اعترف المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون سوريا في جلسة استماع أمام الكونغرس، الأربعاء 9 ديسمبر/كانون الأول 2020، بأن إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب ساهمت في دعم مانحين تابعين للحزب الجمهوري للحصول على صفقة نفط في شمال سوريا.
وفقاً لما نقله موقع Responsible Statecraft الأمريكي الأربعاء، فإن الإقرار الأخير جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جويل رايبورن، خلال جلسة عقدتها لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، حيث أكد أن شركة "دلتا كريسنت إنرجي" Delta Crescent Energy، وهي شركة مغمورة شارك في تأسيسها عددٌ من الأشخاص المعروفين بدعمهم وتبرعاتهم للحزب الجمهوري، حصلت على صفقة نفط في سوريا.
يشار إلى أن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أعلن لأول مرة في يوليو/تموز الماضي أن قوات يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة كانت قد منحت شركة أمريكية صفقةً "لتحديث حقول النفط" في مناطق شمال شرق سوريا التي تفرض القوات الأمريكية حمايتها عليها.
اتهامات لإدارة ترامب
بحسب الموقع، فقد اعترف ريبورن أيضاً بأن إدارة ترامب كانت قد دفعت بالفعل في اتجاه أن تحصل شركة "دلتا كريسنت إنرجي"، وليس أي شركة أخرى، على تصريح باستغلال النفط السوري في تلك المنطقة.
مع ذلك قال ريبورن مبرراً: "لم نضغط على أي شخص من أجل الصفقة، لكننا عقدنا اجتماعات مع أعضاء تلك الشركة والسلطات المحلية ورئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني".
كما أشار ريبورن أيضاً إلى أن وزارة الخارجية أصدرت "توجيهات السياسة الخارجية" حيال الأمر، لتمنح بعدها وزارة الخزانة الأمريكية شركةَ "دلتا كريسنت إنرجي" إعفاءً خاصاً من العقوبات المفروضة على أي تعامل مع النفط السوري.
كانت سلطات الحكم الذاتي التي يقودها الأكراد السوريون في شمال شرق سوريا، والتي تسيطر على حقول النفط بدعم من القوات الأمريكية، قد أبدت رغبتها في العمل مع عديد من الشركات الأجنبية.
لكن، وعلى الرغم من أن الأمريكيين يُحظر عليهم حالياً التعامل مع النفط السوري بموجب العقوبات الاقتصادية الأمريكية على سوريا، فإن شركة "دلتا كريسنت إنرجي" هي الشركة الوحيدة المعروفة بحصولها على إعفاء من تلك العقوبات من وزارة الخزانة الأمريكية.
في حين أنه من غير الواضح حتى الآن حجم العمل الذي أنجزته شركة "دلتا كريسنت إنرجي" في حقول النفط السورية، فإن الجنرال الكردي السوري مظلوم كوباني أخبر موقع Al Monitor الأمريكي الشهر الماضي أن المحادثات حول تصدير النفط السوري "تتقدم ببطء".
شركة "دلتا كريسنت إنرجي"؟
أما شركة "دلتا كريسنت إنرجي"، فهي شركة أمريكية تأسست على يد جيمس ريس، وهو مقاتل سابق في القوات الخاصة في الجيش الأمريكي، والدبلوماسي السابق جيمس كاين، والمدير التنفيذي السابق لشركة "جلف ساندز بتروليوم" جون بي دورير جونيور.
يشير الموقع إلى أن جيمس كاين، وهو ناشط جمهوري قديم خدم في اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري من عام 2003 إلى عام 2005، قد تبرع بما لا يقل عن 30,681 دولاراً لمناصرة الحزب الجمهوري منذ عام 2003، وفقاً لسجلات لجنة الانتخابات الفيدرالية.
وتبرع دورير أيضاً بمبلغ 6,947 دولاراً لمناصرة الحزب الجمهوري في مناسبات عديدة منذ عام 2016، ومنها تبرع بقيمة 500 دولار لحملة السيناتور غراهام في عام 2019.
أما جيمس ريس فيدير الآن شركة أمنية خاصة مثيرة للجدل تُدعى "تايجر سوان" TigerSwan، حيث برزت إلى العلن لأول مرة في عام 2016 عندما شاركت في قمع احتجاجات لأمريكيين أصليين ومنظمات بيئية ضد خط أنابيب للنفط في ولاية داكوتا الشمالية. والشركة نفسها متورّطة في مخطط رشوة مزعوم بولاية بنسلفانيا، وإن كانت تنكر ارتكاب أي مخالفات.
من جهة أخرى، تنشط شركة "تايجر سوان" أيضاً في سوريا، حيث ساعدت في حراسة عمليات إزالة للألغام بدعمٍ من الولايات المتحدة في مدينة الرقة، وفقاً لتقرير نشرته مجلة The New Yorker عام 2018، وهو الخبر الذي أقرت به وزارة الدفاع الأمريكية لكنها لم تستجب بعد لطلب قانون حرية المعلومات الذي قدمه مراسل الصحيفة في سبتمبر/أيلول للحصول على صورة العقد الذي وقعته الشركة.
اعتراف سابق
يُذكر أن غراهام وغيره من متشددي الحزب الجمهوري كانوا قد احتجوا لدى ترامب بحماية النفط لحثه على إرسال قوات أمريكية إلى سوريا "لتأمين النفط"، على خلاف قراره السابق بالانسحاب في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وقال غراهام في بيانٍ صدر في أكتوبر/تشرين الأول 2019: "عن طريق استمرار السيطرة الأمريكية على حقول النفط في سوريا، سنحرم [رئيس النظام السوري بشار الأسد] وإيران من مكاسب مالية هائلة. كما يمكننا استخدام بعض الإيرادات من مبيعات النفط المستقبلية لدفع تكاليف التزاماتنا العسكرية في سوريا".
من جانبها، أدانت حكومة بشار الأسد التقارير المتعلقة بالأنشطة النفطية الأمريكية ووصفتها بأنها مخطط لـ"سرقة نفط سوريا" و"اعتداء على سيادة سوريا".
ومع ذلك، جادل المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون سوريا أمام مجلس النواب الأمريكي الأربعاء بأن شركة "دلتا كريسنت إنرجي" موجودة في سوريا لصالح السكان المحليين.
وزعم ريبورن مدافعاً عن الشركة: "نحن ندعم محاولة النهوض بالاقتصاد في شمال شرق سوريا وتشغيله إلى أقصى حد ممكن في ظل ظروف الحرب الحالية. نحن نتحدث عن مجتمعات وقعت ضحية لتنظيم داعش".
على الجانب الآخر، فإن مؤسسي شركة "دلتا كرسينت إنرجي" أنفسهم قد لا يكونوا ينظرون إليها بنظرة على هذا القدر من الخيرية ودعم مصلحة الناس.
ولتوضيح رؤية الشركة لعملها في المنطقة، يمكن العودة إلى ما قاله مؤسسها جيمس ريس في أكتوبر/تشرين الأول 2019، موضحاً وقتها ما يجب أن تكون عليه استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من وجهة نظره: "نحن نمتلك الجزء الشرقي بأكمله من سوريا. إنه لنا. لا يمكننا التخلي عنه".