيشون في الخارج "يجب أن يخضع للفحص الدقيق والتشكيك الوقائي المسبق حتى يُمكن المصادقة على التزام الصكوك القانونية الأساسية لحقوق الإنسان الدولية وأن سلوك القمع المنهجي حيال مواطنيها قد توقف".
كما اقترحت اللجنة أن تقوم الدول الأعضاء في مجموعة السبع الدولية بتعليق اتفاقيات نقل السجناء ومعاهدات تسليم المجرمين الموقَّعة مع السعودية، ومراجعة اتفاقيات العدالة الجنائية في ضوء الأدلة المقدمة حول امتناع المملكة عن الوفاء بالتزاماتها القانونية الدولية الأساسية تجاه مواطنيها.
كذلك حثَّت اللجنة شركات التواصل اللاجتماعي على مقاومة حملات الترهيب العام من قبل الجهات الحكومية أو المجموعات الأخرى غير المخولة بصفة رسمية أو الأفراد الذين يبدو أنهم خاضعين للتنسيق مع جهات حكومية دون الإفصاح عن ذلك.